** منح الجهاز سلطة الرقابة المسبقة على الاندماجات والاستحواذات يعمل على دفع عجلة التنمية الاقتصادية وجذب الاستثمارات
135 **دولة حول العالم تعمل بنظام الرقابة المسبقة على الاندماجات والاستحواذات وفقا لأحدث الإحصائيات
** نعمل على ضمان كفاءة الانفاق الحكومي ومواجهة عمليات التواطؤ التي تتم في المشتريات العامة للدولة
** تحديث "دليل التوافق" لأن هدفنا "التوافق مع القانون" وليس "تجريم" الشركات
** نلتزم بالموضوعية ونضع جميع اللاعبين في الأسواق على قدم المساواة لتحقيق الحياد التنافسي
** نتائج قرارات الجهاز بشأن خفض معدلات إنتاج الأسمنت "إيجابية" ولدينا لجنة تجتمع أسبوعيًا لمراقبة تأثيره على السوق
قبل أيام صدر قرار التشكيل الجديد لمجلس إدارة جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية برئاسة الدكتور محمود ممتاز، والذي تولى رئاسة الجهاز مطلع العام الماضي، شهد خلالها أداء عمل الجهاز نقلة نوعية سواء فيما يتعلق بانفاذ قانون حماية المنافسة في العديد من القطاعات أبرزها القطاع الصحي والمواد الغذائية والأسمنت والحديد وغيرها، وتحقيق الحياد التنافسي ونشر وتعزيز ثقافة المنافسة، وكان آخر تلك النجاحات إنشاء وتدشين شبكة المنافسة العربية وعقد مؤتمرها الأول بالقاهرة مارس الماضي.
ويمثل جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية أهمية كبرى في إرساء وتطبيق قواعد المنافسة الحرة والنهوض بمستويات أداء الأسواق وكشف الممارسات الضارة بالاقتصاد القومي، كما أنه داعمًا أساسيًا للصناعة الوطنية وجذب المزيد من الاستثمارات للسوق المصري وتحقيق تكافؤ الفرص بين مختلف القطاعات الاقتصادية إلى جانب حماية الشركات الصغيرة والمتوسطة من أية ممارسات تعيق دخولها الأسواق وخلق فرص عمل وتعزيز كفاءة الاقتصاد الوطني، ولهذا يأتي على رأس الجهاز الدكتور محمود ممتاز والذي كان مسئول تنمية القطاع الخاص بالبنك الدولي بمقره الرئيسي بواشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث كان مسؤولا عن عدة ملفات تخص حماية المنافسة وتنمية القطاع الخاص والمنافسة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بالإضافة إلى جنوب شرق آسيا منذ أغسطس 2018 قبل توليه رئاسة الجهاز، كما أنه حاصل على درجة الدكتوراة في قانون واقتصاد المنافسة من كلية القانون بجامعة هامبورج بألمانيا.
وإلى نص الحوار..
صدر قرار تعيينك مع بداية عام 2021 في ظل وضع استثنائي بالتزامن مع جائحة كورونا وما ترتب عليها من تداعيات على الاقتصاد المصري، ما أهم الملفات التي كانت على أولوياتك بعد تولى المنصب؟
ملف القطاع الصحى، وكان من الطبيعي أن يفرض نفسه على أولوية الجهاز في تلك الفترة، بالإضافة إلى قطاعات أخرى كانت تمس جموع المستهلكين بشكل عام ومباشر مثل قطاع الصناعات الغذائية، بالإضافة إلى قطاع السيارات حيث تلقى الجهاز عددًا كبيرًا من الشكاوى في هذا القطاع خلال الفترة السابقة، والجهاز تحرك في كافة تلك المحاور لارتباطها بعدد كبير من المواطنين قياسا بقطاعات أخرى.
وما شهده القطاع الصحي من صفقات استحواذات كان أمر بديهي ومتوقع من جانب الجهاز، خاصة في ظل الوضع الصحي أثناء جائحة كورونا، وبالتالي كان من الضروري لجهاز حماية المنافسة أن تكون "عينه" على السوق حتى نضمن عدم تشوه هياكل الأسواق نتيجة اندماجات واستحواذات في هذا القطاع.
الجهاز يتحرك بشكل سريع لحل القضايا الاستراتيجية التي تمس المال العام، حيث شهدت الدولة في الفترة السابقة حجم إنفاق كبير في ملفات عديدة، وبالتالي تحرك الجهاز لضمان كفاءه هذا الإنفاق ولضمان عدم حدوث ممارسات احتكارية، وكان هذا بالتعاون والتكامل مع كافة أجهزة الدولة، ووضعنا استراتيجية لجهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية في السنوات ما بين 2021-2025.
وما تفاصيل ومحاور تلك الاستراتيجية؟
تقوم استراتيجية عمل الجهاز "2021-2025" على أربعة محاور رئيسية؛ أولها: الانفاذ الفعال لأحكام القانون من خلال مجموعة من الأهداف الفرعية من بينها تطوير نظام مراقبة الأسواق، والكشف عن الممارسات الضارة بالمنافسة والتعزيز من فعالية سياسة الإعفاء الكلي والرقابة المسبقة على عمليات الاندماجات والاستحواذات والتعاون مع الجهات الأخرى.
أما المحور الثاني للاستراتيجية فيقوم على الحد من التشريعات والسياسات والقرارات المقيدة لحرية المنافسة، حيث أن تحقيق الحياد التنافسي أحد مهام الجهاز الرئيسية وسيتم العمل على تحقيق ذلك من خلال تأسيس مجموعة من الإدارات المختلفة وإصدار الإرشادات والسياسية العامة لدعم سياسة المنافسة في التشريعات والقرارات الحكومية والحد من التنسيق والتواطؤ في التعاقدات العامة.
ويقوم الهدف الاستراتيجي الثالث على نشر ثقافة المنافسة؛ بين العديد من الفئات من بينها؛ فئة مجتمع الأعمال والشركات والمؤسسات العلمية والأكاديمية والجهات الحكومية المختلفة والإعلام، وغيرها. وذلك كله يتم بالتزامن مع الهدف الاستراتيجي الرابع وهو رفع الكفاءة المؤسسية بالجهاز من تطوير الموارد البشرية ورفع كفاءة العاملين بالجهاز وتطوير البنية التحتية للتحول الرقمي وتأسيس إدارات المعرفة وغيره.
وهل تتفق تلك الاستراتيجية مع أهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030؟
بالتأكيد، فأحد الأهداف الأممية الاستراتيجية للتنمية المستدامة ورؤية مصر 2030 هو اقتصاد تنافسي متنوع، وبالتالي وضعنا تلك الاستراتيجية لتتماشى وتتسق مع أهداف الدولة المصرية ورؤيتها التنموية من أجل الارتقاء بجودة حياة المواطن المصري وتحسين مستوى معيشته، والقضاء على الفقر، وجعل الاقتصاد المصري لاعبًا فاعلًا في الاقتصاد العالمي وقادرًا على التكيف مع المتغيرات العالمية، مع الالتزام بالنزاهة والشفافية والحيادية والموضوعية في التعامل مع كافة اللاعبين بالأسواق في مختلف القطاعات.
إلى أي مدى تزداد أهمية أجهزة حماية المنافسة في أوقات الحروب والأزمات كتلك التي نعيشها الفترة الحالية؟
بالتأكيد، لأجهزة حماية المنافسة دور هام خاصة في أوقات الحروب والأزمات، والتي يحدث فيها ضغوط على توفير السلع والخدمات للمستهلكين وخاصة السلع الأساسية، حيث يسعى البعض لاستغلال مثل تلك الأوقات والقيام بممارسات احتكارية كالاتفاقات الأفقية على سبيل المثال بالاتفاق على رفع الأسعار وغير ذلك، وهنا يزداد دور أجهزة حماية المنافسة كأحد الأجهزة الرقابية المعنية بحماية الأسواق وضمان توافر السلع والخدمات بأفضل الأسعار وبأعلى جودة.
ما هو الموقف الحالي لمشروع تعديل مواد القانون الخاصة بمنح الجهاز سلطة الرقابة المسبقة على صفقات الاندماج والاستحواذ؟
تعديلات القانون الخاصة بتطبيق الرقابة المسبقة على الاندماجات والاستحواذات تعتبر من أولويات الجهاز، وبالتالي سعى الجهاز في الفترة السابقة لتوضيح أهميته أمام اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، ونحاول الإسراع في تطبيقه، علما بأن الجهاز يعتبر هو صمام الأمان للاقتصاد المصري، كما أنه وفقًا لأحدث الاحصائيات فإن ما يقرب من 135 دولة حول العالم لديها نظام الرقابة المسبقة على عمليات الاندماج والاستحواذ، ولا يوجد مخاوف محتملة على مناخ الاستثمار بل على العكس فإن هدف التعديل القانوني هو توفير المناخ التنافسي الملائم لبيئة الاستثمار.
وما هي أهمية منح الجهاز سلطة الرقابة المسبقة على عمليات الاندماج والاستحواذ؟
كافة الدراسات الاقتصادية أثبتت فائدته للاقتصاد.. فمنح الجهاز سلطة الرقابة المسبقة سيعمل على الحد من عمليات التركز الاقتصادي التي يكون من شأنها خلق كيان مسيطر أو تعزيز سيطرة كيان على السوق، وتذليل عوائق الدخول والتوسع في السوق المعنية، مما يحد من قدرة المنافسين الحاليين أو المحتملين، وخلق مناخ تنافسي حر يطبق فيه القانون على كل الشركات العاملة بالسوق دون تمييز وذلك مع مراعاة قواعد العدالة الإجرائية، ما سيساهم بشكل كبير في خفض نسب التركز الاقتصادي في الأسواق وتعزيز ثقة المستثمرين، والتعزيز من تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة وبالأخص الاستثمارات الجديدة والتي يكون من شأنها زيادة الهياكل الإنتاجية، بجانب التعزيز من قدرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة على الدخول والمنافسة في السوق.
أيضا يجب أن نفرق بين الاستثمارات الجديدة "الاستثمار الأخضر"، والاستثمارات القائمة بالفعل، فالاستثمارات الجديدة لا تطبق عليها الرقابة المسبقة لأنها تمثل إضافة للطاقات الموجودة داخل الأسواق يستفيد منها الاقتصاد القومي والمستهلك المصري، ولكن التعديلات تخاطب عمليات استحواذ كيان قائم على كيان آخر قائم في السوق لأنه لابد هنا من النظر إلى هيكل الأسواق، هل هيكل الأسواق تنافسي وهل سيحدث تشوه في السوق أم لا.
هل مشروع القانون المقترح يسمح برقابة الجهاز على كافة الاندماجات والاستحواذات في السوق؟
التعديل المقترح لا يهدف إلى الرقابة على جميع التركزات الاقتصادية، وإنما التركزات التى من شأنها أن تحدث تأثيرا في هيكل السوق وهي العمليات التي تتجاوز حجم أعمالها السنوي أو الأصول داخل جمهورية مصر العربية لتلك الكيانات مبلغ 900 مليون جنيه، وقد تم تحديد ذلك المبلغ بناءً على معادلة حسابية على نحو ما جرى في كافة دول العالم بالتناسب مع حجم الناتج القومي المصري، وقد راعى المشروع سرعة الإجراءات المتبعة لفحص التركزات الاقتصادية، وأن تتسم بالوضوح والشفافية تماشيا مع خطة الدولة لتشجيع الاستثمارات والحد من البيروقراطية.
منح الجهاز سلطة الرقابة المسبقة سيساهم بشكل كبير في خفض نسب التركز الاقتصادي في الأسواق وتعزيز ثقة المستثمرين، والتعزيز من تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة وبالأخص الاستثمارات الجديدة والتي يكون من شأنها زيادة الهياكل الإنتاجية، بجانب التعزيز من قدرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة على الدخول والمنافسة في السوق.
كافة الدراسات أثبتت أن العمل بنظام الرقابة المسبقة يزيد من فرص الاستثمار، وأطلعنا على تجارب الدول المختلفة في هذا المجال وتم تحديد حجم الأعمال، فالتعديل لن يطبق على جميع عمليات الاندماج والاستحواذ، كما تم وضع وتحديد مدد زمنية معينة لإبداء الرأي واتخاذ القرار وذلك لسرعة الإنجاز.
هل هناك أمثلة واضحة تعزز أهمية رقابة جهاز حماية المنافسة المسبقة على الصفقات؟
الاتفاق الخاص بصفقة أوبر وكريم، يعتبر عينة عملية لكل شخص يستخدم هذه التطبيقات ويلمس المواطن الفرق في الأسعار والعروض من الشركات مع وجود منافسة وفي حال عدم وجود المنافسة في القطاع، أو وجود شخص واحد فقط يقدم الخدمة، والشروط التي تم وضعها في ذلك الوقت لنضمن وجود أسعار مناسبة للمستهلكين، هذه الشروط كانت حامية للسوق لفترة طويلة، بل وبدأت شركات جديدة في دخول السوق، مما ترتب عليه لجوء شركة أوبر لتخفيض أسعار بعض الرحلات، وشركة ديدي وإندرايف دخلت بطريقة جديدة وأسعار تنافسية.. كل هذه التطورات الإيجابية ما كانت لتحدث لولا تدخل الجهاز لضمان تنافسية القطاع أمام المستثمرين، وهذا أكبر دليل على أنه لو كان وجود الرقابة المسبقة سيحد من دخول الاستثمار ما كان هذا القطاع شهد دخول شركات جديدة تنافس فيه.
الجهاز كان له دور في مجموعة من الملفات الشائكة ومن بينها ضوابط المنافسة في صناعة السجائر.. كيف اطمأن الجهاز لأداء دوره في هذا الملف، في ظل تأجيل طرح الرخصة الجديدة؟
نحن دائما في تواصل مع كافة الجهات المعنية سواء وزارة التجارة والصناعة أو الهيئة العامة للتنمية الصناعية، لتقديم المساعدة وإبداء الرأي بشكل سليم وسريع لضمان المنافسة، وهذا ما حدث في ملف ضوابط المنافسة في صناعة السجائر مع هيئة التنمية الصناعية ابدينا الرأي في عدة نقاط تجاوبوا فيها وتم أخذها في الاعتبار.
تتجه الدولة حاليا إلى تطبيق استراتيجية جديدة لتوطين صناعة السيارات في مصر، كما أجرى الجهاز دراسة حول هذا القطاع. ما هي أهم نتائج هذه الدراسة؟
صناعة السيارات من القطاعات الهامة في مصر، ودول كثيرة اتجهت إليها مثل المغرب وجنوب إفريقيا، وفي هذا الملف لابد أن نفرق بين السياسة الصناعية وسياسة المنافسة، السياسة الصناعية قد تستدعي وجود حماية لفترة مؤقتة لتقوية الصناعة المحلية وفتح الأسواق فيما بعد أمام المستثمرين، وهذا أمر مشروع يتم اتباعه في عدة دول، ولكن متى يتم اعتماد السياسة الصناعية ومتي يتم اعتماد سياسة المنافسة هذا أمر هام استدعى التكامل بين الجهات المختلفة كهيئة التنمية الصناعية وغيرها.
المهم بالنسبة للجهاز عند تطبيق السياسة الحمائية يتم التركيز على هذا القطاع المغلق على أطرافه القائمة حتى لا ينتج عنها ممارسات احتكارية لعدم وجود منافسة في السوق من الأساس، وهذا ما وجدناه في بعض القطاعات ورصدنا عدة مخالفات في قطاع السيارات وتم التعامل معها، وحاليا نعكف على إعداد دليل إرشادات لقطاع السيارات لضمان وجود منافسة وفهم من الكيانات العاملة في السوق المصري ما له وما عليه من وجهة نظر قانون المنافسة.
وما طبيعة الشكاوى التي وردت للجهاز في قطاع السيارات؟
قيام بعض الشركات بالربط بين خدمة بيع السيارات وخدمات التقسيط والتأمين من خلال شركات بعينها، كما وردت شكاوى بشأن خدمة ما بعد البيع، وارتفاع أسعار قطع الغيار لدى الوكلاء، وربطها باستخدام مواد وخامات من شركات محددة وعدم منح المستهلك حرية الاختيار.
صناعة الهيدروجين الأخضر من القطاعات الواعدة والمخطط التوسع فيها في نطاق المنطقة الاقتصادية لقناة السويس قريبا.. ما هو دور الجهاز في تشجيع هذه الصناعة وتنافسيته؟
لم ننظر حتى الآن في ضوابط هذه الصناعة، ولكن هناك تعاون جيد مع المنطقة الاقتصادية لقناة السويس في عدد آخر من الملفات، وإبداء الرأي في بعض السياسات وهي من الجهات المتعاونة في هذا الإطار، كما تم التعاون أيضا في المجال المحاسبي والمراجعة.
كيف يقيم الجهاز نتائج قراره بالموافقة على خفض معدلات إنتاج قطاع الأسمنت؟
هناك لجنة مشكلة بالاشتراك مع هيئة التنمية الصناعية، وتجتمع أسبوعيا لمراقبة التأثير على المصانع، وهذه اللجنة تستقبل الشكاوى، كما تم عمل جولات ميدانية على المصانع بمختلف محافظات الجمهورية من بينهما أسوان وسيناء.
النتائج حتى الآن إيجابية للغاية على سوق الاسمنت إذ أن القرار جاء في وقت يعاني منه هذا القطاع شأنه شأن العديد من القطاعات الأخرى التي تأثرت بسبب التداعيات الاقتصادية لأزمة فيروس كورونا، المشكلة في هذا القطاع ما شهدته أسعار الفحم من زيادة كبيرة خلال تلك الفترة ولولا تدخل الجهاز بهذا القرار كان من الممكن أن يشهد السوق خروج بعض الشركات منه، ولكن القرار حافظ على مبدأ التعددية في سوق الأسمنت، وفتح السوق، مما خلق مناخ جاذب للاستثمار ودخول شركة اسمنت المصريين كمنافس جديد على سبيل المثال، كما أثر القرار على زيادة التنافسية بين الشركات وارتفعت صادرات الأسمنت إلى 3 أضعاف بالمقارنة بالعام الماضي.
الجهاز لن يدخر جهدًا في استخدام أدواته القانونية لإنقاذ أي قطاع يواجه مشكلات لما يمثله ذلك من ضمان لمصالح المستهلك المصري وحصوله على أفضل السلع والخدمات بأقل الأسعار، وما قام به الجهاز هو عين ما قامت به أجهزة المنافسة في دول عديدة كإنجلترا وألمانيا والنرويج وجنوب افريقيا وغيرها من الدول للتعامل مع تداعيات أزمة فيروس كورونا.
كيف راقب الجهاز صفقة الاستحواذ الأخيرة في قطاع الحديد؟
مراقبة قطاع الحديد تتم بشكل دورى ومستمر ولا ترتبط بصفقة محددة، هناك إدارة متخصصة لمراجعة الأسواق مثل الحديد والأسمنت وبعض القطاعات لها أولوية عند الجهاز منذ إنشاؤه، هذه المراقبة قادرة على رصد أية ممارسات احتكارية فيها، وخاصة في الوقت الحالي الذي يشهد نمو ملحوظ في مشروعات الإنشاء.
في تقديرك ما هي القطاعات التي من الممكن أن تشهد فرص استثمارية حاليا في مصر؟
السوق المصرية من أكبر الأسواق في المنطقة العربية والأفريقية، كما انه من الأسواق الواعدة في المرحلة المقبلة في ضوء قيام الدولة المصرية بتهيئة مناخ الاستثمار وإنشاء بنية تحتية قوية من شبكات الطرق والنقل والمناطق الاقتصادية والصناعية ومشروعات الربط مع دول الجوار.
كما أن الاتفاقات التجارية مثل اتفاقية الكوميسا واتفاقية التجارة العربية وأغادير وغيرها، تمثل حوافز إضافية للمستثمرين لدخول السوق المصرية والنفاذ منها للدول العربية والأفريقية باعتبار أن مصر بوابة للأسواق العربية والأفريقية وفتح أبواب التصدير أمام قطاعات كثيرة، مثل الحاصلات الزراعية وصناعة البتروكيماويات والأسمدة، والاسمنت غيرها.
لاحظنا اهتمامًا كبيرًا من قبل الجهاز لمواجهة عمليات التواطؤ التي قد تتم في المناقصات والمزايدات الحكومية، لماذا الاهتمام بهذا الملف خلال الفترة الحالية؟
يولي الجهاز أهمية كبرى لمكافحة عمليات التواطؤ التي قد تتم بين الأشخاص والشركات من خلال الاتفاق على الأسعار أو تقسيم الأسواق أو العملاء، والتي تعد من أخطر أنواع الجرائم لتأثيرها السلبي على إجمالي الناتج المحلي، وإهدار المال العام وهو ما أكدت عليه منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD، بشأن مكافحة التواطؤ في المشتريات العامة للدولة، حيث تشير الدراسات إلى أن تشير الدراسات إلى أن عمليات التواطؤ التي تتم بين المتنافسين المتقدمين في المناقصات والمزايدات العامة تزيد من قيمتها بنسبة 50%، بمعنى أن الحكومة كان من الممكن أن تحصل على السلعة أو الخدمة بسعر أقل بنسبة 50%.
وبالتالي فإن عمليات التواطؤ يُفقد للمناقصة هدفها ومفهومها وهو حصول الدولة على السلعة أو الخدمة بأقل الأسعار وأفضل جودة، وذلك لن يتحقق إلا بوجود منافسة حقيقية بين المتقدمين، ولهذا وضع الجهاز خطة واستراتيجية لمواجهة هذا النوع من الممارسات الاحتكارية تقوم على عدة محاور؛ من بينها إطلاق حملة "لا للتواطؤ في التعاقدات الحكومية"، والتي تهدف لمواجهة الممارسات الضارة بالمنافسة والمخالفة للقانون والتي من شأنها تقييد المنافسة بين الشركات المتقدمة للجهات الإدارية، خاصةً في ظل الآثار والتداعيات الاقتصادية لأزمة فيروس كورونا Covid-19؛ حيث يتم تدريب موظفي المشتريات والتعاقدات على كيفية وضع آليات فعالية عند تصميم كراسات الشروط تضمن التنافسية بين المتقدمين، وكيفية الكشف عن الممارسات المخالفة والإبلاغ عنها، وتجوب الحملة كافة محافظات الجمهورية بجانب الوزارات والهيئات المختلفة.
ومن بين الأدوات كذلك التي لجأ إليها الجهاز لمكافحة عمليات التواطؤ في التعاقدات الحكومية؛ إصدار الكتاب الدوري الخاص بإرشادات جهاز حماية المنافسة بشأن كيفية تطبيق المواد المتعلقة بحماية المنافسة الواردة في قانون تنظيم التعاقدات التي تبرمها الجهات العامة رقم 182 لسنة 2018 ولائحته التنفيذية -وذلك بالتعاون مع الهيئة العامة للخدمات الحكومية- والتي أكدت على وجوب إخطار جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية في حالة وجود شبهة تواطؤ في أيٍّ من العمليات التعاقدية داخل الجهات الإدارية.
وما الهدف من تلك الإرشادات؟
تهدف تلك الإرشادات إلى رفع كفاءة مسئولي المشتريات بالجهات الحكومية وتدريبهم على كيفية وضع آليات فعالية عند تصميم كراسات الشروط الخاصة بالمناقصات والمزايدات لتقليل احتمالية وجود عمليات تواطؤ، والكشف والإبلاغ عن حالات التواطؤ في الممارسات العامة والتي تشكل ضررًا على فعالية الإنفاق الحكومي وكفاءته، ويترتب عليها عدم حصول الجهات الحكومية المختلفة على السلع والخدمات بأفضل سعر وبأحسن جودة، مما يهدر المال العام ويضر بالمصلحة العامة للدولة.
ومن خلال انفاذ القانون، تم الكشف عن عدد من حالات التواطؤ في الممارسات العامة، ومن بين الأمثلة على ذلك؛ التعاون مع الهيئة العامة للخدمات البيطرية في الكشف عن عملية التواطؤ التي تمت في إحدى عمليات توريد بطاقات تسجيل حيوان، وثبوت مخالفة ثلاث (3) شركات تعمل في مجال الصناعات الكيماوية.
وما أبرز الأرقام والاحصائيات التي حققها الجهاز مع تطبيق استراتيجية الجديدة في عامها الأول؟
خلال عام 2021 عقدنا 16 جلسة لمجلس الإدارة تم الانتهاء فيها من مناقشة نحو 228 حالة فحص ودراسة، في القطاعات والأسواق المختلفة.
واستحوذ قطاع الرعاية الصحية على النصيب الأكبر، حيث تم دراسة 112 حالة بنسبة 49% من إجمالي عدد الحالات، تلاه قطاع الأنشطة العقارية بإجمالي 75 حالة وبنسبة 32%، أما قطاع مواد البناء فقد تم دراسة 8 حالات، وقطاع الأغذية 7 حالات، وقطاع صناعة السيارات 5 حالات، وقطاع الإعلام 3 حالات، وتم دراسة حالتين لقطاعات الصناعات الكيميائية والغاز والمواد البترولية وصناعة الورق والتغليف والمنسوجات والاتصالات، فيما تم دراسة حالة واحدة لكل من قطاعات؛ التعليم والنقل البحري والأنشطة المهنية والعلمية والتقنية وصناعة الآلات والمعدات والأجهزة الإلكترونية والسياحة والزراعة.
وتنوعت حالات الفحص المنتهية خلال هذه الفترة ما بين مبادرات بالدراسة وبلاغات وطلبات الفحص وطلبات الإعفاء من أحكام القانون، كما تنوعت قرارات الجهاز بشأن حالات الدراسة والفحص ما بين قرارات بثبوت المخالفة للقانون، وقرارات بعدم ثبوت المخالفة، وقرارات بالموافقة أو عدم الموافقة على التركزات الاقتصادية، ومنح أو عدم منح الإعفاءات أو قرارات بإصدار التوصيات أو بالحفظ.
هل للجهاز سلطة الرقابة على الشركات الحكومية إذا ارتكبت مخالفة للقانون؟
بالتأكيد، فالقانون يطبق على جميع اللاعبين في الأسواق، وطالما أن الجهة الحكومية تمارس نشاطًا اقتصاديًا في قطاع معين يطبق عليها القانون كغيرها من شركات القطاع الخاص، ونضع الجميع على قدم المساواة، وهذا هو مفهوم الحياد التنافسي، إن القانون يطبق على كل الأشخاص العاملة بالسوق دون تمييز، ونلتزم بالحياد والموضوعية الأمر الذي سيجعل من سياسة وقانون المنافسة في مصر أداة فعالة في تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والمستدامة.
لماذا تم تحديث دليل التوافق وما أهمية ذلك الدليل؟
أحد المحاور الرئيسية التي تقوم عليها استراتيجية عمل جهاز حماية المنافسة 2021-2025 هي نشر ثقافة المنافسة، ومن بين الفئات المستهدفة فئة الأعمال والشركات ومن يمثلهم من غرف وأجهزة وهيئات ونجري بشكل مستمر ورش عمل ودورات تدريبية للتعريف بالقانون وسياسات المنافسة والممارسات الاحتكارية المنصوص عليها وغيرها، ودليل التوافق مع أحكام القانون لخلق الوعي بقواعد المنافسة الحرة، والفهم الواضح للأحكام والقواعد التي ينص عليها القانون، تجنبًا للوقوع في مخالفة أحكام القانون، حيث إن هدف الجهاز ليس التجريم، ولكن توافق الشركات والأشخاص مع القانون وحماية الاقتصاد المصري من أية ممارسة احتكارية، وخلق مناخ تنافسي من شأنه زيادة حجم الأسواق لتوفير الفرص الاستثمارية وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية.
نجحتم في تدشين شبكة المنافسة العربية وعقد مؤتمرها الأول، ما أبرز نتائج ذلك المؤتمر؟
الهدف من تدشين وإنشاء شبكة المنافسة العربية هو تحقيق التعاون والتكامل بين الدول العربية وتعزيز التنسيق بينهم في مجال حماية المنافسة وتبادل الخبرات اللازمة في هذا المجال وتقديم الدعم اللازم للدول العربية التي تسعى إلى سن تشريعاتها الخاصة بحماية المنافسة أو تطويرها، وقد ارتأى الجهاز ضرورة إدراج آلية تنفيذية تضمن تبادل الخبرات والتجارب حول سياسات المنافسة بالدول العربية، وتقديم الدعم الفني للدول الأطراف في مجال التشريعات والسياسات الخاصة بالمنافسة.
وعلى مدار يومين ناقشنا العديد من القضايا المتعلقة بسياسات المنافسة وأدوات انفاذ القانون واستعراض التجارب العربية المختلفة في هذا الشأن.
الدكتور/ محمود ممتاز في سطور
- حاصل على درجة الدكتوراة في قانون واقتصاد المنافسة من كلية القانون بجامعة هامبورج بألمانيا، كما حصل على درجة الماجستير في إدارة الأعمال الدولية من الجامعة الألمانية بالقاهرة، ودبلومة التسويق من كلية شارترد بالمملكة المتحدة، وهو بالأساس حاصل على بكالوريوس الاقتصاد من الجامعة الألمانية بالقاهرة، بالإضافة إلى ليسانس الحقوق من كلية الحقوق جامعة القاهرة.
- ويعد آخر منصب تقلده الدكتور محمود ممتاز هو مسئول تنمية القطاع الخاص بالبنك الدولي بمقره الرئيسي بواشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية حيث كان مسؤولا عن عدة ملفات تخص حماية المنافسة وتنمية القطاع الخاص والمنافسة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالإضافة إلى جنوب شرق آسيا منذ أغسطس 2018.
- ويعد الدكتور ممتاز من أحد مؤسسي جهاز حماية المنافسة المصري؛ إذ إنه عمل بالجهاز من بداياته، وآخر منصب شغله هو مدير إدارة سياسات المنافسة بالإضافة إلى إدارة القضايا والبحوث بجهاز حماية المنافسة المصري في الفترة حتى يونيو 2018 .
- وخلال عمله بجهاز حماية المنافسة المصري، باشر وعمل على العديد من القضايا في مجال حماية المنافسة بمعظم قطاعات الاقتصاد المصري، وعمل على توصيات تعديل العديد من مشاريع القوانين والقرارات الحكومية المقيدة للمنافسة، ووضع دليل توافق الشركات مع قانون حماية المنافسة، ونظم العديد من الندوات وورش العمل لتوعية الشركات المحلية والأجنبية بقانون حماية المنافسة، والمشاركة في تدريب قضاة المحاكم الإدارية والمحاكم الاقتصادية فيما يخص حماية المنافسة وقدم العديد من المحاضرات لمسؤولي المشتريات الحكومية بمركز تدريب هيئة الخدمات الحكومية على كيفية التعرف على التواطؤ في المناقصات، وأنشأ نموذج محاكاة جهاز حماية المنافسة لطلبة الاقتصاد والقانون.
- وعلى المستوى الإقليمي والدولي، شارك الدكتور محمود ممتاز في برامج تدريب بالعديد من أجهزة المنافسة العربية والإفريقية، والعمل على التطوير المؤسسي والتنظيمي والتشريعي لعدد من نظم حماية المنافسة في الدول العربية والأجنبية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة