قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنه قد مرت سنتان على ظهور الجائحة الصحية التى كانت حملاً ثقيلاً، واختباراً عصيباً للبشرية جمعاء، حيث تجاوزت فى آثارها ومداها أزمات أخرى مرت بها، موضحا أن المؤشرات الأولية المتوفرة لدينا سلبية ومقلقة.
وأضاف، خلال كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للأسبوع العربى للتنمية المستدامة المنعقد بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية اليوم الأحد، أن التقرير الاقتصادى العربى الموحد لعام 2021 الصادر حديثاً عن جامعة الدول العربية، يفيد بأن الناتج الإجمالى فى الدول العربية بالأسعار الجارية سجل انكماشاً قدره 11.5% مقارنة بعام 2019، وتُقدر الخسارة فى الناتج المحلى لعام 2020 السنة الأولى من الجائحة بأكثر من 220 مليار دولار، وهو التراجع الذى لم تشهد الدول العربية مثله حتى فى أعقاب الأزمة المالية العالمية لعام 2009.
واستطرد الأمين العام أن هذه الأعباء زادت من حجم التحديات المعقدة التى كانت المنطقة العربية تواجهها قبل الجائحة، بل وساهمت فى تأزم الأوضاع فى البلدان التى تعانى من نزاعات، وتلك التى تعيش مخاض أزمات سياسية عسيرة، خاصة فى تونس ولبنان والسودان، موضحا أن تدهور مؤشرات التنمية المستدامة بسبب الجائحة أمرٌ لا يحتاج إلى بيانٍ، إذ زادت الفوارق بين الدول وداخلها، واتسعت هوة انعدام المساواة حيث ارتفعت أرقام الفقر متعدد الأبعاد والبطالة وزادت الفجوة الغذائية وهو ما يشكل مناخاً ملائماً لعودة آفاتٍ اجتماعية كعمالة الأطفال والعنف وعدم المساواة بين الجنسين.
بالرغم من هذه الظروف والعقبات، يقول أبو الغيط "مازلت أرى أننا نملك الفرصة للتأثير فى مجريات الأحداث والدفع مجدداً بمسار تنفيذ أجندة التنمية المستدامة 2030 لاستعادة المكاسب التى حققناها قبل الجائحة ومن أجل هذه الغاية نحتاج إلى استجابة سريعة منسقة وشاملة، أساسها التعاضد والتضامن العربى لدعم اقتصادات الدول الأكثر هشاشة وتضرراً ... كما نحتاج إلى اغتنام كل الفرص التى تتيحها هذه الأزمة الصحية، ومنها على سبيل المثال زيادة الوعى بأهمية السياسات البيئية فى التنمية، وعودة مواضيع الاستدامة على رأس الأولويات الوطنية والدولية، فضلاً عن تعزيز السياسات الوطنية للتعامل مع الأوضاع الطارئة والكوارث ودعم قدرة المجتمعات على الصمود فى مواجهة هذه الأحداث غير المتوقعة".
وأشار أبو الغيط إلى ضرورة توفير موارد مالية إضافية لتسريع وتيرة تنفيذ أجندة التنمية المستدامة مجددا دعوته إلى كل الشركاء الدوليين والمؤسسات المالية إلى زيادة المخصصات الموجهة للمنطقة العربية حتى تتمكن من الوفاء بالتزاماتها قبل حلول عام 2030.
واشار إلى البعد البيئى كأحد الركائز الثلاث للعمل المستدام، إذ لا يمكن تحقيق تقدم اقتصادى واجتماعى على حساب الطبيعة، مشيرا إلى تواتر الكوارث الطبيعية مؤخراً فى اندلاع أزمات كبرى تجاوزت خسائرها بكثير كلفة التحول إلى الاقتصاد الأخضر المستدام
وشدد على أن الاستثمار فى المشاريع المستدامة وتشجيع المبادرات البيئية ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة العاملة فى مجال الابتكار التكنولوجى من شأنه معالجة آثار التغير المناخى والحد من انبعاث الغازات الدفيئة.
وأوضح أن المنطقة العربية ستحتضن قمتى المناخ لعامى 2022 و2023 فى كل من مصر والإمارات، وسيتم خلالهما مناقشة مواضيع فى غاية الأهمية والالحاح بالنسبة للدول العربية، وعلى رأسها الملفات المتعلقة بتقييم الخسائر الناجمة عن التغير المناخى والتعويض عنها، وتوطين التكنولوجيا وتوفير الموارد المالية اللازمة لتمويل مشاريع التكيف المناخي، متمنيا استغلال هذه الفرصة المهمة للدفاع عن المصالح العربية باعتبار المنطقة من أكثر المناطق تضرراً بتغيرات المناخ، وفى ضوء أن أبناءها يدفعون ثمناً غالياً جرّاء هذه الظاهرة الخطيرة سواء فيما يتعلق بالأمن الغذائى أو الشح المائى أو غير ذلك من القضايا التى تؤثر على استقرار المجتمعات واستدامة التنمية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة