توفى الخليفة محمد المهدى فى سنة 169 هجرية، فكيف كانت حياته وماذا جرى فى أيامه، وكيف كانت نهايته، وما الذى يقوله التراث الإسلامى؟
يقول كتاب البداية والنهاية تحت عنوان "ثم دخلت سنة تسع وستين ومائة":
فيها فى المحرم منها: توفى المهدى بن المنصور بمكان يقال له: ما سبذان، بالحمى، وقيل: مسموما، وقيل: عضه فرس فمات.وهذه ترجمته المهدى بن المنصور
هو: محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، أبو عبد الله المهدي، أمير المؤمنين، وإنما لقب بالمهدي رجاء أن يكون الموعود به في الأحاديث فلم يكن به، وإن اشتركا في الاسم فقد افترقا في الفعل، ذاك يأتي في آخر الزمان عند فساد الدنيا فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا وظلما.
وقد قيل: إن فى أيامه ينزل عيسى بن مريم بدمشق كما سيأتي ذلك في أحاديث الفتن والملاحم.
وقد جاء في حديث من طريق عثمان بن عفان: أن المهدي من بني العباس، وجاء موقوفا على ابن عباس وكعب الأحبار ولا يصح، وبتقدير صحة ذلك لا يلزم أن يكون على التعيين، وقد ورد في حديث أخر أن المهدي من ولد فاطمة فهو يعارض هذا، والله أعلم.
وأم المهدي بن المنصور أم موسى بنت منصور بن عبد الله الحميري.
وروى عن أبيه، عن جده عبد الله بن عباس: "أن رسول الله ﷺجهر ببسم الله الرحمن الرحيم".
رواه عنه: يحيى بن حمزة النهشلي قاضي دمشق، وذكر أنه صلى خلف المهدي حين قدم دمشق فجهر في السورتين بالبسملة، وأسند ذلك عن رسول الله ﷺ، ورواه غير واحد عن يحيى بن حمزة، ورواه المهدي، عن المبارك بن فضالة، ورواه عنه أيضا جعفر بن سليمان الضبعي، ومحمد بن عبد الله الرقاشي، وأبو سفيان سعيد بن يحيى بن مهدي.
وكان مولد المهدي في سنة ست أو سبع وعشرين ومائة، أو في سنة إحدى وعشرين ومائة ولي الخلافة بعد موت أبيه في ذي الحجة سنة ثمان وخمسين ومائة، وعمره إذ ذاك ثلاث وثلاثون سنة، ولد بالحميمة من أرض البلقاء، وتوفي في المحرم من هذه السنة أعني: سنة تسع وستين ومائة عن ثلاث أو ثمان وأربعين سنة، وكانت خلافته عشر سنين وشهرا وبعض شهر.
وكان أسمر طويلا جعد الشعر، على إحدى عينيه نكتة بيضاء، قيل: على عينه اليمنى، وقيل: اليسرى.
قال الربيع الحاجب: رأيت المهدي يصلي في ليلة مقمرة في بهوٍ له عليه ثياب حسنة، فما أدري هو أحسن أم القمر، أم بهوه، أم ثيابه.
وبالجملة فإن للمهدي مآثر ومحاسن كثيرة، وقد كانت وفاته بماسبذان، كان قد خرج إليها ليبعث إلى ابنه الهادي ليحضر إليه من جرجان حتى يخلعه من ولاية العهد ويجعله بعد هارون الرشيد، فامتنع الهادي من ذلك، فركب المهدي إليه قاصدا إحضاره، فلما كان بماسبذان مات بها.
وقد ذكر ابن جرير اختلافا في سبب موته، فقيل: إنه ساق خلف ظبي والكلاب بين يديه فدخل الظبي إلى خربة فدخلت الكلاب وراءه وجاء الفرس فحمل بمشواره فدخل الخربة فكسر ظهره، وكانت وفاته بسبب ذلك.
وقيل: إن بعض حظاياه بعثت إلى أخرى لبنا مسموما فمر الرسول بالمهدي فأكل منه فمات.
وقيل: بل بعثت إليها بصينية فيها الكمثري وفي أعلاها واحدة كبيرة مسمومة وكان المهدي يعجبه الكمثري، فمرت به الجارية ومعها تلك الصينية فأخذ التي في أعلاها فأكلها فمات من ساعته، فجعلت الحظية تندبه وتقول: وا أمير المؤمنيناه، أردت أن يكون لي وحدي فقتلته بيدي.
وكانت وفاته في المحرم من هذه السنة - أعني: سنة تسع وستين ومائة - وله من العمر ثلاث وأربعون سنة على المشهور، وكانت خلافته عشر سنين وشهرا وكسورا، ورثاه الشعراء بمراثي كثيرة قد ذكرها ابن جرير وابن عساكر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة