قالت مشيخة الأزهر الشريف أن عام 2022م، شهد نشاطا مكثفًا وجهودًا كبيرة من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، تجاه العديد من القضايا التي يتبناها الأزهر الشريف مجلس حكماء المسلمين وعلى رأسها قضية السلام والعيش المشترك، فكانت زيارة فضيلته التاريخية إلى البحرين هذا العام محط أنظار العالم شرقًا وغربًا بدعوة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين، لزيارة المملكة والمشاركة في ملتقى البحرين للحوار «الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني» يومي الخميس والجمعة 3و4 نوفمبر، وحضور قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكيَّة، ونحو 200 شخصية من رموز وقادة وممثلي الأديان حول العالم بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من المفكرين والإعلاميين البارزين.
وقد شهدت هذه الزيارة التي استغرقت أربعة أيام العديد من اللقاءات والفعاليات والنشاط المكثف من أجل تحقيق الحوار والتواصل وإرساء قيم العيش المشترك، وقد عُقد هذا الملتقى العالمي بتنظيم من مجلس حكماء المسلمين، والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في مملكة البحرين، ومركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي، في إطار حرص مملكة البحرين وتوجهها الاستراتيجي لمد جـسـور الحـوار بـيـن قـادة الأديان والمذاهب ورمـوز الفكر والثقافة والإعلام، وذلك بالتعاون الدائم مـع الأزهـر الشـريف والكنيسة الكاثوليكيَّـة ومجلس حكماء المسلمين وعددٍ من المؤسسات الدوليَّة المعنيَّة بالحوار والتعايش الإنساني والتسامح.
وناقشت محاور المؤتمر في جلسته الرئيسة والختامية و4 جلسات فرعية تجارِب تعزيز التعايش العالمي والأخوة الإنسانية، والحوار والتعايش السلمي (إعلان البحرين نموذجًا)، ودور رجال وعلماء الأديان في معالجة تحديات العصر: التغير المناخي وأزمة الغذاء العالمي، وحوار الأديان وتحقيق السِّلم العالمي (وثيقة الأخوة الإنسانية نموذجًا).
*ملتقى البحرين للحوار.. محطة مهمة في حوار الشرق والغرب*
على مدار يومين، شهدت العاصمة البحرينية المنامة ملتقى البحرين للحوار «الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني»، بمشاركات مهمة لعدد من كبار القيادة الدينيين من مختلف الأديان والأعراق من حول العالم.
وقد ناقش المشاركون في اليوم الأول من الملتقى أهمية الحوار بين الأديان، وجهود مجلس حكماء المسلمين والفاتيكان في مشاركة المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في تنظيم هذا الملتقى الذي يعزز التعايش السلمي، وما يقوم به شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان من جهود جعلتهما من صناع السلام ورموز التسامح والأخوة الإنسانية في العالم، ونماذج رائدة في العمل المخلص.
وأكد المشاركون أن الحوار بين الأديان أمر مهم جدا لكل الدول والبشر في العالم الذي يمر حاليا بفترة صعبة، وأن هذا اللقاء يعد امتدادًا للقاء الأخوة الإنسانية الذي احتضنته أبو ظبي عام 2019م، لأن السلام الحقيقي لا يتحقق بقوة السلاح وإنما بالمحبة والأخوة الإنسانية، وأن التطبيق الأمثل لمبادئ السلام وتعزيز التواصل الثقافي والتبادل الحضاري في ظل التحديات التي تواجه الإنسان هو أمر ضروري لمنع حدوث النزاعات وبخاصة التي تثيرها الجماعات المتطرفة، مع تبادل الخيرات والتجارب الإنسانية الملهمة في هذا الإطار.
كما أشاد المشاركون بحضور فضيلة الإمام الأكبر وقداسة البابا فرنسيس، في "ملتقى البحرين للحوار، وأن ذلك دليل على ارتباط هذا الملتقى بوثيقة "الأخوّة الإنسانيّة"، التي وقعاها سويا في أبوظبي في العام 2019، وأن العالم بحاجة لتوحيد الجهود لإيجاد طريقة للخروج من الوضع الحالي، والعمل على سد الثغرات الموجودة في سفينتنا المشتركة، واختيار البحرين لانعقاد هذا الملتقى. هي تتمتع بالتنوع الثقافي والديني يعد خطوة مهمة وفي وقتها لتبادل الأفكار والرؤى وطرح المناقشات مما يجعله مثال حي لتعزيز التعايش العالمي وتجسيد معاني الأخوة الإنسانية.
