مسيرة طويلة فى اتجاه التمكين.. النساء فى تراث الثقافات القديمة.. التاريخ لم يحتفظ للمرأة بحق اكتشافها للزراعة.. الحضارات فى مجملها لم تنصفها.. والمصريون فقط منحوها ما تستحق

السبت، 05 مارس 2022 03:05 م
مسيرة طويلة فى اتجاه التمكين.. النساء فى تراث الثقافات القديمة.. التاريخ لم يحتفظ للمرأة بحق اكتشافها للزراعة.. الحضارات فى مجملها لم تنصفها.. والمصريون فقط منحوها ما تستحق المرأة فى التاريخ
كتب : أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إن الحديث عن المرأة وما تتعرض له من عنف حديث لا ينقطع أبدًا، وذلك لأن تاريخ النساء حافل بالعديد من لحظات النصر والهزيمة، والحرية والقهر، إنها رحلة طويلة جدًا، بدأت منذ عصور ما قبل التاريخ.. نعم كى نفهم حال المرأة، علينا أن نلقى نظرة سريعة لوضعها فى تاريخ الإنسانية، بداية لا ينكر الباحثون ظهور الشعوب التى تقدس المرأة فى المجتمع الرعوى قبل أن يعرف الإنسان الزراعة، حيث وجد ما أطلقوا عليه المجتمع «الأمومى» انطلاقًا من كون المرأة أصل كل شىء، كما ربطوا بينها والشمس وأحيانًا وبينها والقمر فى أحيان أخرى، وأحيانًا مع الحيوان الذى كانوا يعدونه أهم كائن فى حياتهم، لذا عثر باحثو الآثار على نساء بجسد امرأة ورأس حيوان، وانتشرت تماثيل للنساء البدينات اللواتى يرمزن إلى الخصوبة.
 
 
لقد كانت المرأة شريكًا أساسيًا فى رحلة الإنسان منذ البداية، بل إن البعض يرى أن الزراعة فى بدايتها ارتبطت بالمرأة ولم ترتبط بالرجل الذى كان مشغولًا بالصيد، وذهب البعض فى حديثه عن الجماعة الأولى للإنسان فقال «على أن أكثر العمل المضنى الذى تحتاج إليه الجماعات كان من نصيب النساء، فإن الرجل البدائى لم يكن يفهم للشهامة ولا للنخوة أو النجدة معنى، فكانت الجماعة إذا عزمت على الانتقال من مكان نزلت فيه حمل النساء والشابات كل ما يوجد من المتاع، ومشى الرجال بغير شىء إلا أسلحتهم، وهم على استعداد لدفع الطوارئ، ولا شك أن العناية بالأطفال أيضا كانت من نصيب النساء»، وعليه يمكن القول إن تأريخ المرأة مع العنف بدأ مبكرًا، فقد تحملت مسؤوليات ضخمة وقامت بها خير قيام، وفى النهاية لم تلق التقدير الذى تستحقه، وكى نفهم ذلك علينا أن نستعرض كيف تعاملت الحضارات القديمة مع المرأة ونعتمد فى ذلك على كتاب «حواء والخطيئة» للدكتورة فتنت مسيكة بر، وكتابها صدر ضمن مطبوعات مؤسسة المعارف فى بيروت، حيث يتوقف الكتاب عند 8 حضارات استطاعت أن تفرض سيطرتها على مناطقها، بل على العالم كله، وأشارت إلى موقف المرأة فيها.
المراه-الهنديه
 

1 - الحضارة الهندية.

. من أبرز مواقف المجتمع الهندى تجاه المرأة أنه كان ينكر عليها إنسانيتها، ويتغاضى بالتالى عن الاعتراف بأهليتها وبحقوقها الإنسانية، وقد أمعن باحتقارها إلى درجة أنه كان «يعتبرها لعنة ووباء فتاكا، ويراها أفظع من السم، وأشد خطرا من الأفاعى» لذلك عاملها معاملة الأمة، فكانت ملكا للأب تباع للزوج وتدفن حية عند موته»، ونصت الشريعة البرهمية فى المادتين 174 و148 من قوانين «مانو» على أن المرأة تظل تحت سيطرة الرجل، ولا يحق لها فى أية مرحلة من مراحل حياتها أن تقتضى أمرًا وفق مشيئتها أو رغبتها الخاصة حتى ولو كان هذا الأمر من الأمور الداخلية لمنزلها. 
الحضاره-الفارسيه

2 - الحضارة الفارسية..

لم تختلف معاملة المرأة الفارسية عن زميلتها فى الهند، إذ أن الزرادشتية فى الواقع كانت أشد عداء للمرأة إذ تعتبرها مساعدة «لأهريمان» أى الشيطان، وتمثل الشر المجسم، يقول «زاهنير» فى كتابه «فجر الزرادشتية وشفقها» إن كتب البهلوى صامتة عن أصل المرأة، ولقد تمثل الخالدون فى كل كتب البهلوى بشخصية الذكور، ولم يستثن ذلك إلا فى حالة «أرماتى» أى العقل المستنير، والتى تمثلت بالأرض الأم.
المراه-الصينيه

3 - المرأة الصينية..

مما يذكر عن المرأة فى الكتب الصينية القديمة أنها سميت «بالمياه المؤلمة» التى تغسل المجتمع وتكنسه من السعادة والمال، وقد اعتبرها الرجل شرًا يستبقيه بمحض إرادته، ويتخلص منه بالطريقة التى يرتضيها ويشاء، وقد ذهب «كونفوشيوس» إلى اعتبار المرأة متاعا يباع وهى النظرة التى استمرت لفترة طويلة.
 

4 - بلاد ما بين النهرين.

. لم تكن المرأة فى العهد السومرى أحسن مما كانت عليه أخواتها فى البلاد المجاورة سواء على الصعيد الاجتماعى أو على صعيد الحرية والكرامة والحقوق الإنسانية، أما عند البابليين، فكانوا ينظرون إليها نظرة احتقار وأنها لم تخلق إلا لخدمة الرجل وإسعاده، وحسبها فى شريعة حمورابى التى اشتهرت بها بابل، أنها كانت تحسب فى عداد الماشية المملوكة، ويدل على غاية مداها فى تقدير مكانة الأنثى، أنها كانت تفرض على من قتل بنتا لرجل آخر أن يسلمه بنتا ليقتلها أو يملكها إذا شاء أو يعفو عنها، وقد يضطر لقتلها لينفذ حكم الشريعة المنصوص عليها. وفيما يتعلق بالمجتمع الأشورى فقد انخفض فيه مركز المرأة الاجتماعى، وفقدت فيه بعض الحقوق التى كانت تتمتع بها فى الحضارتان السومرية والبابلية إذ أصبحت ملكا لرجل يحق له أن يحرمها ما تملك، وأن يطلقها متى أراد معتبرا أن لا فرق بينها وبين الحيوان الأعجم، هو يأمر وعليها أن تتلقى الأوامر وتنفذها صاغرة دون أن يكون لها الحق فى أن تعترض.

 

النساء فى تراث الثقافات القديمة المصريون

5 - الحضارة المصرية القديمة.

. تميزت الحضارة المصرية القديمة بما خصت به المرأة من مكانة مرموقة، إذ حولتها مركزا شرعيا تعترف به الدولة وتنال به حقوقا فى الأسرة والمجتمع، حقوقا قريبة من حقوق الرجل فقد تمتعت المرأة المصرية، بصفة عامة، بالشخصية الأدبية واكتسبت حقوقا مادية إذ كان لا أن تملك، وأن ترث، وأن تتولى أمر أسرتها فى غياب من يعولها، بل ولها أن تحكم إذ جعلها ملكة تصدر الأحكام وتحكم البلاد. كما اعتبرت سيدة البيت، فنسب إليها الأبناء فى حالات عدة، وإذا مات الزوج، انتقلت إليها السلطة على الأبناء الذين لم يبلغوا سن الرشد حتى فى علاقات الأسرة بالدولة، وقد اضطلعت بواجبات مختلفة فى شتى الميادين داخل البيت وخارجه، ومع ذلك نجد أن القانون فى الحضارة المصرية القديمة كان صارمًا بحق المرأة إذ سلط عليها الحكم بالموت بمجرد الشبهة فيما يتعلق بطهارتها. كما تجدر الإشارة إلى أن البيئة المصرية القديمة كانت تسودها الطبقية المطلقة والفرعونية الصارمة وقد تأثرت حياة المرأة بظروف عائلتها ومكانتها فى المجتمع سلبا وإيجابا، فتأرجح وضعها بين القساوة والرخاء وبين الذل والامتهان أو الإعزاز والإكرام، وفق ضعف مكانة أهلها أو عزهم فى البنية الاجتماعية السائدة.
الحضاره-اليونانيه
 

6 - الحضارة اليونانية.

. فى بلاد اليونان رغم أن الحضارة اليونانية قد تميزت بالعقلانية والفلسفة فإن التشريع اليونانى لم يكن يعترف بحقوق المرأة، ولم يعطها شيئا تعلو به عن مقام الأنثى، ولقد قال فيها «ديموستان» خطيب اليونان الشهير»، «هن لنا مدبرات أمينات لبيوتنا، وأمهات لأولاد شرعيين لمستقبلنا».
 

7 - الحضارة الرومانية.

. لم يكن حظ المرأة الرومانية، فى القانون الرومانى، بأحسن من حظ أختها اليونانية، نظرًا لما بين الحضارتين من تفاعل عميق وبعيد المدى. فقد كان مذهب الرومان فى الحكم على المرأة كمذهب الهنود الأقدمين، بل زاد القانون الرومانى فى الجور عليها، إذ اعتبرها قاصرة، مسلوبة الحرية، وعديمة الأهلية مثلها فى ذلك مثل الصغير والمجنون.
 

8 - فى عصر ما قبل الإسلام

. فى الجزيرة العربية فلم يكن وضع المرأة بأفضل من وضعها فى سائر البلاد على تنوع عاداتها وشرائعها، إذ كان شأنها يسوء تارة فتهبط إلى الحضيض، أو يتحسن تارة أخرى، فتتبوأ مركز الصدارة فى مطالع القصائد الغزلية والحربية، وذلك تبعًا للأوساط الاجتماعية التى كانت تنتمى إليها المرأة، فقد كان العرب فى جاهليتهم يعيشون عيشة قبلية مضطربة، تسودها الفوضى، ويغلب عليها التمزق الاجتماعى، وتطغى عليها فكرة تسلط الأقوياء على الضعفاء. 
 
نلتقى قريبًا فى حلقة جديدة من «المرأة ومسيرة طويلة فى اتجاه التمكين».

اليوم السابع
 
 






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة