اتفقت كل الشرائع السماوية على قيمة الصدقة وتقديم الغوث والعون للفقير والمحتاج، خاصة إطعام الطعام لكل من يستحقونه، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أي الإسلام خير؟ قال: «تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف"، وكذلك قال الرسول الكريم: "أحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، تكشف عنه كربة، أو تطرد عنه جوعا، أو تقضي عنه دينا".
وفى الكتاب المقدس يقول: "من يرَحم الفقير يُقرض الرب فيجزيـه بصنيعـه"، وأيضا:" طوبى للرحماء لأنهم يُرحمون"، ومن أقوال علي بن أبى طالب، رضى الله عنه الشهيرة:" استنزلوا الرزق بالصدقة"، وكذلك قالت دار الإفتاء المصرية، إن الصدقة من الأعمال الصالحة التي تجلب محبة الله، وصاحبها موعود بالخير الجزيل والأجر الكبير، فالصدقة أفضل الأعمال الصالحات وأفضل الصدقة إطعام الطعام، فهي تمحو الخطيئة وآثارها، وتقى النار يوم القيامة.
الصدقة والإحسان ودعم الفقراء والمساكين لم يخل حتى من أبيات الشعراء، وقد قال الشاعر خليل مطران، يَا مُحْسِنونَ جَزَاكُمُ المَوْلى بَمَا.. يَـرْبُـو عَـلى مَـسْـعَـاكُمُ المَحْمُودِ
كـمْ رَدَّ فـضْـلُكُـمُ الْحَيَاةَ لِمَائِتٍ.. جُـوعـاً وَكَـمْ أَبْـقـى عَـلَى مَوْلودِ.
كل هذه الكلمات والعبارات والمقدمات، أحاول أن أبدأ منها للمشروع الإنساني العظيم الذي تقوده وزارة الأوقاف لدعم الفقراء والمحتاجين في مختلف محافظات مصر، وتوفير الطعام لهم، كأحد أهم مشروعات التكافل المجتمعي، التي تدعم الأسر الأولى بالرعاية وغير القادرين، خاصة بعدما أطلق الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف أمس الثلاثاء، إشارة البدء في مشروع "صكوك الإطعام"، ليبدأ توزيع 100 طن لحوم شهرياً على 100 ألف أسرة فقيرة، مع التوسع في المشروع ليشمل إمداد هذه الأسر باللحوم أسبوعياً.
المشروع له دور إنساني واجتماعي من الدرجة الأولى، وهدفه يتفق مع صحيح الدين الإسلامي والشرائع السماوية، التي تحض على دعم الفقير، والتكافل الاجتماعى، ومد يد العون والمساعدة لمن يحتاج، وقد ذكر العلماء والفقهاء، وعلى رأسهم الشيخ محمد متولي الشعراوي، رحمة الله عليه، أن أصدق حاجة هي الحاجة إلى الطعام، فمن يطلب الطعام، أصدق من الذى يطلب المال، لذلك مشروع صكوك الإطعام خطوة ممتازة لمخاطبة احتياجات الفقراء دون سؤال أو طلب، ويتماشى مع الأهداف والخطط التي تضعها الدولة في توفير الحياة الكريمة للطبقات الفقيرة.
مشروع صكوك الإطعام الذي تقوده وزارة الأوقاف، يخضع لإشراف مباشر ومتابعة ورقابة فعالة، تكفل وصول أموال المتبرعين إلى أصحاب الحاجات، ويتم تلقى تبرعاته بشفافية مطلقة عن طريق حسابات بنكية معلنة، تخضع لمتابعة أجهزة ومؤسسات الدولة، لضمان نزاهة المشروع والوصول إلى من يستحقون فعلياً، دون أن يكون هناك مجاملة لأحد.
مشروع صكوك الإطعام يحتاج فقط إلى دعم القادرين، وأهل الخير، ومن في مقدورهم العطاء والتبرع، حتى تتمكن وزارة الأوقاف من التوسع فيه وتقديم الدعم لمن يستحقونه بالصورة التي تليق، والاستمرار في هذا العمل، الذي يعتبر تطور للفكرة المستنيرة التي قدمها الدكتور محمد مختار جمعة، منذ عدة أعوام "صكوك الأضاحي"، التي كانت تضمن توزيع اللحوم على المحتاجين والفقراء لمرة واحدة في العام، بينما تطورت الفكرة لتصبح كل أيام العام، من أجل تقديم كفالة حقيقية للفقراء والمحتاجين.
الدكتور مختار جمعة، وزير الأوقاف، أعلن أمس الثلاثاء، أنه سيتم توزيع 100 طن لحوم في شهر رجب و100 طن في شهر شعبان، و200 طن في شهر رمضان، وهذا التحرك يضمن أن تصل اللحوم إلى من يستحقونها بكرامة حتى منازلهم وأماكن سكنهم، دون أن يسألوا أو يخرجوا في طلبها، وقد قال الوزير نصا: "لا نسمح بخدش حياء الآخذين".
"صكوك الإطعام" يمكن أن تتحول لمشروع قومي كبير لكفالة ورعاية الفقراء والأسر الأولى بالرعاية، وهذا مرهون بحجم التبرعات التي يقدمها المحسنون، وأحد عوامل نجاح هذا المشروع أن قيمة الصك الواحد 300 جنيه فقط، يمكن لأي شخص أن يشارك ويدفعها، ويجوز إخراجها من أموال الزكاة، مع جواز إخراجها من الصدقات، والكفارات، والفدية، وإفطار الصائم، وهذا يجعلها في مقدرة الجميع، لذلك على كل قادر ومستطيع أن يسعى ويبادر في هذه الأيام المباركة إلى التبرع بنية إطعام الطعام للفقراء والمحتاجين، التي تعتبر أفضل الصدقات وأحبها إلى الله.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة