وسط تجمع ما يزيد عن 4 آلاف شخص، تقدم أحد الرجال وشق الصفوف وحوله مجموعة من الناس فيما هو معروف بـ"القودة" ليقدمه إلى عدد من الأشخاص يمثلون أسرة ولى الدم، ويتبادلان الأحضان، ليبدأ بعد ذلك الناس من حولهم بالتكبير والتهليل، وإتمام الصلح.
بهذا الوصف بدأت مراسم الصلح "القودة" بين عائلتى "آل مدنى وآل عثمان" فى قرية المنشية الجديدة التابعة لمركز كوم أمبو بمحافظة أسوان، صباح اليوم السبت، لإنهاء الخصومة الثأرية بين العائلتين والتى امتدت لنحو 17 سنة.
حضر مراسم الصلح، اللواء أيمن رضا، السكرتير العام المساعد لمحافظة أسوان نيابة عن محافظ أسوان، واللواء أيمن خلاف مساعد مدير أمن أسوان، وإدريس الشريف رئيس لجنة المصالحات والقيادات التنفيذية والأمنية والدينية والشعبية، بجانب حضور نحو 4 آلاف شخص.
بدأت مراسم الصلح بين عائلتى "آل مدنى وآل عثمان" أبناء عمومة من عائلة اللهبة، بتجمع المئات من المواطنين على مقر الصلح الذى نصب بقرية المنشية، بحضور القيادات التنفيذية والدينية والأمنية والشعبية، وحضر أطراف الخصومة إلى المكان، ليبدأ الجانى من عائلة آل عثمان والمتهم بقتل شخص من عائلة آل مدنى، فى تقديم "درع المصالحة بدلا من الكفن" كنوع من الاعتذار وطلب قبول الصلح، وهو ما قبله الطرف الآخر ليعلن إنهاء الخصومة الثأرية ووقف سلسال الدم بين أبناء العائلتين.
وأكد العمدة ماجد الشرونى، عضو لجنة المصالحات، أن جهود المصالحة امتدت لفترة طويلة حاولت خلالها لجنة المصالحات برئاسة السيد الإدريسى وإشراف عبد العزيز الشرونى عمدة قرية المنشية، حتى تم التوافق بين أطراف الخصومة بين عائلتى "آل مدنى وآل عثمان" وهما من أبناء عمومة واحدة وينتميان لقبيلة "اللهبة".
وأوضح "الشرونى"، أن الخصومة بدأت أحداثها خلال عام 2005 عندما شب خلاف بين عائلتى "آل مدنى وآل عثمان" وهما من أبناء عمومة واحدة وينتميان لقبيلة "اللهبة"، بسبب خلاف على قطعة أرض بمنطقة وادى خريت، وقام على أثرها "ا.ع.ا" من عائلة آل عثمان بتسديد طعنة بواسطة سكين ل"ياسر حسن مصطفى" 22 سنة، من عائلة آل مدنى حتى لفظ أنفاسة الأخيرة نتيجة ذلك، وتم القبض على المتهم وحكم عليه بالسجن المؤبد 25 سنة.
وفى السياق، أضاف الشيخ محفوظ محمد عباس، مفتش بالأوقاف وعضو لجنة المصالحات، أن مبادرة الصلح بين العائلتين تبدأ من أعضاء لجان المصالحات وأهل الخير، ويبدأون بأصحاب الدم أهل المجنى عليه ويطلبون منهم الصفح والعفو ويذكرونهم بالله وأن ذلك من شيم أهل الخير اقتداء برسول الإسلام، ثم يتوجهون للطرف الآخر لتقبل هذا الأمر لوقف سلسال الدم وإنهاء الخصومة بين الطرفين، وعلق قائلا: "الحمد لله الطرفان استجابوا لمحامد العفو".
وأشار إلى أن مراسم الصلح تتم فى العلن بحضور القيادات المختلفة بالمحافظة وآلاف المواطنين الذين يباركون هذا العمل الصالح، ثم يأتى أحد أفراد أسرة الجانى نيابة عن القاتل والذى يقضى حاليا فترة العقوبة فى السجن، ويتقدم صفوف الجمع حاملا فى يديه "الكفن" لتقديمه إلى ولى الدم من أسرة القتيل كنوع من الاعتذار على هذه الواقعة، وهو ما يقبله الطرف الآخر للإعلان عن إتمام الصلح.
وعلى الجانب الآخر، أكد اللواء محمد البنا، السكرتير العام المساعد، فى كلمته نيابة عن محافظ أسوان، على ضرورة تقديم النصيحة والتوعية لأبنائنا وشبابنا بأهمية التماسك والترابط والتعاون ونبذ العنف والعصبية لكى ننهض بمجتمعنا ، ونحقق كل ما نصبو إلية من آمال وطموحات ، مشيداً بجهود لجنة الصلح والقيادات الأمنية والدينية والعمد والمشايخ في رأب الصدع ونجاحهم في عقد مراسم الصلح بهذا الشكل الحضارى ، لافتاً إلى الوعى المستنير الذى تحلى به أبناء العمومة الذين تربطهم أواصر الدم والقرابة والجوار والمصالح المشتركة لإستجابتهم الحكيمة لنداء العقل لإتمام هذا الصلح المبارك مما يؤكد على عمق محبتهم وتعاونهم.
وفى المقابل، قال عبد الرازق حسن، عضو لجنة تنظيم الصلح، إن هناك مجموعة من الأشخاص يتطوعون لهذا العمل التنظيمى ويبدأ دورهم قبلها بيوم من خلال تجهيز مكان الصلح، وإعداد الموائد والولائم لاستقبال الضيوف وتنظيم الدخول.