احتفلت محافظة القاهرة بمرور 14 عاما على افتتاح شارع المعز بعد تطويره، حيث يضم الشارع عددا كبيرا من الآثار الإسلامية، وشارع المعز لدين الله الفاطمى يطلق عليه الشارع الأعظم أو قصبة القاهرة أو قصبة القاهرة الكبرى وهو شارع يمثل قلب مدينة القاهرة القديمة.
وسلطت محافظة القاهرة الضوء على تأسيس ونشأة الشارع، فمع نشأة مدينة القاهرة خلال عهد الدولة الفاطمية فى مصر نشأ شارع المعز فكان تخطيط المدينة يخترقه شارع رئيس يمتد من باب زويلة جنوباً وحتى باب الفتوح شمالاً فى موازاة الخليج، وأطلق عليه الشارع الأعظم وفى مرحلة لاحقة قصبة القاهرة، قسم المدينة قسمين شبه متساويين وكان المركز السياسى والروحى للمدينة.
مع التحول الذى عرفته القاهرة أوائل القرن السابع الهجرى / الثالث عشر الميلادى خلال عهد الدولة المملوكية مع بدء هجوم التتر على المشرق والعراق نزح كثير من المشارقة إلى مصر، فعمرت الأماكن خارج أسوار القاهرة، وأحاطت الأحياء الناشئة بسور القاهرة الفاطمى، وزخر الشارع الأعظم بسلسلة من المنشآت الدينية والتعليمية والطبية والتجارية والسكنية، بحيث أصبح القسم الأكبر من الآثار الإسلامية لمصر مركزاً داخل حدود القاهرة المملوكية، وتجمعت الأنشطة الاقتصادية في هذا العصر حول الشارع الأعظم وعلى امتداده خارج باب زويلة تجاه الصليبة والقلعة، وامتدت قصبة القاهرة خارج أسوارها الفاطمية من أول الحسينية شمالاً خارج باب الفتوح وحتى المشهد النفيسي جنوباً خارج باب زويلة.
وأطلق عليه اسم المعز لدين الله فى عام 1937 تكريماً لمنشئ القاهرة، وتمتد تلك التسمية من باب الفتوح إلى باب زويلة، شاملة شوارع باب الفتوح، أمير الجيوش، النحاسين، بين القصرين، الصاغة، الأشرفية، الشوايين، العقادين، المناخلية، والمنجدين، السكرية إلى باب زويلة. وتعود التسمية الحالية إلى الخليفة الفاطمي المعز لدين الله وهو أبو تميم معد بن المنصور إسماعيل بن القائم بأمر الله محمد بن المهدى عبد الله الفاطمى، الذى يعود أصله إلى جزيرة صقلية بينما ولد بمدينة المهدية سنة 319هـ وتنسب إليه القاهرة المُعزية، بويع بالخلافة فى المغرب وكان أول خليفة فاطمى يدخل مصر بعد فتحها سنة 358هـ.
وكان ترميم شارع المعز لدين الله الفاطمى جزءا من برنامج الأمم المتحدة الإنمائى والتى كانت انطلاقة لمشروع القاهرة التاريخية لحماية آثار القاهرة التاريخية من التعديات والأضرار التى تسبب فيها زلزال 1992.
وكانت أعمال الترميم قد قسمت لأربع مراحل شملت ترميم 143 آثرا مسجلا، شملت المرحلة الأولى على مجموعة الغورى ومسجد المؤيد شيخ والسور الشمالى وباب الفتوح، وتضمنت المرحلة الثانية مدرسة وقبة نجم الدين أيوب وسبيل كتاب خسرو باشا ومدرسة الظاهر بيبرس وقصر بشتاك وحمام إينال وجامع السلطان الكامل ومسجد السلطان برقوق ومدرسة وقبة الناصر قلاوون ومسجد على المطهر ومسجد ومدرسة الأشرف بارسباى، وانتهت أعمال ترميم آثار شارع المعز فى عام 2008.
ويعتبر شارع المعز لدين الله الفاطمى أقدم الشوارع الموجودة فى مصر، حيث يصل عمره لألف عام تقريبا ويضم مجموعة مميزة من الأثار الإسلامية الفريدة التى تمتد بطول جانبى الشارع العريق.
وقد أصبح شارع المعز بعد أعمال تطويره واقتصار الحركة فيه على السير على الأقدام وجهة لعشاق الآثار الإسلامية وهواة فن التصوير الفوتوغرافى، ومزارا يجتذب مختلف الفئات العمرية من الأطفال والكبار من أبناء البلد والوافدين الذين استنشقوا فيه عبق التاريخ وعظمته و بهائه.
وقد تم تحديد منسوب الشارع فى عشرينيات القرن الماضى من خلال بقايا البازلت الأسود الذى وجد على عمق بنحوا 70سم أسفل منسوب ما قبل البدء فى الأعمال، وتم تبليط الشارع والأرصفة والبردورات ببلوكات من الجرانيت، وقد استُخدام البازلت الأصلى فى رصف بعض الشوارع الجانبية.
وتكلفت عملية تطوير وترميم الشارع نحو 250 مليون جنيه، والتى تجاوزت الميزانية الاصلية للمشروع والتى كانت تقدر بنحو 800 مليون جنيه فقط، وتم تجديد ألوان الواجهات وتخصيص دورتى مياه عامتين فى الشارع، بالإضافة لشركة نظافة مختصة بأعمال تنظيف الشارع.
ويظل شارع المعز لدين الله الفاطمى واحدا من أبرز الوجهات السياحية التى يقصدها الناس للاستمتاع بروح الماضى وعراقته، والتقاط صور تذكارية تزيد من عمق العلاقة وقوتها ما بين مرتاديه وبعضهم البعض، وعلاقتهم بذلك الممشى السياحى الفاخر المرصع على جانبه بتحف معمارية فريدة.