يجتمع قادة وكبار مسؤولي حكومات أكثر من 50 دولة أعضاء في الاتحادين الأوروبي والإفريقي، يومي 17 و18 فبراير الجاري، في قمّة أوروبية إفريقية بالعاصمة البلجيكية بروكسل، لتجديد وتعميق الشراكة بين الاتحادين وإطلاق حزمة استثمار إفريقية أوروبية طموحة وبحث التحديات العالمية الراهنة.
وتحت عنوان: "إفريقيا وأوروبا.. قارتان برؤيةٍ مشتركةٍ حتى 2030"، تعقد القمة الإفريقية-الأوروبية السادسة هذا العام ، والتي عقدت أُولى دوراتها في القاهرة عام 2000، و شهدت تأسيس آليات المُشاركة بين الجانبين من خلال "خطة عمل القاهرة".
تاريخ القمة الأوروبية الأفريقية
خلال الـ22 عاما الماضية عقدت 5 قمم مشتركة بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، حيث تأسست الشراكة بين إفريقيا والاتحاد الأوروبي رسميًا في عام 2000 في أول قمة أفريقية - الاتحاد الأوروبي في القاهرة، والتي شهدت تأسيس آليات المشاركة بين الجانبين من خلال "خطة عمل القاهرة"، و يعد الجانب الأوروبي أبرز الشركاء الدوليين الذين يحرص الاتحاد الأفريقي على تعزيز أواصر العلاقات معه.
وتُعقد قمم رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي تقليديًا كل ثلاث سنوات، بالتناوب بين إفريقيا وأوروبا، حيث توفر هذه القمم التوجيه السياسي لمزيد من العمل ومواجهة تحديات العصر وتحديد الأولويات السياسية، حيث اجتمع الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي على مر السنين بصيغ مختلفة.
وكانت المرة الثانية التي تعقد فيها القمة الأفريقية الأوروبية في 2007 في لشبونة، حيث تم تدشين الاستراتيجية المشتركة بين إفريقيا والاتحاد الأوروبي ، وهذه الشراكة تقوم على عدة محددات من بينها أهداف الألفية للتنمية والتغيرات المناخية وغيرها من القضايا التي تهم الجانبين.
كما عقدت القمة الأفريقية الأوروبية الثالثة في العاصمة الليبية طرابلس عام 2010، وركزت القمة على قضايا أبرزها الهجرة والحكم الراشد والديمقراطية وحقوق الإنسان والتجارة والتكامل الإقليمي وتغير المناخ والطاقة والبحث العلمي والفضاء، وشارك بالقمة نحو 40 رئيس دولة وحكومة من القارتين وتغيبت عنها مستشارة ألمانيا ورئيس فرنسا، إضافة إلى الرئيس السوداني.
والقمة الرابعة كانت في بروكسل عام 2014، وذلك بحضور نحو 80 من قادة الدول ورؤساء الحكومات الأوروبية والأفريقية، وخلالها وضع مخطط عمل 2014-2017 والذي عرف بـ"خريطة الطريق المشتركة".
ثم عقدت القمة الخامسة للاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي في 29-30 نوفمبر 2017 في أبيدجان، كوت ديفوار، تحت شعار مركزي "الاستثمار في الشباب من أجل مستقبل مستدام"، وذلك بهدف تعزيز التعاون الاقتصادي وتعزيز التنمية المستدامة والعمل معا على أساس استراتيجي طويل الأجل لتطوير رؤية مشتركة للعلاقات بين الاتحاد الأوروبي وأفريقيا.
وتنعقد الاجتماعات الوزارية بين الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي على أساس مخصص لتبادل وجهات النظر وتقييم الالتزامات وتعزيز التعاون في مجالات معينة.
الدورة السادسة للقمة
وتعقد القمة السادسة هذا العام تحت عنوان "أفريقيا وأوروبا: قارتان برؤية مشتركة حتى 2030" كاستمرار لتعزيز أواصر العلاقات بين الجانبين الأوروبي والأفريقي، خاصة فيما يتعلق بملفات التنمية وصون السلم والأمن الدوليين، فضلاً عن التشاور المستمر بين الجانبين حول كيفية التصدي للتحديات المشتركة.
برنامج مصر في القمة السادسة للاتحاد الأوروبى والافريقى
من جانبه أوضح المتحدث الرسمي أن الرئيس السيسي يعتزم التركيز خلال أعمال القمة الأفريقية الأوروبية على مختلف الموضوعات التي تهم الدول الأفريقية، خاصةً ما يتعلق بتعزيز الجهود الدولية لتيسير اندماجها في الاقتصاد العالمي، بالإضافة إلى تأكيد ضرورة تقديم المساندة الفعالة لهذه الدول في سعيها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، ونقل التكنولوجيا للدول النامية، ودفع حركة الاستثمار الأجنبي إليها، وتمكين الدول النامية من زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة.
أهداف القمة السادسة وجدول أعمالها
وحسب جدول الأعمال المنشور على موقع الاتحاد الأوروبي، فإنّ القمة تعدّ فرصةً فريدةً لإرساء الأُسس لتجديد وتعميق الشراكة بين الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي مع أعلى مشاركة سياسية من قادة ورؤساء الحكومات من الجانبين، والقائمة على الثقة والفَهم الواضح للمصالح المشتركة.
ومِن المُقرّر أن تناقش القمة الأوروبية الإفريقية عددًا من الملفات؛ على رأسها: تمويل النمو، والنظم الصّحّيّة وإنتاج اللقاحات في أعقاب جائحة كورونا، وكذلك الزراعة والتنمية المستدامة، والتعليم والثقافة والتدريب المهني والهجرة والتنقل، ودعم القطاع الخاص والتكامل الاقتصادي، والسلام والأمن والحكم، انتهاءً بتغيُّر المناخ.
السفير محمد حجازى: توقيت القمة مهم لمواجهة تحديات القارة السمراء
من جانبه، قال السفير محمد حجازى مساعد وزير الخارجية الأسبق إن انعقاد الدورة السادسة لقمّة المشاركة بين الاتحادين الإفريقي والأوروبي ومشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسى يأتي في توقيت شديد الأهمية، حيث تُواجِه القارة السمراء العديد من التحديات التنموية والاقتصادية والصحية مع تزايُد خطر قضايا تغيّر المُناخ، كما تسعى الدورة السادسة لقمة المشاركة إلى العمل مِن أجل توحيد الرّؤى بين القارة الإفريقية والقارة الأوروبية بوصفها الشّريك الأهمّ في مختلف القضايا التنموية والاقتصادية، وكذلك في كُلّ قضايا السّلم والأمن والتحديات التنموية والصّحّيّة التي تُواجهها القارة.
وأضاف السفير حجازى في تصريحات لليوم السابع، أن عنوان الدورة السادسة لقمة المشاركة هو قارتين برؤية مشتركة حتى عام 2030 بين افريقيا والاتحاد الأوروبي، وأولى الدورات للمشاركة بين القارتين بدأت من القاهرة عام 2000 ، وصدرت منها توصيات حددت آليات العمل بالقمة، وكما هو معروف الاتحاد الأوربي شريك رئيسى للاتحاد الأفريقي وبالتالي تأتى القمة لبحث عددٍ مِن القضايا والموضوعات التي تهمّ القارة الإفريقية من اجل إدماج الاقتصاد الإفريقي في الاقتصاد العالمي، مع بذل جهود ومساندة أوروبية لاقتصاديات القارة ودعم خطط التنمية من أجل مساعدتها في تحقيق أهداف التنمية المُستدامة للأمم المتحدة 2030.
ولفت حجازي إلى أن قضايا دعم الاستثمار ستكون حاضرةً وبقوّةً في هذا المؤتمر الذي يسعى إلى تحقيق هدفٍ يتعلّق باستثمار أوروبي ضخم في القارة الإفريقية، بالإضافة إلى قضايا نقل التكنولوجيا والاعتماد المتبادل على الطّاقة المُتجدّدة .
وأكد السفير أن قمة المناخ ستحظى بحضورٍ كبيرٍ في قمة الشراكة بين أوروبا وإفريقيا، خاصّةً في ظلّ ما تعانيه الدول النامية من مخاطر كبيرة جرّاء التداعيات السلبية للتغيّرات المناخيّة، مشيرًا إلى أن الرئيس المصري باعتباره رئيس القمة المقبلة للمناخ، سيتحدّث بشكلٍ واضحٍ عن التحديات التي تُواجهها القارّة من جرّاء التغيّرات المناخية، والتي تدفع أثمانًا كبيرةً أكثر ممّا تدفعه الدول الصّناعية المُتقدّمة، والتي بالأساس مسؤولة عن تلوّث المناخ والانبعاثات الحرارية، وستكون أيضًا هناك مطالبة للمجتمع الصناعي المتقدّم خاصّةً في أوروبا بدعم القارة والالتزام بتعهداته خاصّةً في قمة باريس 2017.
وتُشكّل مطالب إفريقيا والعالم النامي ركنًا أساسيًّا من أركان النقاش، مع بحث التزام أوروبا بتعهداتها من أجل رؤية مشتركة لقضايا المناخ في قمة شرم الشيخ.
وأكد السفير على أن قضية التعامل مع جائحة كورونا ستشكل أولويّة على جدول أعمال القمة، خاصّةً مع تأكيد منظمة الصحة العالمية على وجود مشاكل في أنظمة المراقبة بالقارة وندرة معدّات الفحص بها، الأمر الذي رجّحت معه بأن يكون العدد الفعلي للإصابات في الدول الإفريقية أعلى 7 مرّات مِن الأرقام المعلنة.
ومن المقرر أن تسهم القمة في تحديد الأولويات الأساسية للسنوات المقبلة ومن شأنها أن تحدد التوجهات الإستراتيجية والسياسية للعلاقات بين القارتين"، حيث يسعى الاتحادان الأوروبي والإفريقي إلى تعزيز شراكتهما على صعيد الاستجابة لجائحة كوفيد-19 والإنعاش الاقتصادي.
كما تقدم القمة فرصة متميزة لوضع أساسيات وتجديد وتعميق علاقات الشراكة بين الاتحاد الأوروبى والاتحاد الإفريقي على أعلى المستويات السياسية معتمدة على الثقة المتبادلة ووجود الإهتمامات المشتركة فيما بينهما.
ومن المتوقع أن يناقش القادة كيف لهاتين القارتين(أوروبا وإفريقيا) تحقيق مزيد من التنمية والرخاء، فالقمة تهدف الى إطلاق حزمة من الاستثمارات آخذا فى الإعتبار التحديات العالمية مثل التغيرات المناخية وأزمة الصحة الحالية، ومن المقرر أن يناقشوا وسائل وسبل دعم تحقيق الاستقرار والأمن فى إطار متجدد لتحقيق الأمن والسلام.
ويتخلل القمة عقد مجموعة من الموائد المستديرة تتضمن مناقشات حول: النمو الإقتصادى، الأنظمة الصحية وإنتاج اللقاحات، الزراعة والتنمية المستدامة، التعليم والثقافة والهجرة والتدريب المهنى ودعم القطاع الخاص وتحقيق التكامل الإقتصادى والسلام والأمن، وسيشارك قادة ورؤساء حكومات دول الاتحاد الأوروبى والاتحاد الإفريقى فى الموائد المستديرة سويًا مع مجموعة مختارة من الضيوف والخبراء كل فى تخصصه.
كيف بدأت الاستعدادات للقمة السادسة؟
وبدأت الاستعدادات للقمة فى دورتها السادسة منذ ديسمبر الماضى، حيث إلتقى رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل في بروكسل مسؤولين أفارقة عديدين، وتناولت المحادثات التحضيرات للقمة والنتائج المتوخاة والقضايا الرئيسية والأفكار التي سيطرحها القادة خلال القمة بين الاتحادين الإفريقي والأوروبى وعلى رأس الموضوعات التى تناقشها القمة تغير المناخ، والذى يعد من أبرز الملفات التى تسلط عليها مصر الضوء الآن في إطار الإعداد للدورة الـ 27 لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ (COP27)، نظرا للأهمية التي توليها مصر للقمة وللشراكة الإستراتيجية بين القارتين بشكل عام، وحرصها على أن تأخذ القمة بعين الاعتبار المصالح والخصوصية الإفريقية.
أولويات مصر في القمة
و يأتى فى مقدمة أولويات مصر في هذه القمة موضوعات التغير المناخي والطاقة، كما تحتل كذلك موضوعات تطوير البنية التحتية الإفريقية من أولوية لتحقيق عملية التكامل الاقتصادي بالقارة، علاوة على الأهمية الكبرى للنفاذ العادل للقاحات بالنسبة لشعوب القارة الإفريقية، وأهمية الاعتراف بكافة شهادات الحصول على مختلف لقاحات كوفيد-19 المعترف بها من منظمة الصحة العالمية، وخصوصًا تلك التي تم التطعيم بها في القارة الإفريقية، وهو الأمر الذى أكده وزير الخارجية سامح شكرى، الرئيس المعين للمؤتمر فى دورته القادمة المقرر عقدها فى شرم الشيخ فى نوفمبر 2022.
كما شدد شكرى على التزام مصر بتعزيز جهود مواجهة تغير المناخ خلال هذا العقد الحرج، ودفع التنفيذ الطموح لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ (UNFCCC) واتفاق باريس، ولتنفيذ نتائج ميثاق جلاسجو للمناخ للإبقاء على هدف الـ 1.5 درجة مئوية في المتناول، وكذا دعم جهود الدول النامية للتكيف مع الآثار السلبية لتغير المناخ.
في هذا الصدد، ستقدم المملكة المتحدة دعمها الكامل لمصر لتحقيق نتائج طموحة خلال الدورة الـ 27 للمؤتمر (COP27) ، بما في ذلك ضمان مساعدة الأطراف الأكثر تأثرًا بتبعات تغير المناخ.
ويعتزم الرئيس خلال أعمال القمة الأفريقية الأوروبية التركيز على مختلف الموضوعات التى تهم الدول الأفريقية، خاصةً ما يتعلق بتعزيز الجهود الدولية لتيسير اندماجها فى الاقتصاد العالمى، بالإضافة إلى تأكيد ضرورة تقديم المساندة الفعالة لهذه الدول فى سعيها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، ونقل التكنولوجيا للدول النامية، ودفع حركة الاستثمار الأجنبى إليها، وتمكين الدول النامية من زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، مع استعراض استعدادات مصر لاستضافة قمة الأمم المتحدة القادمة للمناخ في نوفمبر 2022، والجهود المصرية في هذا الإطار لخروجها بنتائج متوازنة وقابلة للتنفيذ، وكذا الدفع نحو أهمية بلورة رؤية مشتركة لدعم وتمويل القارة الأفريقية خلال جائحة كورونا، مع تسهيل النفاذ والتوزيع العادل لمختلف التقنيات المرتبطة بالجائحة، خاصةً ما يتعلق بإنتاج اللقاحات.
الرئيس الفرنسي يبحث إعادة تأسيس عقد اقتصادى ومالى جديد مع أ
فريقيا
من جانبه، تحدث الرئيس الفرنسي الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي عن إعادة تأسيس عقد جديد اقتصادي ومالي مع إفريقيا، مؤكدًا أن أوروبا يجب أن تعتمد في الهيئات الدولية استراتيجية مشتركة مع إفريقيا، فضلا عن تطبيق أجندة في التعليم والصحة والمناخ.
و قال ماكرون في مؤتمر صحفى، إن الاتحاد الأوروبي يجب أن يقوم بدور أكبر في أمن منطقة الساحل الأفريقي، كما أنه يريد أن يجعل العلاقة الأمنية بين فرنسا ومنطقة الساحل في غرب أفريقيا، حيث تنتشر قوات فرنسية تقاتل إسلاميين متشددين، شأنا أوروبيًا.
وطالب الاتحاد الأوروبي تحديد استراتيجية دفاعية جديدة من شأنها تعزيز قوته للدفاع عن نفسه، حتى وإن كان التحالف عبر الأطلسي بين دول الحلف ما زال مهما وفعالاً.