لعبوا ببسالة وإصرار، أفضل ما يمكن أن يوصف به أبطال منتخبنا الوطنى، فى مواجهة الكاميرون، حتى اللحظات الأخيرة، ومن دون تردد أو تراجع، وكانوا قد استكملوا ثلاث مباريات لعبوا فى كل منها 120 دقيقة، بأداء بطولى أسعد الجمهور، فى مواجهة أفيال كوت ديفوار، وأسود المغرب ثم الكاميرون، وقبل مباراة الكاميرون كتبت أن «الشغف يصنع البطل أيا كانت النتائج»، وهى حقيقة، تجسدت فى مواجهة صعبة اتسمت بالتحدى، وحتى بجانب المباراة، فقد كانت هناك عراقيل واضحة، فهم يواجهون فريقا يريد الفوز بأى ثمن، وحربا نفسية استمرت لأيام، فريق يلعب على أرضه ووسط جمهوره، ويمارس حربا نفسية متحفزة، وتحكيم بدا فى بعض الأحيان هو الآخر متحفزا، ومع هذا فقد اتسم أداء الفريق الوطنى بالصبر وضبط النفس، والإصرار على اللعب بكل قوة، وقدموا درسا فى المتعة الكروية قبل أن يصلوا إلى النهائى فى مواجهة السنغال.
بالطبع هناك أهداف ضاعت، من محمد صلاح ورمضان صبحى، بدت نوعا من إهدار الثروة فى أوقات صعبة، لكن التمسك باللعب مكن الفريق من إنهاء الوقت الإضافى والذهاب إلى ضربات الترجيح، وهنا ظهر دور أبو جبل، بطل المنتخب الذى أعاد الجمهور اكتشافه فى كأس الأمم، ونجح فى صد ثلاث ضربات ترجيح، ليمنح فوزا كبيرا للفريق، أعاد التفاف الجماهير حول المنتخب الوطنى، بعيدا عن لون الفانلة واسم النادى، وهو أمر أطلقه كابتن الفريق محمد صلاح، فى مؤتمر صحفى قبل لقاء ساحل العاج قال «إن منتخب مصر أكبر من أى نادٍ، ومن أى لاعب مهما كان تاريخه، وأكبر من صلاح وغير صلاح، كل اللاعبين متحمسون ولديهم الرغبة الأكيدة لتحقيق إنجاز للكرة المصرية، ويجب أن يشعروا بأن جماهيرهم تدعمهم فى كل الأوقات.. يجب أن يجمعنا جميعا منتخب مصر، وأطالب الجماهير بالوقوف خلف الفريق وعدم التعامل مع اللاعبين من خلال ألوان أنديتهم»، ولم يخيب الجمهور نداء صلاح والتف حول المنتخب ودعمه وشجعه بكل قوة وإصرار، فى ثلاث مباريات صعبة، لعبوا فيها بكل حماس وشغف من أجل الفوز.
ولا يمكن تجاهل بطولة محمود حمدى الونش مدافع المنتخب الوطنى، والذى أصيب إصابة بالغة خلال الشوط الأول وأكمل اللقاء وفى رأسه 7 غرز، حيث خضع لخياطة بين الشوطين وأكمل المباراة ببسالة، فى ظل غياب أحمد حجازى لإصابته.
فى ثلاث مباريات رأينا الإخلاص والشغف والروح الجماعية لدى فريق يقوده صلاح ببراعة، طامحا فى الفوز والوصول إلى النهائى، وحصل فريقنا الوطنى على سر الجمهور الذى يمنحه للفريق طالما قدم ما عليه، بحاسة الجمهور التى لا تخيب، تمزج بين الفرجة والعاطفة، التى لا تخلو من العقل، كأننا أمام حبل سرى، يتوحد به الفريق مع جمهوره، ليعزفوا نغمة حقيقية.
نحن أمام فريق نجح فى أن يعيد الثقة لجمهوره، ويفرحه، ويتمنى الجمهور أن تكتمل الفرحة بالكأس، لكنه يرى فريقه مستحقا، ويظل محمد صلاح أكبر من مجرد كابتن لفريقه، لكنه يبنى بطولته وأسطورته، باللعب والروح، صلاح الذى لم يأت من فريق كبير، ولا من طبقة مميزة، نجح فى أن ينسج أسطورته، بالكثير من الجهد والأداء، وأيضا الروح الرياضية والتفاعل الإنسانى والقدرة على العطاء بإخلاص.
محمد صلاح القادم من الريف نجح فى أن يصنع صورة البطل ويتجاوز أخطاء المحترفين السابقين وببساطة وتواضع والكثير من التفاعل والتعلم ينسج صورة البطل، وكأنه توصل إلى سر يفوز به هؤلاء القادرون على عزف نغمات ساحرة.
الجماهير تنتظر من المنتخب أن يتوج جهده بفرحة كبيرة، ويأتى بالكأس الأفريقى، مرة أخرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة