تحمل القمة «الأمريكية الأفريقية» الكثير من المؤشرات، يتعلق بعضها بمطالب أفريقيا ودولها فى التنمية، ومواجهة تداعيات وانعكاسات الأزمات العالمية، وأيضا تحمل الكثير من الزوايا الخاصة بالعلاقات «المصرية الأمريكية»، اقتصاديا، وسياسيا. وهذه القمة لها أبعاد متعددة، حيث تمثل مناسبة لأن تطرح مصر أوراقها، فيما يتعلق بعلاقاتها الاستراتيجية مع أفريقيا ومسؤولية مصر القارية، وأيضا توضيح وتبادل وجهات النظر والحوارات مع الجانب الأمريكى فيما يتعلق بالعلاقات «المصرية الأمريكية».
لأن هذه الحوارات تتيح الفرصة لطرح الأسئلة، وتوضيح وجهات النظر فيما يتعلق بالقضايا المشتركة، وهناك الكثير من الأوراق المشتركة بين القاهرة وواشنطن، فيما يتعلق بالقضايا السياسية أو الاقتصادية، من منطلق موقع مصر، وعلاقاتها، ونفوذها الذى يقوم على الثقة والاحترام، بناء على ما تقدمه مصر من خطاب داعم للمسارات السياسية، وداع لتقليل الصراعات ودعم التفاهمات.
من هنا، فإن مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى قمة القادة، تحمل أبعادا سياسية واقتصادية على مستوى علاقة القاهرة بواشنطن، أو من حيث مضاعفة التقارب الأمريكى الأفريقى، فى ظل انعكاسات الأزمات العالمية ما بعد كورونا، أو بسبب الأزمة «الروسية الأوكرانية».
ومشاركة الرئيس بالقمة بعد أيام من انتهاء القمة العربية الصينية التى عقدت فى الرياض، وكانت مناسبة لإعلان طموحات الدول العربية فى التنمية، تأتى فى ظل تبنى سياسات منفتحة، والتمسك بوجهة نظر تدعو لتعاون أكبر، وتدخل لدعم المسارات السياسية، سواء فى الشرق الأوسط أو أفريقيا.
وحسب ما أعلنه السفير بسام راضى، المتحدث باسم الرئاسة، عن علاقات مصر بكل الأطراف الدولية، فإن هذا يأتى من أن «مصر لها علاقات صداقة مع جميع دول العالم، علاقات متوازنة أساسها الاحترام المتبادل والتعاون البناء والمصالح المشتركة، وعدم التدخل فى الشؤون الداخلية، وحتى فى الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، فإن مصر تربطها علاقات طيبة مع جميع أطراف الأزمة، سواء الأطراف المباشرة، «روسيا وأوكرانيا ودول الناتو»، أو غير المباشرة، «الدول الأوربية، والاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة».
وبالتالى فإن مصر تحرص على توسيع علاقاتها، فى ظل عالم تحكمه المصالح، لكن مصر تحرص على الدعوة لخفض التوترات، ومضاعفة التعاون، باعتبار أن عدم الاستقرار الإقليمى، أو السياسى، يتسبب فى صراعات وخسائر، بينما المسارات السياسية هى الحل للأزمات.
فيما يتعلق بالمطالب الأفريقية من الدول الكبرى، والولايات المتحدة الأمريكية، أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى، أهمية تطوير الشراكة بين أفريقيا وواشنطن، بما يساعد على إيجاد حلول ترفع عن شعوبنا عبء الأزمات المُتتالية، وتُسهم فى تأمين مستقبل أفضل لها، داعيا إلى تعاون عالمى لمواجهة الجوع باعتباره قضية دولية، بعد زيادة عدد من يعانون من ضعف الأمن الغذائى حول العالم إلى 800 مليون شخص، وأن أفريقيا - وحدها - تضم ثلث هذا الرقم.
ودعا الرئيس - خلال كلمته فى جلسة تعزيز الأمن الغذائى، وتعزيز النظم الغذائية، بالقمة «الأمريكية الأفريقية» - لمراعاة تأثير الأزمات الدولية على اقتصادات دولنا، لا سيما الدين الخارجى، وهو ما يفرض وضع آليات لتخفيف عبء الديون عبر الإعفاء أو المُبادلة أو السداد المُيسر، مع تكثيف الاستثمارات الزراعية الموجهة إلى أفريقيا لتطوير القدرات الإنتاجية والتخزينية لدولها عبر توطين التكنولوجيا الحديثة بشروط ميسرة، والحفاظ على انفتاح حركة التجارة العالمية، وأن توفر اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية إطارا لتعزيز التكامل بين دول القارة، داعيا الدول الكبرى للتعامل مع منظور المسؤولية لمواجهة أزمات الجوع فى العالم وأفريقيا بشكل خاص، من خلال مضاعفة التحرك نحو دعم الإنتاج الزراعى والتنمية.
هذا فيما يتعلق بمطالب أفريقيا، أما فيما يتعلق بالعلاقات «المصرية الأمريكية»، فقد التقى الرئيس - بواشنطن - وزراء الخارجية والدفاع، وأيضا مجتمع رجال الأعمال، وأعضاء بالكونجرس، وأطرافا من المراكز المؤثرة بصناعة القرار، وهى لقاءات مهمة، تتيح الفرصة لتقريب وجهات النظر، وتوضيح وجهة النظر المصرية بالملفات المختلفة، حيث تقدم مصر تجربتها فى التنمية، وتسهيل الاستثمار، ومسارات الإصلاح الاقتصادى، وخطوات تحسين بيئة الاستثمار وتشجيعه، ومواجهة الأزمات العالمية المتلاحقة، وما تحقق من نمو، وهذا هو ما دفع الشركات ورجال الأعمال والمستثمرين الأمريكيين للاطلاع على ما يتوافر من فرص، وإعلان نيتهم فى استغلال فرص الاستثمار بمصر.
الشاهد، أن اللقاءات والحوارات تتيح فرصا لعرض الأوراق والتفاعل، وتوضيح ما قد يكون غامضا من نقاط بين الطرفين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة