أكد نائب المدير العام للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية اللواء محمد إبراهيم الدويرى أن مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، فى القمة العربية الصينية الأولى - التى تعقد اليوم، الجمعة، بالمملكة العربية السعودية، تحت عنوان "التعاون والتنمية"- تمنحها زخما قويا.
وقال اللواء الدويري - في تصريح خاص لوكالة أنباء الشرق الاوسط - إن هذا الزخم الواضح يأتي فى ظل عدة عوامل أهمها التميز الكبير في العلاقات المصرية الصينية بكافة المجالات السياسية والاقتصادية وغيرها من المجالات، وفى نفس الوقت التميز الواضح في العلاقات المصرية السعودية والتطور الملحوظ في العلاقات الثنائية التي تربط بين الدولتين وذلك في إطار أن كلا من مصر والسعودية هما بالفعل ركيزتا الاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط.
وأضاف أن مشاركة الرئيس السيسي في هذه القمة تتماشى بصورة تامة مع الاستراتيجية التي تتبناها القيادة السياسية المصرية بشأن ضرورة دعم العمل العربي الجماعي على المستويات المختلفة حتى تكون هناك قوة عربية لها وضعيتها على المستوى الدولي وتكون قادرة على التأثير في مجريات الأحداث والتطورات الدولية خاصة في ظل ما تملكه هذه الدول من قدرات اقتصادية وبشرية متفردة، "ولعل أبرز مثال على ذلك تلك القدرات العربية في مجال الطاقة التي ازدادت أهميتها في ظل أزمة الطاقة التي يعاني منها العالم حاليا".
ولفت، في هذا المجال، إلى حرص القيادة المصرية أيضا على تبني سياسات متوازنة تجاه كافة القوى الدولية المؤثرة والتأكيد على أن أية تحالفات سواء كانت على المستوى العربي أو على المستوى الدولي يجب أن تراعي في الأساس المصالح الاقتصادية وذلك على قاعدة الشراكة الاستراتيجية وليس على قاعدة الانحياز لطرف على حساب الآخر وهذا هو ما يمنح التحركات المصرية قوة وتأثيرا على كافة المستويات.
ونوه إلى أن لقاء القمة الثنائي الذي عقد بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس الصيني شي جين بينغ، أمس الخميس، جاء ليؤكد عمق العلاقات الإستراتيجية بين الدولتين وحرص كل منهما على تطوير هذه العلاقات التي شهدت العديد من الخطوات الإيجابية خلال السنوات الأخيرة.. مشيرا في هذا الشأن إلى أن التبادل التجاري بين الجانبين وصل إلى حوالي 20 مليار دولار خلال العام الماضي إضافة إلى الحجم الكبير للاستثمارات الصينية في مصر والتي تبلغ قيمتها تقريبا حوالي ربع مليار دولار، فضلا عن حرص مصر على الاستفادة من الصين في مجالات نقل التكنولوجيا وتوطين الصناعة وتطوير البنية الأساسية.
كما شدد اللواء محمد إبراهيم على أن القمة العربية الصينية تكتسب أهميتها من كونها القمة الأولى التي تتم بين الجانبين على هذا المستوى القيادي الرفيع، بالإضافة إلى أنها تعقد في ظروف استثنائية فرضتها الأحداث التي يمر بها العالم منذ فترة ومن بينها تأثيرات جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية وما أدت إليه هذه الأحداث من ضرورة قيام الأطراف المختلفة بإعادة حساباتها والنظر في التحالفات التي تحقق لها مصالحها خاصة في المجال الاقتصادي الذي تأثر بشكل كبير من جراء هذه الأحداث.
أما فيما يتعلق بالصين، أكد أهمية الإشارة إلى أنها تمثل القوة الاقتصادية الثانية في العالم وتتصاعد قوتها بشكل مضطرد وأصبحت تمثل المستورد الأول للنفط العربي وشريكا تجاريا رئيسيا للدول العربية حيث وصل حجم هذا التبادل إلى حوالى 330 مليار دولار إضافة إلى الاستثمارات الصينية في الدول العربية التي بلغت خلال العام الماضي حوالى 200 مليار دولار، مذكرا في الوقت ذاته بأن 19 دولة عربية، وقعت على الانضمام إلى مبادرة الحزام والطريق الصينية.
وقال: "وقد حرصت الصين في ظل قيادة الرئيس جى شين بينج، على دعم علاقاتها مع الدول العربية ولاسيما في المجال الإقتصادي والتجاري والسعي لتوسع حجم الاستثمارات المتبادلة بعيدا - حتى الآن - عن مبدأ الاستقطابات السياسية وذلك بهدف تحقيق مزيد من الدعم للإقتصاد الصيني الذي من المؤكد أنه تأثر أيضا بالتطورات السلبية الأخيرة التي شهدها المجتمع الدولي ومن ثم كان أحد الأهداف الرئيسية للقيادة الصينية الحالية التوجه بقوة دفع أكبر نحو العالم العربي وهو أمر وإن كان ليس بجديد بصفة عامة إلا أنه بدأ يأخذ أبعادا اقتصادية أكثر عمقا وانفتاحا وسوف نشهد مزيدا من التصاعد في هذا التوجه خلال المرحلة المقبلة".
وأوضح أن هذه القمة سوف تكون لها تأثيراتها الإيجابية على العلاقات الاقتصادية بين الصين والدول العربية وبالتالي سوف تعود هذه الإيجابيات بدورها على الاقتصاد المصري المنفتح على العالم والذي يهدف إلى جذب الاستثمارات الأجنبية وتقديم كافة التسهيلات الممكنة التي توفر المناخ الملائم للمستثمرين، متوقعا أن تشهد العلاقات الثنائية بين مصر والصين تطورا ملحوظا خلال الفترة القادمة، "وهو ما أكدته نتائج لقاء القمة الذي عقد بين الرئيس السيسي ونظيره الصيني".
وأضاف اللواء محمد ابراهيم :"من الضروري أن أشير إلى أن القمة العربية الصينية لن تكون على حساب العلاقات العربية الأمريكية التي من المؤكد أنها علاقات استراتيجية تم بناؤها على فترات زمنية طويلة وعلى أسس ثابتة وقوية والدليل على ذلك أنه كانت هناك قمة عربية أمريكية في الرياض منذ أسابيع قليلة".
ونوه في الوقت ذاته إلى أنه من حق الدول العربية أن تبحث عن مصالحها وتعقد التحالفات التي تراها مناسبة في إطار سياسات التوازن في العلاقات مع القوى المختلفة والاستقلالية في القرار، مختتما "وهذه هى المعادلة التي تحرص عليها مصر والدول العربية، وفي رأيي أننا بدأنا نرى كتلة عربية مؤثرة في العالم وأتمنى أن تستمر وتزداد قوة حتى تكون قادرة على حل القضايا الإقليمية التي تهدد استقرار المنطقة".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة