نعرف جميعًا المعلم يعقوب الذى كان له دور ملحوظ فى زمن الحملة الفرنسية على مصر (1798- 1801) إذ باع نفسه للحملة وتسلط على المصريين وراح يقتل وينهب ويرتكب الموبقات، لكن للعلم فإن المعلم يعقوب لم يكن وحيدا فى ذلك فقد باع الكثيرون أنفسهم للحملة ومن ذلك "الجنرال فرط الرمان".
يقول الكاتب الراحل صلاح عيسى فى كتابه "هوامش المقريزى.. حكايات من مصر" الصادر عن دار نشر الكرمة: اسمه الأصلى (بارتلمى سيرا) وجنسيته يوناني، وكعادة المصريين فى السخرية من جلادهم سموه (فرط الرمان) أيامها – فى أواخر العهد المملوكى – كانت مصر ميدانا خاليا لسفلة الأجانب، ولأنه كان يحترف العسكرية فقد لتحق بخدمة الأمير المملوكى محمد بك الألفى، فى فرقة الطوبجية – أي سلاح المدفعية - وكان طوبجيا بالليل، وبائع زجاج فى أيام البطالة، وعندما جاءت الحملة الفرنسية إلى مصر وعين وكيلا لمحافظة القاهرة، أشبع بذلك نهمه للقتل والتعذيب، إذ كانت هوايته المفضلة هى القتل الجماعي للمماليك والمصريين، على السواء، وكان يطوف فى شوارع القاهرة والسيف مسلول فى يده، وحوله وأمامه قوة تبلغ المائة من اليونانيين، غلاظ القلوب على شاكلته، وكان يطوف أحيانا فى صحبة زوجته وكانت مثله سادية تتلذذ برؤية مشاهد القتل.
هوامش المقريزى
فى الليل كان يداهم البيوت بحجة البحث عن الأسلحة أو الفارين من المماليك أو البدو المتمردين، فإذا لم يجد أحدا من هؤلاء وأولئك كان يقتل الفلاحين الذين يصادفهم فى طريق عودته إلى القاهرة، ويجمع رؤوسهم ويحملها رجاله معهم، وكان يحرص على أن يعود من جولاته بنتائج إيحابية تتمثل فى رؤوس قتلاه، وكان يرى أن أكبر سعادة تلحق به من طوافه ألا يعود إلى القلعة من دون (إيراد آدمي) سواء كان هذا الإيراد رؤوس قتلى موضوعه فى زكائب أو أجساد أحياء قبض عليهم.
وبسبب إسرافه فى القسوة وإمعانه فى الظلم ورغبته فى التشفى من الشعب المصرى، ذهب مباشرة - بعد واحدة من جولاته - إلى الجنرال دي بويوى الحاكم العسكرى الفرنسى لمدينة القاهرة، وكان يتناول الغداء مع بعض ضيوفه فقدم إليه زكيبة ظن الجنرال أول الأمر أنه تحوى هدية، بطيخ أو شمام، فأمر بفض الزكيبة فإذا بها تحتوى على اثنى عشر رأسا من رؤوس المصرين الذين قتلهم (بارتلمى سيرا) جاء يعرضهم على رئيسه الجنرال فخورا ومختالا. وامتعض الحاضرون من هذا المشهد الدامي، وأمر الجنرال بإخراجه مع زكيبته من قاعة الطعام.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة