تحل اليوم الذكرى 130 لمولد فنان الشعب، سيد درويش، وقام "اليوم السابع" بجولة داخل منطقة كوم الدكة بالإسكندرية مسقط رأس درويش، ورصد الإهمال الذى يعانى منه منزلة .
المنطقة حافلة بصور سيد درويش خاصة بطول الشارع الذى يحمل اسمة، شارع "سيد درويش" ويبدأ من مدخل المنطقة بشارع صفية زغلول و حتى منزله، حيث تنتشر صور الفنان وعدد من المقاهى التى تحمل اسمه وصوره حتى الآن.
منزل سيد درويش يقع فى شارع يحمل اسمة، وأصبح حطاما لم يتبق منه إلا سور حجرى قديم وباب خشبى متهالك مغلق بسلسلة حديدية يكسوها الصدأ، وسقف المنزل مفتوح حتى تحول إلى مقلب قمامة من الداخل.
رغم وعود وزارة الثقافة وعدد من الفنانين الذين يقدرون فن هذا الراحل صاحب النهضة الحديثة فى الموسيقى العربية، من تحويل المنزل إلى متحف أو مزار سياحى إلا أنه مازال على وضعه حيث الإهمال حتى يومنا هذا.
ويقول الحاج نبيل كمال من أهالى كوم الدكة: إن المنطقة كلها تفتخر أنهم من نفس منطقة ميلاد فنان الشعب، وأن المنطقة قديما كانت تقيم الحفلات فى ذكرى مولده وتغنى أشهر أغانى سيد درويش ، إلا أن المنزل يعانى الإهمال منذ عدة سنوات.
وأضاف: كانت هناك وعود بتحويل المنزل إلى مزار، ولكن لم يتحقق شيئ إلى الآن"، مشيرا إلى أن الفنان إيمان البحر درويش كان يأتى قديما ليغنى أغانى جده إلا أن الوضع تغير الآن، مؤكدا على ضرورة الاهتمام بالمنطقة وتحويلها إلى مزار سياحى نظرا لما قدمه هذا الفنان من أعمال فنية كانت سبب النهضة الموسيقية الحديثة.
و يروى الأهالى بالمنطقة حكايات منقولة عن آبائهم الذين عاصرو الفنان سيد درويش، حيث كان دائم الغناء على المقاهى، وهناك عدد من المقاهى التى تحمل اسمة حتى الآن، وكان كل من يمر من أمام منزله يسمع، "دندنة" الفنان بالألحان التى أصبحت علامة فارقة فى تاريخ الموسيقى، وكان يؤلف الأغانى ويلحنها لأى موقف يقابله حتى ولو كان شجار بين زوجين، وغنى للفلاح وبائعى البلح حتى أطلق عليه فنان الشعب.
وعلى بعد خطوات من منزل يقع المقهى الذى كان يجلس عليه، وشهد مولد أعظم ألحان الفنان العظيم فنان الشعب، وهو مقهى و بورصة "سيد درويش البحر"، المقهى يقع على بعد عدة خطوات من منزله بمنطقة كوم الدكة، ومازال يحمل اسمه حتى الآن، كما يحمل مجموعة من صور تخليدا لذكراه .
ويقول الحاج محمد أبو كريم ، من ابناء منطقة كوم الدكة، إنه يقطن المنطقة منذ حوالى 70 عاما وبالتحديد أمام قهوة فنان الشعب التى اشتهرت باسمة، قائلا": الفنان كان بيقعد هنا يدندن" بأحلى الألحان ، وكان صديق للحاج منعم صاحب القهوة وكان دائم الجلوس والغناء فى هذا المقهى"، مشيرا إلى حب أهالى المنطقة للفنان ابن كوم الدكة حتى إن الأفراح قديما كانت لا تقام إلا بأغانى سيد درويش.
وأكد على حبه الشديد لسيد درويش الذى يحفظ كل أغانية لأنة فنان حقيقى غنى أغان لكل طبقات المجتمع، غنى للفقير والفلاح و وبائعى البلح، وأكد على أن أهالى المنطقة يحفظون تلك الأغانى حتى الآن و يتغنون بها.
ويمر اليوم 130 عاما على ميلاد فنان الشعب سيد درويش عبقرى الموسيقى ومجددها ، وولد فى مثل هذا اليوم الموافق 17 مارس عام 1892، وأثرى الفن والطرب ونهض به نهضة كبرى استلهم منها كبار الموسيقيين الكثير من الإبداعات وتخرج من مدرسته عشرات الفنانين، وغنى فى حياته بلسان الفلاح والعامل والموظف والشيال والجرسون، وقاوم الاستعمار بالفن وكان صوتاً لثورة 1919.
ولد سيد درويش فى اﻹسكندرية لأسرة متوسطة الحال، والتحق وهو فى الخامسة من عمره بأحد الكتاتيب ليتلقى العلم ويحفظ القرآن، وبعد وفاة والده وهو فى السابعة من عمره، قامت والدته بإلحاقه بإحدى المدارس، وبدأت تتضح موهبته الفنية فى المدرسة، حيث بدأ ينشد مع أصدقائه ألحان الشيخ سلامة حجازى والشيخ حسن الأزهرى ثم عمل بالغناء فى المقاهى.
تزوج سيد درويش وهو فى السادسة عشرة من العمر، وأصبح مسؤولا عن عائلة، وعمل مع الفرق الموسيقية، لكنه لم يوفّق، فاضطر أن يشتغل عامل بناء، وكان يغنى خلال العمل ، فيثير إعجاب العمال وأصحاب العمل، وتصادف وجود الأخوين أمين وسليم عطا الله، وهما من أشهر المشتغلين بالفن، فى مقهى قريب من الموقع الذى كان يعمل به الشيخ سيد درويش، فأعجبا بصوته واتفقا معه على أن يرافقهما فى رحلة فنية إلى الشام فى نهاية عام 1908، وهناك أتقن أصول العزف على العود وكتابة النوتة الموسيقية، فبدأت موهبته الموسيقية تتفجر، ولحن أول أدواره يا فؤادى ليه بتعشق.
وبعد عودته لمصر بدأ نجم سيد درويش يسطع وصار إنتاجه غزيرا، فقام بالتلحين لكافة الفرق المسرحية فى عماد الدين أمثال فرقة نجيب الريحاني، جورج أبيض وعلى الكسار، وبلغ إنتاجه فى حياته القصيرة من القوالب المختلفة العشرات من الأدوار وأربعين موشحا ومائة طقطوقة و 30 رواية مسرحية وأوبريت.
وعندما قامت ثورة 1919 كان سيد درويش صانعاً لأهم أغانيها ومنها «قوم يا مصرى، ويا بلح زغلول»، و جسد كل معانى التعايش معبرا الانصهار بين أبناء الشعب المصرى والشعوب التى انصهرت معه، فصنع الأغانى معبرا عن المصرى والسودانى والإيجريجى «دنجى.. دنجى»، «مخسوبكوا أنداس»، وغنى بلسان الموظف والشيال والصعيدى والفلاح والجرسون الصحفى «شد الحزام على وسطك، يا حلاوة أم إسماعيل، هز الهلال ياسيد، الحلوة دى قامت تعجن، البحر بيضحك ليه، اقرأ يا شيخ فقاعة تلغراف آخر ساعة، آه ده اللى صار»، كما اقتبس من أقوال الزعيم مصطفى كامل بعض عباراته وجعل منها مطلعا للنشيد الوطني، بلادى بلادى بلادى لك حبى وفؤادى.
ورحل سيد درويش وهو فى ريعان شبابه قبل أن يكمل 32 عاما من عمره، ورغم ذلك كان من أهم وأكبر مجددى الموسيقى والغناء فى العصر الحديث، وصنع مجداً خلد اسمه فى التاريخ إلى الأبد.
جانب من مقبرة سيد درويش
مقبرة سيد درويش البحر
مقبرة سيد درويش
جانب من المقبرة
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة