التاريخ المصرى القديم مليء بالحكايات والأسرار التي لا تكشفها إلا القطع الأثرية القديمة والتي يتم العثور عليها ما بين الحين والآخر، لأنه من الصعب أن يرصد أحد تلك التفاصيل التي تمتد على مدار قرون طويلة سجلت بعضها على جدران المعابد في زمن الكتابة المصرية القديمة وأخرى لم تسجل بعد، ولكن تكشفها كنوز أثرية تخرج من باطن الأرض.
وبسبب ذلك نستعرض تاريخ الحضارة القديمة من خلال سلسلة متتالية لاستعراض ذلك التاريخ القديم، عبر موسوعة "مصر القديمة" لسليم حسن، وتحت عنوان "الدول القديمة.. ملوك الأسرة الثانية"، يقول إن أول ملوك هذه الأسرة هو الملك «حتب سخموي»، وقد عثر له على تمثال راكع من الجرانيت مكتوب على كتفه أسماء ثلاثة ملوك، وفي عهده حدث انفجار أرضي في جهة تل بسطة مات بسببه خلق كثير، ومن المحتمل أنه زلزال وقع هناك لقرب المكان من منطقة أبي زعبل البركانية.
وخلفه على العرش الملك «نب-رع (كاكاو)»، والظاهر أنه دفن في سقارة؛ إذ عثر على أختام له تشير إلى ذلك، وقد ذكر المؤرخ المصرى «مانيتون» أن «كاكاو» هذا قد دعا إلى عبادة العجل «أبيس» في منف والعجل «منفيس» في عين شمس، وعبادة الكبش في منديس، وذلك مما يدل على أن هذه الأسرة كانت متصلة بالسكان الأصليين، ويحتمل أنها أعادت عبادة الحيوان التي كانت في البلاد قديما، وقد عثر على إناء باسم هذا الملك في معبد «منكاورع» من ملوك الأسرة الرابعة.
وخلف هذا الملك على عرش مصر الفرعون «نتر-إن»، وقد عثر لهذا الفرعون على بعض آثار قليلة منها إناء للملك «نب-رع» أخذه «نتر-إن» لنفسه لغسيله اليومي، وقد عثر في منطقة الجيزة على مقبرة كبرية وجد فيها خمسة أنواع مختلفة من الأختام لهذا الملك، وفي عام 1938 عثرت مصلحة الآثار على جبانة تحت الأرض في سقارة يرجع تاريخها إلى الأسرة الثانية، وقد عثر فيها على بعض أوان عليها سدادات مختومة باسم هذا الملك، وقد ذكر اسمه كذلك على حجر بلرم، ونستخلص من النقوش أنه حكم أكثر من 35 عامًا من غير شك، وقد ذكر أنه بنى قصرا وأحضر عجل «أبيس» في العام السادس من حكمه، وآخر في العام الرابع عشر، وقد ذكر «مانيتون» أن هذا الفرعون أمر بأن الملك يمكن أن تتولاه أنثى، وربما كان ذلك من العادات التي كانت مندثرة ثم أعيدت ثانية.
وكذلك نشاهد في عهده انتظام الاحتفال بالأعياد وبخاصة عيد «حور» الذي كان يعد الإله الحامي للمملكة، وعيد «سوكر» لأنه إله جبانة منف، هذا إلى أن عملية الإحصاء قد أخذت صبغة منظمة فكانت تعمل كل عامين.
وفي عهد خلفه «بر-إب-سن» حدث انقلاب عظيم، وذلك أنه أعاد عاصمة الملك ثانية إلى «العرابة»، وغير اسمه الحوري الذي كان يعد أقدم لقب للفرعون، إلى اسم الإله "ست"، وهذا الحادث فريد في التاريخ المصرى.
ولا بد أن المك كان قصده في ذلك كما ظهر على خاتم أحد موظفيه أن إله أمبوس قد أعطى حكم القطرين إلى ابنه «بر-إب-سن»، أي إن الإله «ست» الذي حكم الوجه القبلي قبل أتباع «حور» هو الذي ولاه على البلاد وليس الإله «حور»، كما تؤكد ذلك التقاليد الفرعونية في مصر، وقد دفن الفرعون «بر-إب-سن» في «العرابة»، وقد بقيت عبادته محفوظة في سقارة إلى الأسرة الرابعة بجانب الفرعون «سنزي» الذي لا نعرف عنه شيئًا.
وقد ختمت هذه الأسرة بالملك «خع-سخموي» ولم يبق من آثاره إلا بعض أختام، وهي التي بها أمكننا أن نعرف سياسته الدينية، ومعنى اسمه (الاثنان القويان)؛ أي الإله «حور» والإله «ست» (رمز لتاج مصر المزدوج) ولكن الألقاب التي وجدت على هذه الأختام قد جاءت برهانًا ساطعًا على المقصود من انتخابه هذا الاسم، وتفسير ذلك أن الفرعون «بر-إب-سن» قد غير اسمه الحوري باسم «ست» ولكن الفرعون "خع-سخموي"، رجع إلى السياسة الحورية دون أن يتخلى عن سياسة «ست» فجعل لقبه الحوري الذي كان يوضع على وجهة القصر يجمع بين «حور» و«ست» معا، غير أننا لا نعرف نتيجة هذه السياسة لقلة المصادر لدينا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة