على أحد المقاعد المخصصة للاستراحات جلس رجل فى العقد السابع من عمره، يبدو عليه التعب بعد جولة مشى طويلة انتهت قبل قليل، داخل إحدى قاعات معرض الكتاب، بجانبه جلست زوجته "تطبطب" على يده كى تخفف عليه الأرق، وكى تطمئن عليه، لحظات وجاء "طفطف" نقل الزوار، أمام قاعة رقم 4، ما أن توقف حتى وجدت الرجل وزوجته يسرعان نحوه "يلا علشان نلحق نروح قاعة 1".
هكذا هو معرض القاهرة الدولى للكتاب، أجوائه دائما تتخطى كونه سوق مفتوح لبيع الكتاب، أو اعتباره مهرجانا قرائيا ضخما، بل ينتقل لأجواء احتفالية "كرنفالية" بصبغة شعبية تملؤها مشاعر "الضحك واللعب والجد والحب والثقافة" تميزه عن غيره من كافة المهرجانات الدولية فى العالم.
الدورة الثالثة والخمسين من معرض القاهرة الدولى للكتاب التى تقام للعام الرابع على التوالى بمركز مصر للمعارض الدولية بعد نقله من مقره التاريخى بأرض المعارض بمدينة نصر، وتحت شعار "هوية مصر.. الثقافة وسؤال المستقبل" جاءت معبرة تماما عن الهوية المصرية والتركيبة الحضارية الفريدة التى تمتاز بها المحروسة، ليس هذا بالشعار أو الإصدارات فقط، ولكن بالحالة التى ظهر بها المعرض هذا العام.
المصريون فى معرض الكتاب
الأسر المصرية حولت فكرة معرض الكتاب من مجرد سوق كبير لشراء الكتب، إلى "فسحة" تجتمع فيها الأسرة للاستمتاع بالأجواء المبهجة التى يوفرها المعرض لزواره من مسارح موسيقية وعروض ترفيهية للسيرك والاستعراضات الشعبية، المصريون بمختلف معتقداتهم الدينية انتمائاتهم الفكرية، كل الفئات العمرية والاجتماعية، الجميع هنا يأتى مختلفا ليجتمع فى القاهرة.
أسر
ملتقى الشعوب والثقافات
على مدار التاريخ المصرى كان انفتاح مصر على الثقافات الأخرى شىء لافت، فكانت المحروسة ولازالت جاذبة لكل من هو غريب، لكنه ما تطأ قدمه أرضه يصبح واحد من أهلها، ومعرض القاهرة الدولى للكتاب أصبح ملتقى للعديد من الثقافات والشعوب، فلا تكاد تنتهى من قاعة لتنتقل لأخرى لترى زائرين من كافة أجناس العالم، الآسيويون والأفارقة إلى جانب الأوروبيون هنا من أجل شراء الكتب والتمتع بالأجواء الشتوية الساحرة فى القاهرة.
الترفيه والتعلم
أجواء معرض القاهرة الدولى للكتاب، ليست جافة "كتب، ندوات ثقافية وفكرية (مقعرة)" لكنه ملتقى للبهجة، فى كل ركن من أركان المعرض تجد مظهر من مظاهر السعادة، الأطفال يلعبون ويتثقفون، وفى معرض كتاب الطفل الذى تم تخصيص قاعة كاملة له كل وسائل التعلم والتثقيف والترفيه مجتمعة، وكأنه قاعدة لبناء وتأسيس جيل جديد وعى بعيد عن طريقة الحفظ والتلقين.
معرض القاهرة للكتاب
تكنولوجيا حديثة من أجل اتصال الأجيال
بأحدث التقنيات التكنولوجية الحديثة، يظهر معرض الكتاب فى دورته الجديدة، رقمنة وتحول تكنولوجى وتقنيات حديثة، هى اللافت الأكبر فى دورة هذا العام، لكن الفكرة ربما لم تأتى من أجل استعراض لهذه الإمكانيات فقط، لكنها جاءت كوسيلة لاتصال الأجيال، فأجيال كاملة لم تستطيع حضور الكاتب الكبير يحيى حقى "شخصية العام" فى الدورة الحالية من معرض الكتاب، تستطيع الآن مشاهدته والاستماع إلى أفكاره من خلال تقنية الهولوجرام، كذلك جاءت معبرة عن طرق التقلين الثقافى الجديدة، فأصبحت قصص الأديب الكبير عبد التواب يوسف يمكن مشاهدتها عبر نظارات vr، ليكون الأدباء الكبار والرموز الفكرية الكبيرة حاضرة وتستطيع الأجيال الجديدة الإطلاع على أفكارهم وكأنهم حاضرون بيننا لا يغيبون.
مشاهدة المباراة
إدارة واعية وتنظيم رائع
كل الأمثلة وهى جزء بسيط من معالم معرض القاهرة الدولى للكتاب، تعبر عن وجود تخطيط واع من الإدارة المصرية من خلال وجود مركز معد على أحدث الأساليب العالمية مثل مركز مصر للمعارض الدولية، وإدارة تعى أهمية الدور الذى يقدمه معرض القاهرة الدولى للكتاب، أما الصورة الحضارية التى نجحت الدولة ممثلة فى وزارة الثقافة والهيئة المصرية العامة للكتاب، هى التنظيم الرائع وأصبحنا نشاهد للعام الرابع معرض مصر بصبغة عالمية وأجواء احترافية، والميزة الأكبر أن معرض الكتاب، أصبح فى تطور دورة تلو الأخرى، ليكون لائق كثانى أكبر معرض فى العالم.
كتب
معرض الكتاب
ندوات