أكرم القصاص - علا الشافعي

عادل السنهورى

أزمة خليج الخنازير فى أوكرانيا

الأحد، 20 فبراير 2022 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

الليلة قد تتشابه مع البارحة...!

الأزمة على الحدود الأوكرانية التي يتوقع الكثيرون أن تندلع بسببها “الحرب العالمية الثالثة" في ظل طبول الحرب التي تدق بين روسيا المعترضة على انضمام أوكرانيا – الملاصقة لها جغرافيا – لحلف شمال الأطلسي(الناتو) الذي تتزعمه وتقوده واشنطن وتحشد حاليا أكثر من 150 ألف جندي بكامل عتادهم ومعداتهم، في حين تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بتحريك قواتها من شرق أوروبا الى أوكرانيا لصد الغزو الروسي المحتمل لكييف.

روسيا تشترط عدم قبول ضم أوكرانيا لحلف الأطلنطي وبالتالي الاتحاد الأوروبي وفقا لاتفاقيات دولية سابقة الا بعد 50 عاما كما سبقتها لاتفيا وليتوانيا الى الحلف

الليلة قد تتشابه مع البارحة منذ 60 عاما في أزمة الصواريخ الروسية في كوبا فيما سميت بأزمة خليج الخنازير" والتي كادت تؤدي إلى حرب نووية

ففي أكتوبر عام 1962 اندلعت أزمة الصواريخ الكوبية التي ربما كانت البؤرة الأكثر سخونة في الحرب الباردة، فقد بدا العالم وكأنه على شفا حرب نووية لمدة 13 يوما في ذلك الشهر من عام 1962. فكوبا جزيرة تقع على بعد 90 ميلا فقط من ساحل فلوريدا وكانت قبل ثورة فيديل كاسترو عام 60 حليفة لواشنطن في زمن حكم الجنرال باتيستا وكانت الولايات المتحدة المستهلك الرئيسي لإنتاج كوبا من سكر وتبغ

مع رفض الرئيس ايزنهاور لقاء كاسترو أو التحدث معه أثناء وجود الأخير في واشنطن.  ذهب كاسترو الى مندوبي الاتحاد السوفيتي في الأمم المتحدة للحصول على الدعم السوفيتي وصداقة الزعيم السوفيتي نيكيتا خروشوف. وقام كاسترو بتأميم جميع الشركات المملوكة لأمريكا في كوبا، ورفض دفع تعويضات. وهكذا بات للولايات المتحدة دولة شيوعية "في حديقتها الخلفية".

تصاعدت الأزمة وفرضت الولايات المتحدة حظرا تجاريا على السلع الكوبية، وحرمت الكوبيين من سوق للسكر والتبغ والدخل لاستيراد النفط والسلع الأساسية الأخرى.

تولى جون كنيدي رئاسة أميركا وعقب تنصيبه مباشرة وافق خطة لغزو كوبا والإطاحة بالحكم.

وأنزلت المخابرات المركزية الأمريكية 1400 من المنفيين الكوبيين في خليج الخنازير على الساحل الجنوبي لكوبا بهدف إثارة انتفاضة مناهضة للشيوعية، لكن القوات الكوبية حققت انتصارا كاسحا ضد المتمردين وأدى فشل عملية "خليج الخنازير" إلى تعزيز مركز كاسترو الذي اتفق مع السوفييت على نشر صواريخ متوسطة المدى على أراضي بلاده لردع واشنطن عن التفكير في أي محاولة أخرى لغزو الجزيرة وقلب نظام الحكم الشيوعي فيها. وبذلك صارت كوبا قاعدة عسكرية متقدمة للاتحاد السوفيتي.

في 14 أكتوبر 1962 التقطت طائرة تجسس أمريكية تحلق فوق كوبا صورا تظهر بناء مواقع إطلاق الصواريخ السوفيتية. وقدر الخبراء أنها ستكون جاهزة للعمل في غضون 7 أيام. وفي غضون ذلك، اكتشفت طائرة تجسس أمريكية أخرى 20 سفينة سوفيتية تحمل صواريخ نووية في المحيط الأطلسي متجهة إلى كوبا.

الاتحاد السوفيتي وقتها انتهز الفرصة للردع والمساومة وسياسة " واحدة بواحدة"، فالولايات المتحدة تمتلك صواريخ نووية متوسطة وطويلة المدى تستهدف الاتحاد السوفيتي متمركزة في تركيا، بالقرب من حدود روسيا. كما أراد خروشوف دعم الدولة الشيوعية الجديدة في الحديقة الخلفية لواشنطن.

فرضت واشنطن حصارا بحريا للجزيرة الكوبية لمنع تدفق المزيد من الصواريخ السوفيتية وتجنبت السف الروسية المواجهة المباشرة مع البحرية الأمريكية

الأزمة كادت أن تنفجر وبدأت المساومات، يتلقى كينيدي رسالة من خروشوف يعد فيها بإزالة مواقع إطلاق الصواريخ إذا وافقت الولايات المتحدة على رفع الحصار ووعدت بعدم غزو كوبا.

أما المساومة والصفقة الكبرى في الأزمة فكانت الوعد بإزالة مواقع الإطلاق إذا أزالت الولايات المتحدة صواريخها في تركيا، وقد اختار كينيدي الرد فقط على البرقية الأولى بينما عرض بشكل خاص النظر في إزالة الصواريخ من تركيا.

انتهت الأزمة واعتبر الجانبان أنهما حققا النصر، فقد أنقذ خروشوف النظام الشيوعي في كوبا من غزو الولايات المتحدة، وتفاوض على صفقة إزالة صواريخ واشنطن في تركيا. ورأى كينيدي انه حافظ على وعده الانتخابي ووقف في وجه الاتحاد السوفيتي، وأبقى الصواريخ النووية خارج كوبا. ومن أجل ضمان سهولة الاتصال بين واشنطن وموسكو في حالة نشوب صراع في المستقبل، تم إنشاء خط ساخن يوفر اتصالا هاتفيا مباشرا بين البيت الأبيض والكرملين.

أدرك كل من الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية أنهما كانا على شفا حرب نووية ودخلا في محادثات أدت في النهاية إلى معاهدة حظر التجارب عام 1963 والتي بدأت عملية إنهاء تجارب الأسلحة النووية.

السيناريو المتوقع للأزمة الأوكرانية قد يتشابه مع سيناريو خليج الخنازير، فواشنطن تدرك أنها قد تبدو وحدها في هذه الأزمة دون مواقف حاسمة وواضحة من الحلفاء الأوروبيين الأقوياء وخاصة بريطانيا وألمانيا وفرنسا الذين لا يريدون الحرب وتعقيد الأمور من موسكو والجنوح الى المفاوضات، في حين أن بوتين قد كسب في هذه المعركة التنين الصيني باللقاء الذي تم  على هامش افتتاح دورة الألعاب الأوليمبية الشتوية مع الرئيس الصيني "شى جين بينج" وصدر عن اللقاء إعلان تاريخي ، يعكس الرؤية الصينية لبناء النظام العالمي الجديد متعدد الأقطاب ، وحمل عنوان "الإعلان المشترك بخصوص دخول العلاقات الدولية عهدا جديدا والتنمية المستدامة" ، ولفت إلى تبلور "نزعة جديدة تقضى بإعادة توزيع توازن القوى في العالم" ، وإلى دخول البشرية "عهدا جديدا للتنمية السريعة والتغيرات واسعة النطاق".

بعد الإعلان واللقاء أبلغت الصين الاتحاد الأوروبي معارضتها لتوسع حلف شمال الأطلنطي "الناتو" على حدود روسيا، وقال البيان الصيني أن "توسع الناتو لن يساعد فى ضمان الأمن والاستقرار في العالم".

الواضح أن موسكو في الطريق الى كسب المعركة دون إطلاق الرصاص وأن أوكرانيا نالت هزيمة دون تحريك القوات، فواشنطن والعواصم الأوروبية الكبرى يميلان لإغلاق ملف انضمام أوكرانيا لحلف الأطلسي. المكسب الوحيد لواشنطن هو تحريك قواتها إلى دول وسط وشرق أوروبا.

أزمة أوكرانيا والتي توقع العالم نشوب حرب عالمية ثالثة يبدو أن ستنتهي نهاية أزمة خليج الخنازير، مع مراعاة فروق التوقيت.

 

 

 









الموضوعات المتعلقة


مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة