أكرم القصاص - علا الشافعي

بيشوى رمزى

"دوائر التمكين" و"ذوي الهمم".. وتناغم رؤية مصر بين الداخل والخارج

الخميس، 29 ديسمبر 2022 03:13 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

حالة من التكامل والانسجام، بين السياسات التي تتبناها الدولة المصرية، تعكس بجلاء وضوح المنهج، والهدف الذى تسعى إليه، سواء في الداخل أو الخارج، في إطار متكامل من الشراكة، والاندماج بين كافة أطراف المعادلة الاجتماعية، أو السياسية أو على المستوى الدولي، عبر استكشاف الإمكانات المتاحة، ومن ثم تطويرها، للاستفادة بها انطلاقا نحو التنمية، وهو ما يبدو في العديد من الخطوات، التي خرجت من إطار الاهتمام التقليدى، القائم على وضع الخطط، نحو الطابع المؤسساتي، الذي يمثل ترجمة فعلية، لتوسيع دور الدولة، بحيث لا يقتصر على فئات بعينها دوليا أو محليا، وإنما يبقى ممتدا في مختلف الدوائر المحيطة، في إطار مجابهة التحديات والأزمات، ذات الأبعاد العميقة من حيث تداعياتها.

ففي الوقت الذي اتسمت فيه الدبلوماسية المصرية بتمددها وتوسعها، لتتجاوز النطاق الإقليمي الضيق، نحو أفاق دولية أكبر، عبر توسيع دوائرها، في إطار ما أسميته استكشاف "النقاط الميتة"، في دوائر مصر الدبلوماسية، والتي اعتمدت في الماضي نهجا قاصرا على محدودية التحالفات، عبر الدوران في فلك القوى الدولية الكبرى، من خلال تحقيق طفرات كبيرة في العلاقات مع محيطها القارى، والانطلاق نحو أوروبا من بوابة الشراكة مع اليونان وقبرص في مجال الغاز، ثم مع تحالف "فيشجراد"، في الجانب الشرقي من القارة العجوز، نجد أن ثمة نهجا منسجما في الداخل، يعتمد توسيع ما يمكننا تسميته بـ"دوائر التمكين"، عبر تحويل كافة الفئات المهمشة إلى أطراف فاعلة ومشاركة في العملية التنموية.

فلو نظرنا إلى النهج الذي تتبناه الدولة المصرية، في إطار توسيع "دوائر التمكين"، نجد أن ثمة نهجا متدرجا، اعتمد خطوات منسجمة، وشاملة، تحولت من مجرد مشروعات وأفكار "على الورق"، إلى منظومات تحمل طابعا مؤسسيا، من شأنها تقديم الدعم إلى الفئات المستهدفة، ليس بالمنظور القديم، وإنما من خلال تأهيلهم للقيام بدور أكبر في عملية البناء القائمة، ليتحول مفهوم "الدعم"، في جوهره، من مساعدة تقدمها الحكومة، للفئات الضعيفة، إلى مفهوم أكثر اتساعا، يقوم على "الحماية"، من أزمات الحاضر، مع تعزيز قدراتهم لمواجهة المستقبل وما قد يحمله من مستجدات.

النموذج الأبرز في هذا الإطار، يتجسد في "ذوي الهمم"، حيث انطلقت الدولة، في التعامل معهم من الجانب النظري عبر تعميم الوصف (ذوى الهمم)، وهو ما يضفي انطباعا عن قدرات كامنة في تلك الفئة من المواطنين، مما يؤهلهم لخدمة الوطن، ليحل محل مصطلحات أخرى، اعتاد المجتمع على استخدامها، تحمل في طياتها انتقاصا من إمكاناتهم، بينما تلى الجانب النظري، خطوات تشريعية من شأنها تغليظ العقوبات على المتنمرين، مع كفالة حقوقهم في السكن والانتقال وممارسة الحقوق السياسية، وتوفير دخل ثابت، لتتحول بعد ذلك نحو مبادرة "قادرون باختلاف"، والتي تحظى باهتمام كبير من رأس الدولة، ليس في صورة الاحتفالية السنوية فقط، والتي يحرص على حضورها الرئيس عبد الفتاح السيسي، سنويا، وإنما في العديد من المبادرات التي من شأنها دمجهم في "دوائر التمكين" للاستفادة مما يتمتعون به من قدرات خاصة تؤهلهم للقيام بدور أكبر في العملية التنموية بمختلف صورها ومجالاتها.

ولعل مبادرة "قادرون باختلاف"، تحقق ارتباطا كبيرا مع غيرها من الخطوات التي اتخذتها الدولة المصرية، في عهد "الجمهورية الجديدة"، على غرار "حياة كريمة"، والتي دفعت حياة ألاف البشر من العشوائية نحو مستقبل أفضل، والاهتمام بالشباب، وتفعيل دورهم، خاصة إذا ما وضعنا في الاعتبار أن نسبة كبيرة من "ذوى الهمم"، في مراحل سنية مبكرة، وهو ما ينطبق على الاهتمام الكبير بالمرأة، مما يخلق حالة من التناغم بين مختلف الخطوات التي تتخذها الدولة في إطار توسيع "دوائر التمكين"، فيتحول المجتمع إلى "بوتقة" تنصهر بداخلها كافة الفئات.

وهنا يمكننا القول بأن "دوائر التمكين" في رؤية الدولة المصرية هي بمثابة الوجه الآخر، للتوسع في "الدوائر الدبلوماسية"، حيث ترتكز في الأساس على حشد الفئات المهمشة، سواء دوليا أو إقليميا، لتحويلهم إلى أطراف فاعلة في المجتمع الدولي، في ظل أزمات العالم الجديد، بينما تعتمد نهجا مشابها في الداخل، يقوم على الانتصار للمستضعفين في المجتمع، ليصبحوا أحد أهم أدواتها في معركتها التنموية.

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة