الرجال تدل عليهم أفعالهم، وأهل الخير يحفظ لهم التاريخ ما فعلوه وقدموه، ومن أهل الخير والصادقين فى حياتهم الشيخ عبد الرحيم الدمرداش، ذلك الذى تمثل فيه قول سيدنا النبى، عليه الصلاة والسلام "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية، وعلم ينتفع به وولد صالح يدعو له"، والشيخ عبد الرحيم الدمرداش له صدقة جارية جعلت الآلاف يدعون له، فقد تبرع بأرضه وماله لبناء مستشفى خيرى هى مستشفى الدمرداش.
ولد عبد الرحيم الدمرداش فى حى العباسية، حيث عاش آباؤه الذين منَّ الله عليهم فكانوا يملكون الدنيا، وفى الوقت نفسه يسعون للآخرة وخيرها، كان عبد الرحيم باشا وكان والده شيخ الطريقة الصوفية الدمرداشية، وهو ما صاره الابن بعد ذلك، الذى تعلم فى الأزهر الشريف وجمعته الصداقة بالإمام محمد عبده، وكان قصره فى العباسية وله حديقة تبرع بها فى عام 1928، ونشأ المستشفى فى سنة 1931 وأنشئت كلية للطب بداخلها بعد ذلك، ثم صارت جزءا من جامعة عين شمس التى أنشئت فى سنة 1950.
ولد الشيخ عبد الرحيم الدمرداش في عام 1849م وتوفى 1929م أى أنه تبرع بالمستشفى قبل عام من رحيله وربما قبل شهور قليلة، وذلك من رضا الله يؤتيه من يشاء، أن يظل اسمه مقرونا بالخير دائما.
كان الشيخ الدمرداش فاعلا فى الحياة، فهو أحد أهم رجال الأعمال البارزين فى عصره، وكان من الاقتصاديين المثقفين، وأحد الفاعلين فى الحركة الوطنية المصرية آنذاك، وعضوًا فى مجلس شورى القوانين المصري، والجمعية العمومية المصرية.
أما عن كيفية تبرعه فتقول القصة إنه فى شهر أغسطس من عام 1928م دعا الشيخ عبد الرحيم باشا الدمرداش عددًا من أعضاء مجلس وزراء مصر إلى بيته وسلَّمهم وثيقة تبرعه بمبلغ 100 ألف جنيه مصرى، خَصَّص منها أربعين ألفًا لإقامة مستشفى خيرى لعلاج غير القادرين مجانًا دون نظرٍ لجنسياتهم ولا دياناتهم، على أن يكون باقى المبلغ وقفًا لصيانة المستشفى بعد بنائه وتجهيزه، بالطبع إضافة إلى حديقة القصر التى بلغت مساحتها 15 ألف متر مربع لإقامة المستشفى عليها.
وهنا وجبت الإشارة إلى أن أسرة عبد الرحيم الدمرداش جميعا كانت أسرة خير، فابنته كانت "قوت القلوب الدمرداشية" وهى أديبة شهيرة فى زمانها، وكانت تقدم جائزة أدبية للكتاب، ويذكر أن أول جائزة حصل عليها الكاتب الكبير نجيب محفوظ كانت جائزة "قوت القلوب الدمرداشية".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة