تتوالى العقوبات ضد روسيا بعد العملية العسكرية التي بدأتها في الأراضي الأوكرانية 24 فبراير الماضي، والتي أعقبتها ردود فعل دولية واسعة ما بين فرض قيود علي الاقتصاد الروسي، واستهداف اثرياء موسكو والمقربين من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهو ما دفع الكرملين لاتخاذ قرارات مماثلة للمواجهة.
آخر العقوبات الامريكية كان ما أعلنه الرئيس الامريكي جو بايدن مساء الجمعة حيث قررت إدارته حظر استيراد الماس والمأكولات البحرية والفودكا من روسيا، وقال أيضا إن الحلفاء الغربيين يخططون لإلغاء وضع روسيا كشريك تجاري مكافئ، مما يمهد الطريق لمزيد من العقوبات الاقتصادية.
وأضاف بايدن: "سنتخذ خطوات إضافية للوقوف أمام العدوان الروسى على أوكرانيا.. سنسحب مسمى دولة تفضيلية من روسيا لتصبح دولة عادية بالمعاملة التجارية، والخطوات الأخيرة ستكون ضربة قاصمة أخرى للاقتصاد الروسي".
وبموجب القواعد الدولية، فإن تحديد دولة على أنها أكثر الدول تفضيلًا يوفر امتيازات تجارية متبادلة مثل انخفاض التعريفات والضرائب المفروضة على الحدود.
وتنسق الولايات المتحدة التحركات المتخذة لتجريد روسيا من وضعها إلى جانب الاتحاد الأوروبي والاقتصادات المتقدمة الأخرى، بما في ذلك كندا واليابان، والتي قال بايدن إنها ستتخذ خطوات مماثلة.
وقال بايدن، إن الحلفاء الغربيين يخططون لمنع روسيا من الوصول إلى التمويل من المنظمات الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
وتابع أن الولايات المتحدة ستحظر الصادرات الأمريكية من السلع الكمالية إلى روسيا وستزيد من معاقبة الأوليجارشية وأسرهم.
وفي خطوة أخرى لتضييق الخناق على الكرملين، كشفت شبكة سي إن إن الأمريكية خطة الكونجرس الأمريكي لفرض عقوبات جديدة ضد روسيا، تهدف هذه المرة إلى فرض حصار علي الذهب الروسي، لوقف خطة الحكومة الروسية لدعم عملتها "الروبل".
وذكرت الشبكة في تقريرها إن أعضاء الكونجرس من الحزبين يعدون مشروع قانون يهدف لزيادة الضغط المالي بدرجة أخرى من خلال جعل من الصعب على موسكو استخدام الذهب لدعم الروبل المنهار، حيث لم تستهدف العقوبات الحالية بشكل مباشر احتياطيات الذهب للبنك المركزي الروسي البالغة 130 مليار دولار.
وبحسب الشبكة فإن مشروع القانون ، سيفرض عقوبات ثانوية على أي كيانات أمريكية تتعامل عن عمد مع أو تنقل الذهب من حيازات البنك المركزي الروسي، وبالمثل ، سيعاقب الكيانات الأمريكية التي تبيع الذهب ماديًا أو إلكترونيًا في روسيا.
واستهدف الغرب بشكل مباشر صندوق حرب بوتين البالغ 600 مليار دولار - احتياطيات العملات التي جمعها البنك المركزي الروسي في السنوات الأخيرة والتي كانت ستسمح لهم بالتغلب على عاصفة العقوبات.
واعتبارًا من نهاية يونيو ، امتلك البنك المركزي الروسي ما قيمته 127 مليار دولار من الذهب، وهو ما يمثل 21.7 % من إجمالي الأصول ، وفقًا للبنك المركزي الروسي ومن الناحية العملية ، يلعب الذهب دورًا أكبر اليوم لأن الغرب جمد فعليًا معظم احتياطيات البنك المركزي من العملات.
وفقًا لتقرير حديث صادر عن البنك المركزي الروسي يتم تخزين هذا الذهب في خزائن داخل أراضي الاتحاد الروسي، ولم يرد مسؤولو البيت الأبيض على الاستفسارات حول ما إذا كانت الإدارة تدعم قانون الذهب من الحزبين.
وبخلاف الولايات المتحدة، فرضت كندا عقوبات جديدة على عشرات الكيانات العسكرية في روسيا وخمسة أفراد مقربين من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، بما في ذلك رومان أبراموفيتش مالك نادي تشيلسي.
وفقا لمجلة بوليتكو، قال رئيس الوزراء جاستن ترودو للصحفيين في وارسو عاصمة بولندا ، يوم الجمعة عندما أعلن عن الإجراءات: "(نحن) نظهر عواقب واضحة وعميقة على بوتين وأولئك الذين مكّنوا نظامه".
وأضاف ترودو ، الذي أنهى جولة أوروبية استمرت ستة أيام الجمعة ، أن كندا وحلفاءها يبحثون عن مزيد من السبل للرد على روسيا بسبب هجومها على أوكرانيا، مؤكدا ان المستهدفون لن يتمكنوا بعد الآن من جني الأرباح أو الاستفادة من المعاملات التجارية في كندا كما سيتم تجميد أصولهم.
بالإضافة إلى أبراموفيتش ، فرض الكنديون الإجراءات على الملياردير الروسي أليشر عثمانوف ، وإيلا بامفيلوفا ، رئيسة لجنة الانتخابات المركزية الروسية ، إيلينا موروزوفا ، التي ترأست محاكمة أليكسي نافالني ، وإيجور يانتشوك ، رئيس قسم الشرطة الذي ألقى القبض على نافالني.
كما أعلن ترودو أيضًا عن قيود جديدة على 32 مؤسسة عسكرية في روسيا ، وهي الإجراءات التي ستمنعهم من تلقي المعدات أو الإمدادات الكندية.. في المقابل، وضعت روسيا خططا لمصادرة أصول الشركات الغربية التى تركت البلاد فى إطار مواجهة الكرملين للعقوبات الكاسحة وخروج الأعمال الدولية منذ بدء الحرب فى أوكرانيا.
وقالت وزارة الاقتصاد الروسية، التى أعلنت الخطوة بعدما اتخذت سلسلة من الشركات العالمية قرارها بوقف عملياتها فى روسيا هذا الأسبوع، إنها قد تسير بشكل مؤقت على الشركات التى تتجاوز ملكية الأجانب فيها 25%.
وقال الرئيس الروسى فلاديمير بوتين فى خلال لقاء الفيديو مع أعضاء إدارته إن الكرملين قد يجد طرق متاحة قانونيا لمصادرة الشركات الدولية، وأضاف أن الحكومة قد تدفعه إلى تقديم إدارة خارجية ثم نقل تلك الأعمال إلى من يريدون العمل حقا، وأضاف قائلا إن هناك أدوات قانونية وسوقية كافية لذلك.
وخلال اجتماع في الكرملين مع نظيره البيلاروسي قال الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، إنه على قناعة من أن التغلب على المشاكل التى تسببها العقوبات، سيجلب الفائدة لكل من روسيا وبيلاروسيا فى نهاية المطاف.
وأضاف بوتين: "سنكتسب المزيد من الكفاءات، والمزيد من الفرص للشعور بالاستقلالية، وفي النهاية سيكون كل ذلك مفيدا لنا، كما كان في السنوات السابقة"، وأعرب عن ثقته بأن الدولتين ستتغلبان على هذه الصعوبات مشيرا الى ان فترة العقوبات تعتبر فرصة لتعزيز سيادة الدولتين الاقتصادية والتكنولوجية.
من جانبه قال رئيس بيلاروسيا إن جميع العقوبات الغربية ضد مينسك وموسكو غير شرعية، ووصفها ببساطة بأنها "مثيرة للاشمئزاز"، وقال: "كنا دائما تحت العقوبات، وهي باتت اليوم أكثر شدة وضخامة وكل هذا غير مشروع وغير قانوني وينتهك جميع الاتفاقيات الدولية"، وأكد لوكاشينكو على أن العقوبات الغربية هي "وقت الفرصة" بالنسبة لروسيا وبيلاروسيا.