عادل السنهورى

الكورة والسياسة.. كيسنجر في كأس العالم.. وفلسطين تكسب

الثلاثاء، 13 ديسمبر 2022 09:12 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

طاردت السياسة كرة القدم لتحقيق أغراضها وأهدافها، وطموحها.. ومنحت كرة القدم السياسة ما أرادته وما سعت من أجله.

العلاقة بين الدائرة المستديرة ولعبة الشيطان بدت منذ انتشار اللعبة على الساحة الدولية واعتبارها اللعبة الشعبية الأولى علاقة غرام إجباري. فقد فطنت السياسة إلى إغراء كرة القدم وغوايتها للشعوب وأهميتها للأنظمة الحاكمة بشقيها،  الديمقراطي والديكتاتوري.

كأس العالم الحالية والتي تنظمها الشقيقة قطر لأول مرة في بلد عربي وما أثير حولها من جدل تداخل فيها السياسي بالكروي وسقوط أقنعة كثيرة غربية تشدقت بحقوق الإنسان واحترام الآخر، وعدم التدخل في الشئون الداخلية والإخاء الإنساني، وثبت زيف تلك المقولات بعد الاستعلاء الغربي واستكثاره تنظيم دولة عربية لكأس العالم، ورسخت المقولة الشهيرة للروائي والشاعر البريطاني روديارد كبلنج (1865 - 1936)  بأن "الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيان".

 

في كل كأس عالم تتداخل السياسة.. لكن يبقى التدخل الأكثر سفورا ما حدث من هنري كيسنجر وزير الخارجية الأميركي الأشهر- مازال حيا يرزق- لدعم الانقلاب العسكري في الأرجنتين ضد حكومة السيدة إيزابيلا زوجة الرئيس السابق بيرون (الحكومة الشعبية) عام 76 لتحسين صورة الانقلاب وتلميعه أمام دول العالم رغم الاغتيالات والمذابح والاختفاء القسري لليساريين المعارضين، فيما عرف بإرهاب الدولة في ظل الحكم العسكري بقيادة  الجنرال جورجي فيديلا.

كيسنجر وظف كل الأوراق السياسية والنفوذ الأميركي لتنظيم الارجنتين لكأس العالم بل والفوز به – وهذا ما كشفت عنه الوثائق الأميركية لاحقا- ولم يجد أفضل من كرة القدم لتجميل صورة الانقلاب والدكتاتورية التي تدعمها واشنطن.

إنه عشق وسحر الدائرة المستديرة التي أنست العالم عام 78 مآسي الحكم العسكري للأرجنتين. ولم تكن صدفة أن تذاع مباريات هذا الكأس مباشرة عبر الأقمار الصناعية لكل دول العالم مجانا – الله يرحم الكابتن لطيف وحكاية الأقمار الصناعية التي أذهلت البسطاء أمثالنا في ذلك الوقت - وكان على منتخب الأرجنتين أن يحصل على كأس العالم "بأي شكل وبأي ثمن" كما وعد كيسنجر..! وفازت الأرجنتين  بكأس العالم بالفعل وحضر كيسنجر مراسم الفوز في المدرجات..!

في 82 أجمعت أوروبا والدول المتقدمة على منح أسبانيا تنظيم كأس العالم عقب وفاة الجنرال فرانكو في 1975، وتولى خوان كارلوس منصب ملك إسبانيا وقائد الدولة وفقا للقانون. والموافقة على الدستور الأسباني الجديد عام 1978 والانتقال للديمقراطية، وتحويل الكثير من سلطات الدولة إلى السلطات الإقليمية وتشكل التنظيم الداخلي على أساس الأقاليم ذاتية الحكم.. وأقيمت كأس العالم رغم المحاولات الانقلابية المستمرة للمتمردين والأوضاع السياسية غير المستقرة  لدعم الديمقراطية الجديدة  في أسبانيا.

وعندما أرادت جنوب افريقيا تنظيم كأس العالم لأول مرة في قارة أفريقيا كان الأسطورة التاريخية الأفريقية المناضل نيلسون مانديلا حاضرا وتقديرا له ولنضاله تم منح جنوب أفريقيا حق تنظيم كأس العالم عام 2010 .

العالم المتحضر الديمقراطي لم يصدق أن دولة عربية صغيرة مثل قطر سوف تنجح في التنظيم والإبهار وعندما حانت اللحظة، وأصبح الواقع مدهشا.. انهالت الاتهامات و" التلاكيك" – مثال ما فعله الفريق الألماني في مناصرة "المثلية" – والحرب الإعلامية السياسية ضد استضافة قطر للمونديال، حيث تعالت أصوات في الغرب لمقاطعة كأس العالم، مرة بحجة الدفاع عن حقوق العمال الأجانب ومرة آخري بحجة الدفاع عن حقوق المثليين.

هنا تتجلى فكرة عدم احتمال رؤية ومشاهدة دولة عربية تقدر وبامتياز تقريبا على تنظيم كأس العالم شاهده في المدرجات حتى الآن أكثر من 3 ملايين شخص.

وسط هذا النجاح المذهل حاولت إحدى القنوات التليفزيونية الإسرائيلية توظيف الحدث و"الاصطياد في المياة العكرة" وبأن "إحنا بقينا سمن على عسل وسلام وتطبيع". لكن كانت الصفعة من الجماهير الخليجية قبل المصرية والمغاربية بالرفض البائن ورددت هتافات فلسطين عربية.

وفشلت المحاولة اللئيمة وأعادت المدرجات العربية الروح من جديد لقضية العرب التاريخية.. لقد أرادوها لعبة سياسة، فكانت ركلة حاسمة من الجماهير وارتفعت أعلام فلسطين في المدرجات وتعانقت أعلام الجزائر مع المغرب وعلم مصر مع قطر والسعودية وباقي الدول العربية. وبدت كأس العالم في قطر في أبهى صورة للشعب العربي والروح العربية الواحدة خلف قصيته وتشجيعا لفريقه العربي المغربي.. أرادوها سياسة للتنغيص على العرب فجاء الرد سياسيا أيضا لكنه على طريقة الشعوب العربية..!.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة