تٌعرف درجات رقي المجتمعات بتلك المشاهد التي تأتي من شوارعها، وبنسبة ما يقاس مدى التحضر بشكل وأسلوب تعامل مواطني كل دولة مع بعضهم خلال المعاملات اليومية العادية، ومن هنا نلمح أهمية ما لضرورة تقديم صورة راقية ومتحضرة من شوارع مصر.
نعيش مرحلة لا يحتاج فيها المتابع لجهد كبير حتى يلمح سيادة القانون، فالدولة المصرية على مدار السنوات المنصرمة فتحت كل الملفات الشائكة في سبيل تطبيق القانون، ودخلت كل المعارك بقوة وحسم وعدل، كطرف مناصر للقانون ومصمم عَلى تطبيقه، وانتصرت في جميعها، ما انعكس على انتهاء معظم المناطق العشوائية التي كانت تمثل قبحًا لمجرد رؤيتها، وفٌتحت الطرق وباتت ممهدة بشكل غير مسبوق، وصب كل ذلك في مصلحتنا جميعًا، فاستبدلنا كل قبيح بجميل، ونستطيع القول إن كل ذلك حدث عندما أصرت الدولة على تطبيق القانون، ونفذت ذلك بكل قوة وعدل.
أحزن عندما أرى المشروعات الكبيرة التي احتاجت إنفاقًا وجهدًا وإرادة سياسية كبيرة، يتم تشويهها بسبب ممارسات خاطئة من مواطنين، أو مركبة التوك توك اللعينة أو أي استهتار يشوه الإنجاز، وبذات الدرجة من الحزن يصبح مشهد اعتداء المواطنين على بعضهم من أشد المشاهد السيئة التي قد تشوه الصورة، وتتنافى مع كل إنجاز، بل مع ما يعرف عن طبيعة هذا الشعب الطيب.
الدولة المصرية الآن بالطفرة الكبيرة التي تعيشها ،بتفاصيلها، ومدنها الجديدة، ومشروعاتها، وشوارعها الكبيرة تستحق شارع أكثر انضباطاً وتحضرًا، ولا يليق بها أن تكون شوارعها بهذا الشكل، فعلى سبيل المثال يعيش كاتب هذه الكلمات في منطقة الهرم، حيث فوضى مرورية كبيرة، واعتاد البعض أن يفعل ما يحلو له، وينفذ ما يخطر في باله، ووصل الأمر إلى أن يتصالح الجميع مع الخطأ، حتى صار جزءًا من حياتنا اليومية، وعندما يلمح المواطنون شخصًا يعترض على السير عكس الاتجاه مثلًا يعاملونه كالمجنون، فقد تعود الجميع على مشاهد القبح، للدرجة التي جعلته عاديًا ومقبولًا.
يقيني أننا نحتاج تدخلًا عاجلًا من المشرع الآن وليس غدا، لسن قانون يجرم كل أشكال الاعتداء عَلى الغير في الشارع، ويمس هيبة القانون، دون النظر لرغبة المعتدى عليه في اتخاذ الإجراءات القانونية من عدمه، حيث ينص القانون عَلى محاكمة المعتدي بتهمة ارتكاب أفعال تصب في خانة عدم احترام الشارع المصري، وإتيان أفعال تؤذي المارة، أو صياغة أكثر شمولاً وضبطًا من المتخصصين في القانون، المهم أن تتدخل الدولة لضبط الشارع، دون ترك القرار للمجني عليه، الذي ربما تمنعه الظروف المختلفة من مواجهة الجاني، ليفلت كل معتد بفعلته، ويسود منطق القوة في بلد يرفع القانون شعارًا ويطبقه على الجميع.. فمصر الكبيرة المنضطبة الآن تحتاج لشارع أكثر احترامًا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة