عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اجتماعاً اليوم، مع آنيكن هويتلفدت، وزيرة خارجية النرويج، والوفد المرافق لها، وذلك بحضور الدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، والدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، رئيس مجلس إدارة صندوق مصر السيادي، والسفير إيهاب نصر، مساعد وزير الخارجية للشئون الأوروبية، والسفيرة هيلدا كليمتسدال، سفيرة النرويج بمصر، وأيمن سليمان، الرئيس التنفيذي لصندوق مصر السيادي.
وفي بداية اللقاء، ثمن الدكتور مصطفي مدبولي العلاقات المتميزة بين مصر والنرويج، مشيراً إلى المقابلة التي تمت بين السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء النرويجي على هامش قمة "محيط واحد" في مدينة "برست" الفرنسية فبراير الماضي، وما شهدته من مباحثات مثمرة حول مجالات التعاون الثنائي بين البلدين.
وأشاد الدكتور مصطفي مدبولي بالوتيرة المتسارعة لزيادة حجم الاستثمارات النرويجية في مصر خلال الفترة الأخيرة، لاسيما في مجالات الطاقة المتجددة، وتحلية مياه البحر، والإنتاج السمكي، معرباً عن تطلعه لمزيد من الاستثمارات النرويجية، ودعوة شركات جديدة للاستفادة من فرص الاستثمار المتنوعة في مصر، ومؤكداً أن التوجه النرويجي الاستثماري القوي في مصر يلقي ترحيباً وتعاوناً من جانب الحكومة، والتزاماً بتهيئة الظروف الكفيلة بنجاح وزيادة هذه الاستثمارات؛ بهدف تحقيق نقلة نوعية حقيقية في التعاون والشراكة بين الجانبين.
وفي السياق ذاته، أعرب رئيس الوزراء عن تطلعه لزيادة حجم التعاون الاستثماري في ضوء الاتفاق الإطاري الذي تم توقيعه اليوم بين صندوق مصر السيادي، وصندوق الاستثمار النرويجي للدول النامية (Norfund)، في مجال تطوير مشروعات الطاقة المتجددة، خاصة الهيدروجين الأخضر، والأمونيا الخضراء، والبنية الأساسية الخضراء.
وأضاف الدكتور مصطفي مدبولي أن مصر عازمة بكل جدية على تنفيذ مشروعات ضخمة للهيدروجين الأخضر لتصبح مركزاً إقليميا للطاقة، ودخلت بالفعل في مباحثات مع عدد من الشركات العالمية في هذا المجال، لافتاً إلى أن شركة "سكاتك" النرويجية تعد من أكبر الشركات العاملة بالفعل في هذا المجال بمصر، ومؤكداً حرصه الشخصي على متابعة تطوير مثل هذه المشروعات في مصر، وضمان نجاحها.
من جانبها، ثمنت آنيكن هويتلفدت، وزيرة خارجية النرويج، جهود الحكومة المصرية في دعم جهود السلام في المنطقة، لاسيما ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، ودورها النشط في منطقة الشرق الأوسط. كما تقدمت بالشكر للحكومة على دعم الشركات النرويجية في مصر، وهو الأمر الذي أسهم في زيادة حجم هذه الشراكات، خاصة مع وجود اهتمامات مشتركة في مجال الاستثمار، لاسيما في مجال الطاقة الجديدة، وإنتاج الهيدروجين الأخضر، مؤكدة أن ذلك من شأنه دعم استراتيجية مصر لأن تصبح مركزاً إقليمياً للطاقة المتجددة.
وأضافت أن شركة "سكاتك" استطاعت تحقيق إنجازات ملموسة فيما يتعلق بتواجدها بالسوق المصرية، داعية إلى تشجيع وإشراك مزيد من شركات القطاع الخاص للتوسع في تنفيذ المشروعات الخضراء، بما يدعم قضايا التغير المناخي.
وفي هذا السياق، أعربت آنيكن هويتلفدت عن تطلع بلادها لدعم مصر خلال رئاستها للدورة الـ 27 لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP27 في نوفمبر المقبل، مستفسرة عن رؤية مصر لهذه الاستضافة المرتقبة.
وعقّب الدكتور مصطفي مدبولي، مؤكداً أن مصر ستتبنى خلال فترة رئاستها مقاربة شاملة ومحايدة تٌراعي أولويات ومواقف جميع الأطراف، من أجل ضمان أن يسفر المؤتمر عن نتائج إيجابية لدعم العمل المناخي الدولي بجميع مكوناته: الحد من الانبعاثات، والتكيف مع الآثار السلبية لتغير المناخ، وحشد التمويل للدول النامية.
وأكد رئيس الوزراء في هذا الصدد أهمية أن يشهد مؤتمر المناخ المقبل الانتقال من مرحلة التعهدات والوعود إلى مرحلة التنفيذ الفعلي للالتزامات، لافتاً إلى أن مصر ستعلن قريباً عن النسخة المحدثة من مساهمتها المحددة وطنيًا وفقاً لاتفاقية باريس لتغير المناخ، وهو الأمر الذي يتطلب بالطبع مزيداً من التعاون مع الشركاء الدوليين من أجل دعم تنفيذ مصر لمساهماتها المتعلقة بالمناخ.
وأشار الدكتور مصطفي مدبولي إلي أن الخطط الطموحة التي وضعتها مصر من أجل زيادة جهودها ذات الصلة بالعمل المناخي، لاسيما تلك الخاصة بالتحول إلى مصادر الطاقة منخفضة الكربون، والتوسع في إنشاء محطات لتحلية مياه البحر، وتحويل مصر إلى مركز إقليمي للهيدروجين الأخضر، تتطلب تمويلات ضخمة، وجذب استثمارات كبيرة إلى السوق المصرية.
وفي السياق نفسه، أكد رئيس الوزراء أن مصر تتناقش مع اشقائها الأفارقة لبلورة أجندة أفريقية للتغير المناخي، بما يعزز من سبل حشد التمويلات المناخية لدعم الدول الأفريقية للوفاء بالتزاماتها المناخية وتحقيق التعافي الأخضر في أفريقيا.
تعقيباً على ذلك، أعربت وزيرة خارجية النرويج عن تفهمها لأهمية التمويل في تنفيذ الدول لمساهمتها المحددة وطنياً، مشيراً إلى أن بلادها تسعي لأن يشهد المؤتمر المقبل تعهدات جديدة للدول لخفض الانبعاثات الضارة، وأنها ستدعم الدول الأفريقية للتوصل إلى أفضل الحلول الممكنة في هذا الصدد، منوهة إلى أن النرويج أعلنت عزمها مضاعفة تمويلها المناخي إلى 14 مليار كرونة نرويجية بحلول عام 2026 (نحو 1.6 مليار دولار أمريكي).
من جانبه، استعرض الدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، استراتيجية الدولة لزيادة مساهمة نسبة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة الكهربائية، لافتاً إلى أنها تستهدف إنتاج 10 آلاف ميجاوات من الطاقة المتجددة عام 2023، والوصول إلى نسبة إنتاج 42% من الطاقات المتجددة من إجمالي الطاقة المنتجة في مصر بحلول عام 2035.
بينما أشارت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، رئيس مجلس إدارة صندوق مصر السيادي، إلي قيام الحكومة بإعداد ونشر دليل لمعايير الاستدامة البيئية في خطة التنمية الـمُستدامة، يستهدف مُضاعفة نسبة الاستثمارات العامة الخضراء من 30% في خطة عام 21-2022، لتُصبح 50% بنهاية عام 24-2025، في مجالات النقل والمياه والصرف الصحي والري والكهرباء، معربة عن تطلعها لزيادة التعاون بين صندوق مصر السيادي وصندوق الاستثمار النرويجي للدول النامية خلال الفترة المقبلة، بما يضمن توطين الصناعة ونقل التكنولوجيا، علي غرار المشروعات القائمة مع الشركات النرويجية العاملة في مصر.