الكل يسأل عن تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على مصر، وتأثيراتها السلبية على واردات القمح، إلى جانب موجة التضخم العالمية المصاحبة لهذه الحرب، وتأثيرها على حركة السياحة الوافدة، وأسعار الطاقة والمنتجات البترولية، وطفرات الصعود التي حققتها على مدار الأيام الماضية، وما ترتب على ذلك من رفع أسعار المحروقات، وارتباطها بأسعار السلع والخدمات، خاصة أن النقل عامل أساسي في التكلفة.
في البداية دعنا نتفق أن الحروب، والأوبئة، والكوارث الطبيعية، أزمات لا يمكن السيطرة عليها أو توقع نتائجها أو تحديد سقف زمني لانتهائها، فالكل يتأثر بها في هذا العالم، الذي جعلت منه العولمة قرية كونية كبيرة نعيش جميعاً فيها، ونتقاسم مشكلاتها، لذلك تحاول كل دولة أن تضع خطط وسيناريوهات بديلة دائماً للتحرك خلال الأزمات، والبحث عن البدائل المناسبة، التي يمكن من خلالها الوصول إلى حلول ناجحة وقابلة للتطبيق على أرض الواقع.
الحكومة المصرية بدأت سياسة التحوط مبكراً منذ بداية جائحة كورونا العالمية في 2019، وبدأت في وضع سيناريوهات وخطط بديلة للتعامل مع الأزمات والأحداث الطارئة، وأهم ما نفذته هو ضمان مخزون استراتيجي قوى من السلع الأساسية والاستراتيجية، مثل القمح والسكر والزيت والحبوب بمختلف أنواعها، حتى لا تقل في الأسواق، أو يحدث نقص في مستويات إمدادها، لذلك لم تحدث أي أزمة في المنتجات الغذائية تحديداً خلال الفترة الماضية، نتيجة الوفرة في الأسواق والتحوط الحكومي الناجح في التعامل مع الموقف.
الحكومة أعلنت أن هناك 14 دولة على مستوى العالم يمكن استيراد القمح من خلالها، بديلا عن روسيا وأوكرانيا حال استمرار الأزمة، وقد تكون هناك مشكلة في ارتفاع الأسعار خلال الفترة المقبلة، إلا أن هذه التداعيات يجب أن نتحملها جميعاً حكومة وشعباً ونسلم بها، فليست هناك بدائل متاحة، كما أن الاحتياطي الاستراتيجي من القمح يكفي 4 أشهر مقبلة.
هناك نقطة مضيئة أيضا في موضوع احتياطي القمح ترتبط بأن المحصول الجديد سوف يدخل موسم الحصاد خلال 40 يوم تقريباً، وناتج مصر من القمح المحلى يكفي 55% من الاحتياجات، وهذا يعنى حوالي 7 أشهر مقبلة، بما يؤكد أن موقف مصر آمن تماماً حتى شهر ديسمبر المقبل، لذلك فلا داع للقلق.
في الوقت الذي يشهد العالم اضطرابات سياسية واقتصادية، يجاول البعض استغلال الأزمات ورفع الأسعار واحتكار السلع، خاصة في التوقيتات التي تتزامن مع اقتراب شهر رمضان المبارك، لذلك يجب أن تكون الرقابة فاعلة ومؤثرة تجاه هذه العناصر، التي تحاول المتاجرة بالأزمات وتحقيق أكبر قدر من المكاسب على حساب المواطنين، لذلك يجب الإبلاغ الفوري عن أي شخص يحاول احتكار السلع، وتعطيش الأسواق من أجل رفع الأسعار، خاصة أن كل مؤسسات الدولة تقدم ما لديها من حلول متاحة وممكنة لتوفير العملة الصعبة من أجل كفاية احتياجات الاستيراد من الخارج، وضمان تأمين السلع الاستراتيجية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة