تبدو معركة "الوعي"، هي الرهان الرئيسي لـ"الجمهوية الجديدة"، منذ انطلاقها، في عام 2014، حيث تمركزت رؤية الدولة المصرية حول تحقيق أكبر قدر من الشراكة مع المواطن، لتجاوز التحديات المتراكمة بعد سنوات الفوضى، وهو تجلى بوضوح فيما أسميته في مقالات سابقة بـ"إعادة هيكلة المفاهيم"، بدء من الحرب على الارهاب، والتي لم تقتصر على الجانب الأمني وإنما تزامنا معه بعدا توعويا لا يقل أهمية من شأنه تعريف القاعدة العريضة من المواطنين بمفاهيم الدين السمحة، من جانب، بالإضافة إلى التنمية، والتي طالما اقتصرت النظرة إليها كـ"أرقام صماء" تضاف إلى خانة معدلات النمو الاقتصادي، لتضاف لها أبعاد جديدة من "لحم ودم"، تعتمد على تحسين حياة المواطن عبر مبادرات استثنائية على غرار "حياة كريمة"، والاستدامة، عبر مشروعات عملاقة وضعت في الاعتبار البعد البيئي جنبا إلى جنب مع الأبعاد التنموية التقليدية، من جانب أخر، ناهيك عن التحرك على تنمية وعي المواطن في العديد من القضايا الأخرى، كالوباء والتغيرات المناخية وغيرها من الأزمات.
ويبقى الإعلام أداة مهمة في معركة الدولة المصرية لزيادة وعي المواطن بما يحيط به من أحداث وأزمات وتداعياتها، التي لا تقتصر على الداخل، وإنما تمتد إلى العديد من مناطق العالم، هو ما يستدعي وجود منصات إعلامية مؤثرة ونافذة، من شأنها توسيع رؤية المواطن، بحيث لا ينظر إلى الأوضاع في الداخل فقط، وإنما تقديم رؤية أكثر شمولا، تسمح له بعقد المقارنات بين ما يتحقق في داخل حدود الوطن، وما يشهده العالم، من أزمات ممتدة زمنيا ومتمددة جغرافيا.
ولعل الحديث عن المنصات الإعلامية، يدفعنا إلى الحديث عن قناة "القاهرة الإخبارية"، باعتبارها أحدث مواليد الإعلام المصري، والتي تمثل طفرة مهمة نحو تطوير الدور الذي يمكن أن تلعبه القنوات التلفزيونية والصحف، عبر الانطلاق من التلقين والتنظير إلى "الشراكة" الحقيقية، عبر تقديم الصورة الحقيقية للأوضاع الراهنة، سواء في الداخل أو الخارج.
ربما تبدو أهمية الدور الذي تلعبة "القاهرة الإخبارية"، في قدرتها منقطعة النظير على خوض المعركة في مواجهة دعاة الفوضى، الذين طالما سعوا للتقليل من شأن الإنجازات التي تتحقق على أرض الواقع، والتركيز على تداعيات الأزمات القائمة، والتي يعاني منها العالم بأسره، عبر سلاح "الترند"، من خلال تقديم صورة منقوصة، تفتقد شمولية الرؤية، في محاولة لتأليب الرأى العام، وهو ما سبق وأن نجحوا فيه في العديد من دول المنطقة خلال العقد الماضي، إبان ما يسمى بـ"الربيع العربي"، بسبب غياب مبدأ "الشراكة"، والإعلام المسؤول، والذى اعتاد الجرى، وراء ما تروجه صفحات "السوشيال ميديا" دون تدقيق فيمن وراءها أو الهدف الحقيقي منها، مما وضع الكثير منها على حافة الهاوية، بينما مازالت تعاني العديد منها جراء تداعيات تلك الحقبة حتى الآن.
وهنا تبدو استراتيجية الدولة المصرية في مجابهة الفوضي، وسلاحها القائم على "التريند"، عبر تنمية الوعي العام لدى المواطنين، في إطار من الشراكة، ليكون المواطن شريكا حقيقيا في مواجهة "تريندات" موجهة نحو الخراب والدمار، ويساهم بدور فعال في تقويضها، وليس خصما للدولة، كما كان الحال قبل سنوات، عندما نجحت مخططات دولية، في استخدام "السوشيال ميديا" في تأجيج الغضب الشعبي، عبر "شيطنة" الدولة، ووضعها في صورة "الخصم" للمواطن، دون تقديم حلول، وهو ما يعكس رغبة عارمة، ليس في مواجهة الأزمات، وإنما في تأجيجها وتفاقمها.
وهنا يمكننا القول بأن ميلاد "القاهرة الإخبارية"، في اللحظة الراهنة يحمل في طياته عبقرية، ذات أبعاد متنوعة، تخدم في أحد مسارتها رؤية الدولة القائمة على دعم مفهوم الشراكة مع المواطن، بينما في مسار أخر محاربة فوضى "التريند" بسلاح الوعي، ناهيك عن توقيت ظهورها المتزامن مع تحالف من الأزمات التي تضرب العالم بأسره، مما قد يفتح الباب أمام المواطنين باختلاف طبقاتهم لرؤية الصورة الكاملة بعيدا عن الشائعات والتزييف