غدا تبدأ القمة الأمريكية الأفريقية الثانية فى العاصمة الأمريكية واشنطن، بعد ثمانى سنوات على انعقاد القمة الأولى فى أغسطس 2014، والتى دعا لها وقتها الرئيس الأسبق باراك أوباما، وتنعقد الدورة الثانية وسط كثير من التحديات والأزمات الدولية التى ألقت بظلالها على العالم ومنه أفريقيا، سواء فيروس كورونا، أو الحرب الروسية الأوكرانية، وهى أحداث أدت إلى تحولات فى الاقتصاد وألقت بظلالها فى صورة أزمة عالمية اقتصادية، تتعلق بتأمين الطاقة والغذاء، خاصة الأزمة الأخيرة التى كشفت عن عجز النظام العالمى عن مواجهة الأزمة، وإلقاء اللوم على طرفى الأزمة روسيا وأوكرانيا، وأيضا الدول الكبرى فى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.
بعد ثمانى سنوات دعا الرئيس جو بايدن، لعقد القمة الثانية، وسط شعور عالمى بتراجع الرهان على الإدارة الأمريكية، وحتى داخل أوروبا الحليف التقليدى للولايات المتحدة، واشنطن تنسحب من دور سابق كانت فيه أكثر اندماجا فى القضايا الدولية، بايدن أعرب عن تطلعه للعمل مع الحكومات الأفريقية والمجتمع المدنى وتجمعات المهجر فى الولايات المتحدة والقطاع الخاص من أجل مواصلة تعزيز الرؤية المشتركة بشأن مستقبل العلاقات الأمريكية الأفريقية، وأشارت نائبة الرئيس الأمريكى كاميلا هاريس، إلى الأهمية التى توليها واشنطن لتعزيز العلاقات مع الدول الأفريقية، والتزام أمريكا تجاه شركائها الأفارقة فى إطار من الاحترام المتبادل والمصالح والمبادئ المشتركة، باعتبار أفريقيا هى القارة الأسرع نموا فى العالم.
لكن هناك انتظار من أفريقيا وزعمائها فيما إذا كانت الولايات المتحدة، وهى تتحدث عن شراكات، تنظر إلى مطالب الدول الأفريقية فيما يتعلق بحقها فى التنمية والتقدم، والتحول ومواجهة تداعيات تغير المناخ والفقر، أو تظل واشنطن عند أجندة جامدة تتضمن أفكار تخطاها الزمن، فى ظل تحولات عالمية فى الاقتصاد تستدعى شراكات من نوع خاص، وتتجاوز القوالب الأمريكية التى تتجاهل أحيانا حجم وشكل ما تحقق فى العالم.
وزارة الخارجية الأمريكية، تقول حسب تقرير للزميل والصديق يوسف أيوب، فى «اليوم السابع»، إن القمة ستبنى على القيم المشتركة بين الجانبين من أجل تعزيز التزام اقتصادى جديد بين الجانبين، وهو وعد ينتظر أن ينعكس فى سياسات وتحركات عملية تلبى مطالب القارة فى التنمية العادلة، خاصة أن القارة السمراء تشهد منافسة دولية من قوى اقتصادية، الصين وروسيا وفرنسا ودول أوروبية، حيث تمثل أفريقيا فرصا استثمارية واقتصادية، لكنها فرص تقوم على قواعد الشراكة والتعاون، مثلما أعلن قادة أفريقيا على مدار السنوات الماضية، وأكد الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى فعاليات أفريقية أوروبية ودولية أن أفريقيا لها الحق فى تنمية مستقلة عادلة، تتناسب مع ما تملكه القارة من إمكانات.
وقبل أيام انعقدت القمة العربية الصينية، والتى تعكس حجم ما تحقق من تحولات فى العالم، وجرى الحديث عن بناء شراكات عادلة، تعالج مشكلات واختلالات النظام العالمى الحالى، ضمن التعاون والشراكة وبعيدا عن الصدامات، وتحقيق مصالح الأطراف ضمن نظام عالمى معقد.
فى القمة الأمريكية الأفريقية تراهن واشنطن على تعاون وشراكات مع أفريقيا، بينما دول القارة تحمل الكثير من المطالب لاختبار جدية الولايات المتحدة، فى شراكة حقيقية، لأن واشنطن تواجه نظرات شك حتى من داخل أوروبا الحليف التقليدى، وبالتالى ربما على إدارة الرئيس الأمريكى بايدن أن تقدم ما يمكن أن يعيد الثقة الأفريقية، وهو ما يتطلب تغييرا فى الخطاب الأمريكى، من الوصاية إلى الشراكة، فى عالم شهد وما زال تحولات عاصفة، تتطلب تعاونا وشراكة، مع مراعاة فروق التوقيت والتغيير.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة