من يريد استمرار الحرب ومن يريد وقفها؟، وقد بدأت تفرض ظلالا كثيفة على العالم، وليس فقط على أطرافها، والفرق واضح بين التصريحات التى يطلقها السياسيون والتصرفات، نظريا كل الأطراف تتحدث عن ضرورة إنهاء الحرب فى أوكرانيا.. روسيا تقول إن تحركها جاء لوقف تهديد الأمن القومى وسعى أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلنطى «الناتو»، وأن الهدف إنهاء التفكير فى تهديد الأمن القومى الروسى.
اللافت للنظر أن الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى يقول إن أوروبا لا تريد انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو، لأنهم خائفون من روسيا، قبلها قال زيلينسكى فى بداية الحرب إن الأوروبيين تخلوا عنه، ثم يقول إنه يقبل التفاوض المباشر ويطلب الجلوس مع بوتين، زيلينسكى يعرف مطالب روسيا، ويعاتب أمريكا والغرب أنهم تخلوا عنه بعد أن شجعوه على فكرة الانضمام إلى حلف الناتو، ثم انصرفوا عنه.
ومثل روسيا فإن الولايات المتحدة تتحدث عن ضرورة إنهاء الحرب، ومع هذا ترسل سلاحا إلى أوكرانيا سرا وعلنا، وحسب صحيفة «وول ستريت جورنال» فإن البنتاجون أرسل إلى أوكرانيا أنظمة دفاعية سوفيتية، تشمل «SA-8»، يبلغ عمرها عشرات السنوات، وحصلت الولايات المتحدة على هذه الأسلحة الدفاعية بشكل سرى «حتى تتمكن المخابرات الأمريكية من فحص التكنولوجيا التى كان الجيش الروسى يستخدمها آنذاك»، كما ترسل الولايات المتحدة المتطوعين والمرتزقة، ويواصل الرئيس الأمريكى جو بايدن، اتهاماته وهجومه على الرئيس الروسى، حتى وصلت إلى أن يصفه بأنه مجرم حرب، بينما روسيا تنتقد بايدن وتتحدث عن وقف الحرب حال تمت الاستجابة لمطالبها أو شروطها، والتى تتعلق بالأمن القومى، وأن هذا التحرك لا يرتبط ببوتين، لكن بأى شخص فى الكرملين، باعتبار الحرب ليست خيارا، وتحشد روسيا جنودا لمواصلة حصار العاصمة الأوكرانية كييف، وتدمير البنية التحتية.
الولايات المتحدة تتهم روسيا بالتفكير فى استخدام سلاح محرم أو دمار شامل، وفى المقابل فإن روسيا تتهم أمريكا ببناء مراكز للحرب البيولوجية، وتلمح بأن هناك من يقف وراء إطلاق الفيروسات.. وفى المقابل فإن واشنطن ترد باتهام موسكو بتدبير موضوع الحرب البيولوجية تمهيدا لاستعمال السلاح، وتجدد الولايات المتحدة اتهاماتها لروسيا بالتخطيط لشن حرب سيبرانية، وقالت مسؤولة بالبيت الأبيض فى مجال الأمن السيبرانى، إن الشركات الأمريكية التى تقدم بنية تحتية حيوية ينبغى لها أن تحسن دفاعاتها للأمن الإلكترونى بسبب تهديدات رقمية مستمرة من روسيا، ونشر البيت الأبيض بيانا من الرئيس بايدن حذر فيه من أن موسكو ربما تشن هجمات إلكترونية بسبب «التكاليف الاقتصادية لم يسبق لها مثيل التى فرضناها على روسيا»، وتجدد هذه اتهامات سابقة بالتدخل فى الانتخابات الأسبق، والسابقة.
الشاهد أن كل الأطراف تتحدث عن ضرورة وقف الحرب، بينما تتصرف عكس هذا، بما يشعل الحرب، وتقف الأمم المتحدة والمنظمات الدولية عاجزة، لدرجة أن الأمين العام للأمم المتحدة «أنطونيو جوتيريش»، دعا إلى وقف المأساة فى أوكرانيا وإعطاء فرصة للدبلوماسية والحوار، وقال: «مهما كانت النتيجة، لن يكون لهذه الحرب رابحون، بل خاسرون فقط»، واضطر لنشر تغريدة قال فيها إن الحرب فى أوكرانيا هى هجوم على أضعف الأشخاص والدول فى العالم، وأضاف جوتيريش، عبر حسابه الشخصى على تويتر: «ارتفعت أسعار المواد الغذائية والوقود والأسمدة بشكل كبير تضرر منه أشد الناس فقرا، وزرع ذلك بذور عدم الاستقرار السياسى والاضطرابات فى جميع أنحاء العالم».
نحن أمام تهديدات بيولوجية وذرية، ناهيك عن الاقتصادية وتداعياتها التى بدأت تظهر وتسحق الفقراء فى العالم، بينما تتفاعل تداعيات الحرب لتنشر المزيد من الفقر والجوع والغلاء، بينما تقف الدول الكبرى والمنظمات الدولية لتمصمص الشفاه.