تشهد الأراضى الفلسطينية المحتلة خلال الأيام الماضية تصعيدا إسرائيليا غير مسبوق ما يهدد بالعودة لحالة عدم الاستقرار في مدن الضفة الغربية والقدس المحتلة، ونفذ عدد من الفدائيين الفلسطينيين 6 عمليات خلال الأسبوعين الماضيين في الداخل الإسرائيلي ومدن الضفة الغربية ردا على الإجراءات الاستفزازية التي يقوم بها الاحتلال سواء من اقتحام المسجد الأقصى والتوسع الاستيطاني والاعدامات الميدانية.
يرى مراقبون أن الإجراءات التي تتخذها السلطات الإسرائيلية في شهر رمضان المبارك يمكن أن تشعل شرارة انتفاضة جديدة في مدن الضفة الغربية، محذرين من الدعوات التي تقودها منظمات يهودية متطرفة بضرورة تكثيف اقتحام الأقصى وتنظيم مسيرات للمستوطنين احتفالا بعيد الفصح اليهودي يوم 15 أبريل الجاري ولمدة أسبوع.
ووثقت وسائل إعلام إسرائيلية مقتل أكثر من 13 مستوطنا وإصابة أكثر من 20 آخرين في عمليات متفرقة نفذها عدد من الفدائيين الفلسطينيين سواء في مدن الداخل المحتل أو الضفة الغربية، مشيرة إلى فشل المنظومة الأمنية الإسرائيلية بشكل كامل في إحباط هذه العمليات التي تكررت خلال الأيام الماضية في تل أبيب وحيفا وبئر السبع.
آثار الدمار عقب تنفيذ فلسطيني لعملية وسط تل أبيب
وصعدت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر الأحد، من اعتداءاتها بحق الشعب الفلسطيني وممتلكاته في مختلف محافظات فلسطين، ما أسفر عن استشهاد مواطنة، وإصابة 8 مواطنين بالرصاص، واعتقال 25 آخرين، غالبيتهم من جنين.
ففي بيت لحم، استشهدت المواطنة الفلسطينية غادة إبراهيم علي سباتين في العقد الرابع من عمرها، متأثرة بإصابتها برصاص الاحتلال في منطقة المطينة على المدخل الشرقي في قرية حوسان غرب بيت لحم.
وأوضحت وزارة الصحة الفلسطينية أن المواطنة وصلت إلى مستشفى بيت جالا الحكومي، وهي تعاني من قطع في شريان الساق، إضافة إلى خسارتها كمية كبيرة من الدم، وسرعان ما أعلن عن استشهادها، متأثرة بإصابتها، يذكر أن الشهيدة أرملة، ولديها ستة أطفال.
وفي جنين، أصيب شابان فلسطينيان بالرصاص الحي، والعشرات بحالات اختناق، خلال اقتحام مدينة جنين وبلدة يعبد جنوبا.
وقالت مصادر محلية فلسطينية، إن قوات كبيرة من جيش الاحتلال الاسرائيلى اقتحمت بلدة يعبد من عدة محاور، ونشرت قناصة على أسطح عدد من منازل المواطنين. الفلسطينيين.
فيما اندلعت مواجهات بين الشبان الفلسطينييين وقوات الاحتلال، التي أطلقت باتجاههم الرصاص وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع، ما أدى إلى إصابة شابين بالرصاص الحي في الخاصرة والظهر، وجرى نقلهما إلى إحدى المستشفيات، لتلقي العلاج.
فيما أكدت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" أن شابا أصيب بعيار ناري بالظهر، خلال اقتحام قوات الاحتلال الاسرائيلى الحي الشرقي من مدينة جنين، وسط اندلاع مواجهات في محيط المكان.
وفي طولكرم، أصيب أربعة مواطنين فلسطينيين خلال اقتحام الاحتلال مخيم نور شمس شرقًا، بينهم إصابتان بالرصاص الحي في الفخذ، وإصابتان بنهش كلاب بوليسية اسرائيلية.
وفي أريحا، أصيب أربعة مواطنين فلسطينيين في مخيم عقبة جبر جنوبًا، إحداها وصفت بالخطيرة. وكانت الإصابات كالتالي: إصابة بشظية في الظهر، إصابة الرصاص الحي في الفخذ وكسر عظمة الفخذ، وإصابة بالرصاص الحي في القدم، وأخرى بالرضوض نتيجة اعتداء جنود الاحتلال.
في ذات السياق، تعمل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية وبدعم من المستوى السياسي، على عزل الأحداث الجارية في شمال الضفة الغربية وخاصة جنين، عن باقي المناطق الفلسطينية، ومنع امتداد أي أحداث تجري هناك إلى مناطق احتكاك أخرى.
وأكدت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أن العمل يركز حاليًا من أجل الحفاظ على الهدوء بقطاع غزة، والقدس وكذلك في مناطق أخرى من الضفة الغربية، وحتى في أوساط فلسطينيي الداخل.
واعتبرت الصحيفة الإسرائيلية أن العمليات التي جرت ولا زالت تجري في جنين بأنها ستخلق شعورًا بين أفراد المجموعات المسلحة بأنهم "مطاردون"، في المقابل لا زالت مهمة فك شيفرة العملية الأخيرة في تل أبيب لم تكتمل بعد فشل اعتقال والد وأشقاء منفذ العملية رعد حازم، والشخص المشتبه بمساعدته والمعروف لدى الشاباك.
وأشارت الصحيفة إلى أن العملية الأخيرة، كما العمليات التي سبقتها جميعها نفذت بدون بنية تحتية تنظيمية، وأن نجاحها يثير مخاوف من هجمات تقليدية أخرى.
وأوضحت الصحيفة الإسرائيلية أن المؤسسة الأمنية تسعى لحل المشكلة التي ظهرت في الفترة الأخيرة وهي السلوك العملياتي الذي ظهر خلال العملية الأخيرة من مشاكل القيادة والسيطرة على المنطقة وعدم التنسيق بين الشرطة والشاباك والوحدات الخاصة للجيش، ونشر أخبار غير دقيقة، والتغطية الإعلامية وتجول الإسرائيليين بين تلك القوات، وهو الأمر الذي أمر رئيس الأركان أفيف كوخافي بفتح تحقيق فيه.
الجيش الاسرائيلي
واعتبرت الصحيفة أنه من الضرورة العمل على وجود حرس وطني يقوم بمهام عسكرية داخل الجبهة الداخلية بعد فشل الشرطة الإسرائيلية ووحداتها في مواجهة العمليات الأخيرة، وأنه من الضروري أن يتم ذلك قبل اندلاع أي حرب قد تشمل حوادث كتلك التي وقعت خلال عملية "حارس الأسوار/ سيف القدس" داخل المدن الإسرائيلية وخاصة المختلطة ما بين اليهود والعرب.
إلى ذلك، أكدت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، أن ما تتعرض له جنين جزء من مخطط إسرائيلي لتفتيت أرض دولة فلسطين وتحويلها الى مناطق معزولة.
وقالت الخارجية الفلسطينية، في بيان صحفي، الأحد، "لطالما تم التحذير من السياسات الإسرائيلية التصعيدية ونتائجها الكارثية على ساحة الصراع والمنطقة برمتها"، مشددة على أن التصعيد الإسرائيلي الممنهج سيؤدي إلى الانفجار الكبير الذي تسعى دولة الاحتلال لحدوثه، لخلق حالة من الفوضى تسهل عليها تنفيذ المزيد من مشاريعها الاستعمارية التوسعية في الأرض الفلسطينية المحتلة.
وأضافت الخارجية الفلسطينية: اليوم يتضح أكثر من أي وقت مضى أن دولة الاحتلال ماضية في تكريس "تفتيت" أرض دولة فلسطين إلى معازل و "كانتونات" مفصولة تماما بعضها عن بعض يسهل السيطرة عليها والتحكم بها وخنقها، في إطار مخطط استعماري إسرائيلي يقوم على تجزئة أرض دولة فلسطين وإغراقها بمحيط استيطاني كبير مرتبط بالعمق الإسرائيلي من الجهتين الغربية والشرقية، في تجسيد لعقلية استعمارية عنصرية تسيطر على مفاصل القرار في إسرائيل، تعتمد على الاستيلاء على المساحة الأكبر من الأرض الفلسطينية وحشر المواطنين في معازل لا يمكن تحقيق التواصل بينها.
وتابعت: هذه التجربة المأساوية التي فرضها الحصار الإسرائيلي الظالم على قطاع غزة والمحاولات الاستعمارية المستمرة لفصله تماما عن جسد الدولة الفلسطينية، تتجلى هذه الأيام بوضوح في محافظة جنين بما تتعرض له من تضييقات وقرارات عسكرية تعسفية لعزلها عن محيطها الفلسطيني وحرمانها من أبسط المكونات الاقتصادية والتحكم بمن يدخل إليها أو يخرج منها.
وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن دولة الاحتلال الإسرائيلي تسعى لمنع أي شكل من أشكال التضامن الفلسطيني مع محافظة جنين وحرمانها من أشكال التضامن الشعبية على مستوى الوطن، وأن فظاعة ما يقوم به جيش الاحتلال يستهدف عموم الوطن وضرب قضية شعب فلسطين وحقوقه، وما عمليات القتل خارج القانون واقتحام المنازل وتخريب الممتلكات وترهيب المواطنين الآمنين في منازلهم وإطلاق الرصاص الحي وقنابل الصوت في ساعات متأخرة من الليل في شهر رمضان المبارك، إلا دليل على ذلك، كما أن صورة السيدة التي أطلقت عليها قوات جيش الاحتلال النار هذا اليوم في حوسان غرب بيت لحم ووثقها تلفزيون فلسطين بالصوت والصورة إثبات آخر على وحشية وهمجية آلة القتل الإسرائيلية المنتشرة في عموم الضفة الغربية المحتلة.
وحملت الحكومة الإسرائيلية وأذرعها المختلفة المسؤولية الكاملة والمباشرة عن نتائج هذا التصعيد ومخاطره على ساحة الصراع، ورأت أن الحكومة الإسرائيلية الحالية تحاول حل أزماتها الداخلية على حساب الشعب الفلسطيني وحقوقه ودمائه.
وأكدت الخارجية الفلسطينية أن استمرار الاحتلال والاستيطان وعمليات تهويد القدس والتنكر لحقوق الشعب الفلسطيني وإقدام حكومة بينت- لبيد على إغلاق الأفق السياسي لحل الصراع، هو السبب الرئيسي للتوترات والانفجارات الحاصلة في ساحة الصراع.
وطالبت المجتمع الدولي والإدارة الأمريكية بسرعة التدخل لوقف التصعيد الإسرائيلي تلافيا للانهيار الذي يهدد ساحة الصراع، كما طالبت المجتمع الدولي باتخاذ ما يلزم من إجراءات لاستعادة الأفق السياسي لحل الصراع على قاعدة أنه لا بديل للحل السياسي التفاوضي للصراع.
أطلع رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، مساعد وزير الخارجية الياباني كانسوكي ناغاوكا، اليوم الأحد، على آخر المستجدات وتطورات الأوضاع في فلسطين.
رئيس وزراء فلسطين
وشدد رئيس الوزراء الفلسطيني لدى استقباله ناغاوكا، على أن توتر الأوضاع هو نتيجة تصعيد الإجراءات الإسرائيلية وغياب الأفق السياسي، إضافة الى فقدان الأمل والشعور بالغضب لدى أبناء الشعب الفلسطيني نتيجة المعايير الدولية المزدوجة في تطبيق القانون الدولي.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة