محمد غنيم

تيك أواى المعرفة.. موضة ثقافية مزيفة

السبت، 10 ديسمبر 2022 11:17 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل سمعت عن مصطلح التيك أواي، أظن أنك لا تستغرق بضع ثوانى وذهنك يرسلك إلى تلك الوجبات الجاهزة، التى تأكلها سريعا بعيدا عن المطعم، فى السيارة، أو جالسا على مقهى أو حتى على الكورنيش، قبل أن تقرر الإجابة، أعلم أنك تتساءل ما علاقة الأكل السريع بعنوان المقال وما وجه التشابه بين التك أواى كطعام والمعرفة والثقافة.
 
 دعنى أخبرك أن المصطلح لا يختلف كثيرا، فكلاهما تناول سريع يفقد الشخص لذة التذوق، فعند أهل الاختصاص عرف معنى "تيك اواي" بأنه أخذ الشيء بعيدا لتناوله مع عدم الالتزام بالجلوس بالمطعم لأكله أو شربه، وهى كلمة كثيرة الاستعمال فى المطاعم والكافيهات لوجبات سريعة سرعان ما تتغير أو تختفى تماما من قاموس الغذاء، وإن كانت أقرب بالموضة، فمثلما يوجد طعام سريع لا يستساغ طعمه ولا تظل حلاوته مرتبطة بالوجدان مثلما توجد ثقافة تيك اواى تترك معرفة مزيفة سرعان ما تختفى ويزول طعمها دون أثر يذكر فى الوجدان، وكأنها ظاهرة أقرب بالموضة التى سرعان ما تتبدل بعد أيام قليلة.
 
فما السر فى أن تحقق أغنية رواجا كبيرا أو أن تركب الترند كما يطلق عليها خبراء التكنولوجيا، وهى لا تمتلك مقومات الكلمات أو اللحن أو حتى الصوت أو الأداء، تعلق بالأذهان وتردد على الألسنة وسرعان ما تختفي، وتظهر وغيرها وتختفى أيضا، على الرغم من كلماتها المبتذلة، فالأمر لا يقتصر على الأغانى الهابطة فحسب، بل لحق قطار "التك أواي" أيضا بركب الرواية، فلو رجعنا إلى الخلف قليلا بداية من ٢٠١٧ حتى ٢٠٢٢ وحصرنا عدد الروايات الصادرة فى مصر فى تلك الفترة لفاق العدد عشرات الآلاف من الإصدارات، وعند تحليلك للمشهد لم يرسخ فى عقل القارئ إلا عنوان أو اثنين أو عدد من المؤلفين الذى لا يعد على أصابع اليد الواحدة.
 
وإذا رجع بنا الزمن للخلف عشر سنين تقريبا أو يزيد كانت الذائقة لكتابة الشعر وسرعان ما اختفت وظهرت الرواية مثلما يحدث الآن عندما مالت دفة المجداف إلى الكتابة فى التنمية البشرية، فكل هذه الصيحات من الموضة لا يخلف عنها سوى "تك أواى معرفي" أو ثقافة مزيفة، فالأمر لا يتوقف عن الأغانى والكتابة، فهناك شخصيات كانت ملء السمع والبصر، صورهم تطاردك صباحا ومساء فى أى مكان ولم تمكث أعمالهم فى الأرض وبذلك لن تخلد، فالقائمة طويلة لشخصيات لم يكونوا مبدعين برغم شهرتهم "التك اواي".. هل تتأمل هذه الشخصيات وتتساءل من منهم يمتلك إبداعا يخلده بعد مماته؟
متى سنظل عبيدا للترند فى السوشيال ميديا الذى يتحكم فيه حفنة من صناع الموضة؟ 
لا شك أنه بمرور الوقت تفضح الموضة الجهل ولا تبقى إلا المعرفة الناتجة من خلاصة أفكار المبدعين.
التذوق المعرفى والارتقاء الفكرى من وراء القصد.
 
 
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة