انطلاقًا من دور الجهاز القومى للتنسيق الحضارى فى العمل على إحياء الذاكرة القومية والتاريخية للمجتمع المصري، انطلقت فكرة مشروع "حكاية شارع"، الذى يهدف إلى التعريف بالشخصيات الهامة التى أطلقت أسماؤها على بعض الشوارع، وذلك من خلال وضع لافتات باسم وتاريخ الأعلام الذين أطلقت أسمائهم على الشوارع، والذين يشكلون قيمة تاريخية وقومية ومجتمعية لمختلف فئات الشعب المصري، ولهذا نستعرض يوميًا شخصية من الشخصيات التى لهم شوارع تحمل أسمائهم، حسب ما جاء فى حكاية شارع للتنسيق الحضارى، واليوم نستعرض شخصية "المعز لدين الله الفاطمى" والذى له شارع يحمل اسمه بالقاهرة.
هو معد المعز لدين الله، المعز أبو تميم معدّ بن منصور، ولد بمدينة المهدية عام 932م، وهو رابع الخلفاء الفاطميين فى إفريقية (تونس حاليًا) وأول الخلفاء الفاطميين فى مصر، والإمام الرابع عشر من أئمة الإسماعيلية حكم من (953 حتى 975).
توليه خلافة الدولة الفاطمية
ولى المعز لدين الله الخلافة الفاطمية خلفًا لأبيه المنصور أبى طاهر إسماعيل، الخليفة الثالث فى قائمة الخلفاء الفاطميين، وكان المعز رجلًا مثقفًا يجيد عدة لغات مولعًا بالعلوم والآداب متمرسًا بإدارة شئون الدولة وتصريف أمورها كيسًا فطنًا يحظى باحترام رجال الدولة وتقديرهم.
وانتهج المعز سياسة رشيدة، فأصلح ما أفسدته ثورات الخارجين على الدولة، ونجح فى بناء جيش قوى، واصطناع القادة والفاتحين وتوحيد بلاد المغرب تحت رايته وسلطانه ومد نفوذه إلى جنوب إيطاليا.
ولم تغفل عينا المعز لدين الله عن مصر، فكان يتابع أخبارها، وينتظر الفرصة السانحة لكى يبسط نفوذه عليها، متذرعًا بالصبر وحسن الإعداد، حتى يتهيأ له النجاح والظفر.
استيلاء الفاطميون على مصر
عهد المعز لدين الله إلى قائده "جوهر الصقلي" بقيادة الحملة التى أعدها للاستيلاء على مصر، وضمها للدولة الفاطمية، الذى نجح من قبل فى بسط نفوذ الفاطميين فى الشمال الأفريقى كله، وحينما وصل جيش المعز إلى مصر لم يجد مشقة فى مهمته ودخل عاصمة البلاد فى 17 من شعبان 358هـ/ 6 يوليو 969م دون مقاومة تذكر، وبعد أن أعطى الأمان للمصريين.
وقد أسس جوهر مدينة القاهرة 969م، وأقام بها قصرًا كبيرًا لإقامة المعز، وعرف هذا القصر باسم "لقصر الشرقى الكبير"، كما أنشأ الجامع الأزهر، ليكون منبرًا للدعوة الشيعية.
وكانت القاهرة وقت إنشائها تحد من الشمال بموقع باب النصر، ومن الجنوب بموقع باب زويلة وما يليه، وتحد شرقًا بموقع باب البرقية وباب المحروق المشرفين على المقطم، وتعرف هذه المنطقة فى أيامنا بالدراسة، وتحد غربًا بباب سعادة وما يليه حتى شاطيء النيل.
انتقال المعز إلى القاهرة
عندما أصبحت الظروف مهيأة لاستقبال الخليفة المعز لدين الله فى القاهرة، العاصمة الجديدة للخلافة الفاطمية، كتب إليه جوهر يدعوه إلى الحضور وتسلم زمام الحكم فخرج المعز من المنصورية عاصمته فى المغرب فى 5 أغسطس 972م، وكانت تتصل بالقيروان، وحمل معه كل ذخائره وأمواله حتى رفات آبائه حملها معه وهو فى طريقه إليها. واستخلف على المغرب أسرة بربرية محلية هى أسرة “بنى زيري”، وكان هذا يعنى أن الفاطميين قد عزموا على الاستقرار فى القاهرة، وأن فتحهم لها لم يكن لكسب أراضٍ جديدة لدولتهم، وإنما لتكون مستقرًا لهم ومركزًا يهددون به الخلافة العباسية.
وصل المعز إلى القاهرة فى 7 رمضان 362هـ/ 11 يونيو 972م، وأقام فى القصر الذى بناه جوهر، وفى اليوم الثانى خرج لاستقبال مهنئيه وأصبحت القاهرة منذ ذلك الحين مقرًا للخلافة الفاطمية، وانقطعت تبعيتها للخلافة العباسية.
قضى المعز الجزء الأكبر من خلافته فى المغرب، ولم يقض فى مصر إلا حوالى 3 سنوات فقط، ولكنها كانت ذات تأثير فى حياة دولته، فقد نجح فى نقل مركز دولته إلى القاهرة، وأقام حكومة قوية أحدثت انقلابًا فى المظاهر الدينية والثقافية والاجتماعية فى مصر، ولا تزال بعض آثاره تطل علينا حتى الآن، وجعل من مصر قلبا للعالم الإسلامى ومركزًا لنشر دعوته الإسماعيلية والتطلع إلى التوسع وبسط النفوذ، كما كان أول خليفة فاطمى يحكم دولته من القاهرة، عاصمته الجديدة.
وقد حارب المعز القرامطة وجرد لهم الجيوش إلى أن استطاع إبعادهم إلى شرق الجزيرة العربية بعيدًا عن مكة وجوارها.
وفاته
توفى المعز لدين الله فى القاهرة فى 16 ربيع الثانى 365 هـ/ 23 ديسمبر 975م.
المعز لدين الله الفاطمى
شارع المعز لدين الله
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة