يعرف الإنسان بصورة مؤكدة أنه جسد وروح، وبالطبع هو يعرف الجسد وآلامه وأفراحه، لكن الروح عصية عن التعريف وعن الفهم أيضًا، ومن نوافل القول إن الإيمان علاقته بالروح أكثر من علاقته بالجسد، فالإيمان يسكن الروح ويحاول ترويض الجسد، فينجح حينا ويخسر حينا.
والإيمان، كما نعرف فى أبسط تعريفاته، هو "ما وقر فى القلب وصدقه العمل"، والأمر لا يرتبط بالدين فقط، بل هو أشمل من ذلك، قد يكون الإيمان بقدرة مثل الزراعة والكتابة والصناعة والرياضة، ونضرب مثلاً بسيطًا يتعلق باللاعب العالمى محمد صلاح، فبمنطق العقل فإن محمد صلاح إما أن يلعب فى الأهلى والزمالك فى مصر أو يحترف فى الدوريات الخارجية ويكافح مع الفرق التى تنافس على البقاء فى منتصف الدوريات هناك، ولكن أن يصبح واحداً من أفضل لاعبى العالم فإن ذلك يحتاج إلى "إيمان" بالذات وبالقدرات، طبعاً يخرج علينا بعد كل مباراة من يعيد تقييم محمد صلاح فيراه أحسن أو أخطأ، لكن ذلك لا يتعارض مع إيماننا بأنه لاعب عالمى.
هكذا كل الأمور التى نقابلها فى حياتنا، ومنها الدين الذى لا يخضع تماماً للعقل بل يخضع للإيمان، لذا يخطئ من يريد إخضاع الدين للعقل بصورة مطلقة، بالطبع الدين يخاطب عقل الإنسان لكن الأمر ليس مقصوراً على العقل، فهو مرتبط بالروح و"من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر".
أما فيما يتعلق بقضية الإسراء والمعراج فإن سيدنا أبو بكر الصديق، رضى الله عنه، خير من أجاب عن هذا السؤال، فى حديث للسيدة عائشة أنه: لما أُسرِى بالنبى إلى المسجدِ الأقْصى، أصبح يتحدَّثُ الناسُ بذلك، فارتدَّ ناسٌ ممن كانوا آمنوا به، وصدَّقوه، وسَعَوْا بذلك إلى أبى بكرٍ فقالوا: هل لك إلى صاحبِك يزعم أنه أُسرِى به الليلةَ إلى بيتِ المقدسِ؟ قال: أو قال ذلك؟ قالوا: نعم، قال: لئن كان قال ذلك لقد صدَقَ، قالوا: أو تُصَدِّقُه أنه ذهب الليلةَ إلى بيتِ المقدسِ وجاء قبل أن يُصبِحَ؟ قال: نعم، إنِّى لَأُصَدِّقُه فيما هو أبعدُ من ذلك، أُصَدِّقُه بخبرِ السماءِ فى غُدُوِّه أو رَوْحِه.
هذه هى المسألة إنها ترتبط بداية ونهاية بالإيمان، فطالما يؤمن المسلمون بأن النبى يوحى إليه من الله سبحانه وتعالى، فالإسراء والمعراج مجرد تفصيلة بسيطة فى أمر "الوحى".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة