قال الدكتور مختار جمعة وزير الأوقاف، إنه لا شك أن عملية بناء الوعى أو إعادة بنائه قضية محورية فى حياة المجتمعات والأمم والشعوب، وخاصة تلك الأمم والشعوب التى تعرضت ذاكرتها لمحاولات المحو والشطب، أو التغيير، أو التغييب، ناهيك عن محاولات الاختطاف، وحالات الجمود والخمول والكسل التى يمكن أن تصيب الذاكرة الجمعية للمجتمعات.
وأضاف جمعة فى مقال له اليوم عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك": "مع يقيننا أن إعادة تشكيل وعى أمة ليست أمرًا سهلاً ولا يسيرًا، إنما هى عملية بناء شاقة، وتحتاج إلى جهود مكثفة، ودءوبة، ومضنية، ولا سيما فى أوقات الشدائد والمحن والتحديات الجسام، شأن تلك المرحلة الراهنة الفارقة فى تاريخ منطقتنا، وفى تاريخ العالم كله، بل فى التاريخ الإنسانى المعاصر، حيث صار الإرهاب والتطرف الفكرى صناعة وأدوات غزو واحتلال من نوع جديد، ووسائل لإفشال الدول، أو إسقاطها ، أو تركيعهـا ، أو السيطرة على قـرارهـا ، بل على مقدراتها ومكتسباتها أيًّا كان نوع هذه المقدرات والمكتسبات : اقتصادية أم سياسية أم جغرافية أم ثقافية أم تراثية ، وإننا على يقين دائم لا يداخله ولا يخالجه أى شك فى أن أهل الباطل لا يعملون إلا فى غياب أهل الحق ، وأن على أهل الحق ألا يكونوا أقل حماسًا لحقهم وقضاياهم التى يؤمنون بها من حماس أهل الباطل ودعاة الهدم والخراب لباطلهم .
وتابع جمعة: "وإذا كان من حاولوا السطو على ذاكرة أمتنا قد استخدموا المغالطات الدينية والفكرية والثقافية والتاريخية للاستيلاء على هذه الذاكرة ، فإن واجبنا مسابقة الزمن لكشف هذه المغالطات وتصحيح المفاهيم الخاطئة ، وبيان أوجه الحق والصواب بالحجة والبرهان من خلال نشر الفكر الوسطى المستنير ، فى المجال الدعوى والثقافى والتعليمى والتربوى والإعلامى ، وإحلال مناهج الفهم والتفكير والإبداع والابتكار محل مناهج الحفظ والتلقين والتقليد ، مع اعتبار العمل على خلق حالة من الوعى المستنير واسترداد ذاكرة الأمة التى كانت مختطفة أولوية وواجبًا وطنيًّا على العلماء والمفكرين والمثقفين وقادة الرأى والفكر ".
واستطرد جمعة: "ولا يمكن أن نحصر قضية الوعى فى بعدها الدينى أو الثقافى فحسب ، فالوعى بالوطن يقتضى العمل على بنائه ورفعة شأنه فى جميع المجالات: الاقتصادية ، والفكرية ، والثقافية ، والاجتماعية ، والإنسانية ، وبشتى السبل: بالعمل والإنتاج ، بالجد والاجتهاد ، بالدقة والإتقان ، بالتكافل والتراحم ، بالإخلاص للوطن ، والإخلاص فى العمل ، بالعلم والفكر ، بالثقافة والإبداع ، بنشر القيم الإيجابية من الصدق، والأمانة ، والوفاء ، والرحمة ، والتسامح ، والتيسير ، والمروءة ، والنظافة ، والنظام، واحترام الكبير ، وإكرام الصغير ، وإنصاف المظلوم ، وإكساب المعدوم ، وإغاثة الملهوف ، وصلة الرحم ، وحسن الجوار ، وإماطة الأذى عن الطريق ، والحرص على المنشآت العامة والمال العام ، والترفع عن الدنايا ، والبعد عن سائر القيم السلبية : من الكذب ، والخيانة ، والغـدر ، والأذى ، والبطالة ، والكسل ، والفساد ، والإفساد، والتخريب، إن الوعى بالـوطن يقتضى الإحاطة والإلمـام بمـا يحاك له من مؤامرات تستهـدف إنهـاك الدولة ، وبخطورة الإرهابيين والعملاء والخونة ، والعمل على تخليص الوطن من شرورهم وآثامهم ، كما يقتضى أيضًا إدراك عمليات البناء والتعمير التى تتم على أيدى أبناء الوطن المخلصين .
واختتم وزير الأوقاف قائلاً: "ومما لا شك فيه أن قضية الوعى بالوطن وبمشروعية الدولة الوطنية، وضرورة دعم صمودها، والعمل على رقيها وتقدمها، أحد أهم المرتكزات لصياغة الشخصية السوية ، وأحد أهم دعائم الولاء والانتماء للوطن والحفاظ على مقدراته وكل ذرة من ثراه الندى، ولا شك أن الوعى بالتحديات يقتضى الوسطية فى الأمور كلها دون إفراط أو تفريط ، حيث نواجه النقيضين الإفراط والتفريط معًا، فكلا طرفى النقيض ذميم".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة