مدينة "عين شمس" أقيمت على أطلال مدينة إيونو الفرعونية القديمة، أقدم عواصم العالم، وسميت كذلك "أون"، ذات العماد حيث كان يوجد بها عدد لافت من الأعمدة والمسلات الكبيرة، وأطلق عليها اليونانيون اسم "هليوبوليس"، "هيليوس" (الشمس) و"بوليس" (المدينة)، أى مدينة الشمس أو مدينة النور، وذلك لأن مدينة أون كانت تشتهر بعبادة الشمس نسبة إلى الإله رع إله الشمس، ويقابله الرب هيليوس لدى اليونان.
لم يبق من المدينة القديمة أو معابدها إلا نذر يسير من المعالم. وخلال الحقب الإسلامية، استعان المصريون بحجارتها في بناء منازلهم ومنافعهم الأخرى، ولا تزال أعمال البعثات الأثرية جارية في المنطقة حتى اليوم، وهناك مقابر تعود إلى الدولة القديمة، وخاصة مقبرتي بانحسي وخنسو عنخ.
ولا يستبعد أن يكون معبد المدينة، الذي لم يعد قائمًا اليوم، مماثلًا في ضخامته وأهميته لمعبد الكرنك في الأقصر، وقد كان كهنته مسئولون عن تسجيل التقويم المصري الشمسي؛ فهم من وضع أساس التقويم بالسنة المصرية القديمة، حسب ما ذكرت وزارة السياحة والآثار.
وما تزال مسلة سنوسرت الأول، التي يعود تاريخها إلى الأسرة الثانية عشرة "1956-1911 ق. م" قائمة في موقعها، والمسلات تجسيد بالحجر لخيوط أشعة الشمس، ورمز بها المصري القديم لإله الشمس، وقد نقل الإغريق والرومان العديد من المسلات من معابدها الأصلية. واكتشفنا تفكيك عمود من الجرانيت والحجر الرملي أقامه الملك مرنبتاح (1213-1203ق م)، وجرى نقله وإعادة بنائه وعرضه في المتحف المصري الكبير.
وعرف العالم مكانة أون الدينية والسياسية المؤثرة في مصر الفرعونية بعد العثور على العديد من النصوص ذات الصلة بالديانة التي كانت مزدهرة بها، وارتبط رع إله الشمس بواحدة من أقدم نظريات الخلق لدى المصريين، ولدت تلك النظرية في مدرسة مدينة أون، وعرفت بنظرية التاسوع "أي تشمل تسعة آلهة"، ومفادها أن العالم قبل وجود الأرباب كان عبارة عن محيط أزلي لا نهائي من المياه "نون"، ومن هذا المحيط ظهرت روح الإله آتوم "رع" إله الشمس فى صورته الكاملة، وكان يستقر على تل فوق تلك المياه، وعندما استشعر الوحدة قام بخلق رفقاء آخرين، ليخرج إله الهواء "شو" والرطوبة "تفنوت"، ثم تزوجا وأنجبا إله الأرض "جب" وإلهة السماء "نوت"، ومن ثم توالى الخلق.