*الملك والإمام والبابا.. قمة عالمية في طريق الأخوة الإنسانية*
تابع العالم أجواء اللقاء التاريخي الذي شارك فيها الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين، وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين، وقداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكيَّة، في صرح الشهيد بقصر الصخير الملكي بالبحرين، حيث أطلقت دعوات عالمية مهمة من هذا اللقاء التاريخي.
وقد عدَّ ملك البحرين هذا اليوم يوما مشهودا وحدثا بارزا، لكون أهدافه السامية تتفق مع ما تسعى إليه البحرين من خير للبشرية ورفعتها، مؤكدا الدور المؤثر للقيادات الدينية وأصحاب الفكر وأصحاب الاختصاص في معالجة مختلف التحديات التي تواجهها المجتمعات لمزيد من السلام والاستقرار، وأن الملتقى شهد مشاركة صفوة من الشرق والغرب، الذين رهنوا أنفسهم لخدمة الإنسانية والعمل من أجل رفعتها واتحدوا قولا وعملا لإعلاء قيم السلام والتعارف المتبادل والتعاون على البر والتقوى، وأن المملكة تنطر إلى مخرجات الملتقى بعين التفاؤل وكثير من الأمل كخير دليل لتقوية مسيرة الأخوة الإنسانية التي هي بحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى إلى إحياء سبل التفاهم والتقارب.
وأطلق شيخ الأزهر رئيس مجلس حكماء المسلمين دعوة عالمية من أجل الحوار الإسلامي- الإسلامي بين علماء السنة والشيعة، وهو ما حظي بصدى عالمي وترحيب كبير بهذه الدعوة التاريخية، كما دعا إلى وقف الحرب الروسية الأوكرانية والجلوس إلى مائدة الحوار و المفاوضات، مؤكدا أن الشرق والغرب بحاجة لبعضهما بعضا ويجب ألا نيأس من أن تستعيد العلاقات بين الطرفين صحتها، وأن وثيقة الأخوة الإنسانية قدمت نموذجا للحوار وسلطت الضوء على أهمية العلاقة بين الشرق والغرب، مشيرا إلى أن سبب المآسي التي تشهدها بعض دول العالم هو غياب ضوابط العدالة الاجتماعية.
وحذر بابا الفاتيكان من العنف واللجوء إلى السلاح حول العالم، وأعرب عن أهمية اختيار طريق اللقاء والحوار بين الشرق والغرب وليس طريق المواجهة، مؤكدا أن وثيقة الأخوة الإنسانية تضع أسس الحوار والتقارب من أجل مصلحة البشرية.
*الاجتماع الدوري السادس عشر لمجلس حكماء المسلمين على أرض البحرين*
كما عقد مجلس حكماء المسلمين خلال رحلة الإمام الطيب إلى البحرين اجتماعه الدوري السادس عشر في قصر الصخير الملكي برئاسة شيخ الأزهر ولأول مرة حضور بابا الفاتيكان للمرة الأولى وكبار رجال الكنيسة الكاثوليكية، تحت عنوان «الحوار بين الأديان وتحدِّيات القرن الواحد والعشرين»، كما تناول الاجتماع الجهود المستقبلية المشتركة بين مجلس حكماء المسلمين والكنيس الكاثوليكية، ودور المجلس في دعم وإرساء قيم الإخاء الإنساني ونشاطه المكثف في هذا الشأن في ظل ما يشهده العالم من صراعات تحتاج تدخل صوت الحكمة لإنهائها وبسط روح الأخوة والسلام بين البشر.
وأكد شيخ الأزهر أن اجتماع حكماء المسلمين ورموز الكنيسة الكاثوليكيَّة شعاع نور يبعث الأمل في ظل التحديات العالمية المعاصرة، وأن العالم العربي يسعد بمشاركة الكنيسة الكاثوليكية في مسيرة الأخوة الإنسانية، وقد حذر رئيس مجلس حكماء المسلمين في كلمته من دعوات الانفلات الأخلاقي ونشر ظاهرة الشذوذ والجنس الثالث على مجتمعاتنا، من انتشار الشذوذ الجنسي تحت لافتة الحرية وحقوق الإنسان والحداثة والتنوير، وأن معظم الشرور في العالم انبعاثات حتمية لأزمة الأخلاق والإلحاد وإقصاء الدين.
من جانبه، رأى البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكيَّة، أن الشرور الاجتماعيّة والدولية والاقتصادية والشخصية، وكذلك الأزمة البيئية والمأساوية، تأتي من ابتعاد البشر عن الله وعن الآخر، لذلك فإن مهمة رموز وقادة الأديان الأساسية هي المساعدة في إعادة اكتشاف مصادر الحياة المنسية، وإعادة البشرية إلى الاستقاء من الحكمة القديمة وتقريب المؤمنين من الله والناس الذين من أجلهم خلق الله الأرض، مؤكدا أن صحراء البشرية بدون الأخوة الإنسانية ستبقى «قاحلة»، منتقدًا استخدام القوة والعنف وتجارة الأسلحة من أجل حصد الأموال الطائلة.
*لقاءات مع القيادات والشباب.. نقاشات من أجل التعاون والعمل المشترك*
عقد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، خلال زيارة إلى البحرين عددًا من اللقاءات المهمة مع قيادات بحرينية وعالمية وشباب الجامعات البحرينية، وذلك في إطار التنسيق والتعاون والعمل المشترك مع المؤسسات والهيئات العالمية الفاعلة في مجال السلام والحوار، وكذلك القيادات البحرينية في وزارات والهيئات من أجل بحث سبل التعاون المشترك، مع لقاء الشباب والاستماع إلى أفكارهم وتطلعاتهم والإجابة على تساؤلاتهم.
وفي لقاءات متعددة، عقد فضيلة الإمام الأكبر لقاء مع الرئيس رستم مينيخانوف، رئيس جمهورية تتارستان، ومع الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش بالإمارات، وآخر مع قداسة البطريرك برثلماوس الأول، البطريرك المسكوني، رئيس أساقفة القسطنطينية، وقد وجه رئيس البرلمان الدولي دوراتي باتشيكو، دعوة رسمية إلى شيخ الأزهر لحضور وإلقاء كلمة في افتتاح فعاليات أعمال الجمعية العامة القادمة للبرلمان في مارس المقبل.
كما التقى شيخ الأزهر وفد رؤساء وعمداء وأساتذة الجامعات البحرينية برئاسة ماجد بن علي النعيمي، وزير التربية والتعليم البحريني، وكذلك الشيخ خالد بن علي آل خليفة، نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء البحريني، والدكتور رمزان بن عبد الله النعيمي.
وعقد شيخ الأزهر لقاء مهمًّا مع المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالبحرين، ضم عددًا من الرموز الدينية بالمملكة، لبحث تطبيق دعوته للحوار بين علماء المسلمين من السنة والشيعة، وأن هذا الحوار يعد ضرورة حتمية لإبطال مخططات الفتنة والشقاق، وأهمية دور العلماء باعتبارهم حماة الأمة ومسؤوليتهم مضاعفة أمام الله وإمام ضمائرهم.
وقد أشاد أعضاء المجلس بدعوة الإمام الأكبر لحوار إسلامي- إسلامي، وحرصهم على التعاون مع الأزهر ومجلس حكماء المسلمين لتنفيذ مبادرات تحفظ للأمة عقيدتها وهويتها، وأن مسألة التقريب بين المسلمين من أفضل الأعمال وأنجحها.
كما أجرى شيخ الأزهر حوارًا مفتوحًا ما الشباب البحريني وشباب «صناع السلام» بالبحرين، وأشاد فضيلته بما رآه منهم من حماسة وشغف نحو العمل والاجتهاد وتحصيل العلم النافع والرأي المعتدل، موجها فضيلته مجموعة من الرسائل والنصائح للشباب الذي أعربوا عن سعادتهم بهذا اللقاء الذي جدد لديهم الأمل ودفعهم لمواصلة المذاكرة والاجتهاد والعمل.
*شيخ الأزهر البابا فرنسيس.. لقاء الأخوة الإنسانية يتجدد في البحرين*
وعلى أرض البحرين، تجدد اللقاء بين فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، رئيس مجلس حكماء المسلمين، وقداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، في إطار زيارتهما إلى المملكة لزيارة البلاد والمشاركة في ملتقى البحرين للحوار "الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني".
وأعرب فضيلة الإمام الأكبر عن تقديره لأخيه البابا فرنسيس، واللقاء مجددًا في إطار العلاقات الأخوية بينهما، وسعيهما معًا لإحلال وإرساء قيم السلام والعيش المشترك وقبول الآخر، مؤكدًا أنَّ وثيقة الأخوة الإنسانية، وأعرب البابا فرنسيس عن تقديره لجهود الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين برئاسة الإمام الطيب في دعم وتشجيع الحوار بين أتباع الأديان ونشر ثقافة الأخوة الإنسانية وتعزيز السلام العالمي.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة