مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسي، بالدعوة لحوار سياسى بين كل القوى دون استثناء أو تمييز، جددت النقاش حول المستقبل والعمل السياسى وطبيعته، وكيفية توسيع المجال العام وفتح آفاق التفاهم بين الدولة وكل التيارات السياسية، الرئيس كلف إدارة المؤتمر الوطنى للشباب بالتنسيق مع كل التيارات السياسية الحزبية والشبابية لإدارة حوار سياسى حول أولويات العمل الوطنى خلال المرحلة الراهنة، وهذه الإدارة لها خبرة فى تنظيم فعاليات سياسية أو عامة تنتهى لنتائج، التوقيت فى الإعلان عن هذا الحوار مهم، ويشير الى تأكيد وصول الدولة لاستقرار يسمح بفتح مجالات ربما توقفت بسبب حرب الدولة والمجتمع على الإرهاب، وتعنى فى الأساس خلق نقاش سياسى حول الأولويات، وفتح الباب لمشاركة أوسع وملء فراغ لا يجب أن يبقى كذلك.
الأغلبية مع هذا الحوار، وتدعمه وأظهرت ذلك فى تعليقات ونقاشات، باستثناء أطراف لا تريد لمثل هذا الحوار أن يطرح، حتى تجد لنفسها مكانا، أو بعض من يريدون الجلوس والإعلان عن أنهم على حق، وكل ما يفعله هؤلاء هو تكرار نفس الجمل والتعبيرات والبوستات.
وبجانب الأطراف التى ترفض المشاركة، هناك أطراف من المؤيدين للدولة تصدر أحكاما وتدفع بإبعاد كل من يحمل رأيا مخالفا عن الساحة، وبعض من يفعلون ذلك ينطلقون من قناعات ترفض الحوار أو المشاركة وهم لا يختلفون عمن يرفضون العمل السياسى أو يحتفظون لأنفسهم بعزلة تمنعهم من المتابعة والانخراط فى النقاش العام، والواقع أن طرح الحوار الموسع الذى لا يستبعد أحدا، هو تأكيد لقوة الدولة، وفرصة لكل من يريد المشاركة فى العمل العام تحت مظلة القانون، سواء فى العمل الحزبى، أو العمل الأهلى والمدنى.
الواقع أننا نظريا لدينا أكثر من 100 حزب سياسى، خرجت أغلبها فى الفترة بعد 2011، لكن من الصعب على المواطن أن يذكر عشرة من هذه الأحزاب، وأغلبها من الأحزاب التقليدية التى يعرفها المواطنون قبل يناير 2011، بينما أغلبية الأحزاب الجديدة غير معروفة وليست لها أنشطة فضلا عن أن هناك تشابهات إلى حد التطابق بين أحزاب يسار أو يمين، يفترض أن تتجمع فى كيانات أقل وأكثر كثافة، ثم إن أغلب الأحزاب المذكورة ليست لها مقرات خارج القاهرة، والقليل منها لديهمقرات فى خمس أو عشر محافظات على أقصى تقدير، وهى حالة يفترض أن تفكر فيها الأحزاب نفسها وتقيم وضعها ومكانها وقدراتها حتى لا يكون العدد فى «الليمون».
ومن المفارقات أن الأحزاب القديمة مثل الوفد والتجمع والناصرى بجانب أحزاب حديثة فقط معروفة لدى الجمهور، لكن الباقى مجرد أسماء تتردد على مواقع التواصل من دون أن يكون لها نشاط واضح، وهى نقاط يفترض أن تكون ضمن الحوار السياسى، بجانب نقاط مهمة مثل تصورات تشكيل المجالس المحلية، حتى تقوم بدورها، حيث يفترض نظريا أن يكون لدى كل حزب قوائم تتضمن 60 ألف مرشح، فهل تمتلك الأحزاب القدرة على تقديم هذا العدد؟ الإجابة إن نفس هذه الأحزاب عجزت عن تقديم مرشحين لمجالس النواب أو الشيوخ، وبالتالى يفترض التفكير فى أشكال وتحالفات للتعامل مع المجالس المحلية، وهى «المفرخة» المفترضة للعمل السياسى والبرلمانى والعام.
هل الأحزاب مستعدة لأن تكون هى نفسها مجالا للتقييم والمصارحة حول دورها وأدائها؟، الإجابة تحدد مدى الجدية فى التعامل مع حوار سياسى يجب أن يتعامل مع هذه التفاصيل، يضاف إلى ذلك أن أدوات التواصل «السوشيال ميديا» أصبحت جزءا من التداول فى الأخبار والمعلومات والأفكار، بكل ميزاتها وعيوبها، فما هى خطط التيارات السياسية للتعامل مع هذه الأدوات، أو التعامل مع الواقع بجانب التفاعل مع عالم افتراضى أصبح جزءا من مفردات العصر.
الدولة تقدم فرصة للأحزاب والتيارات السياسية أن تنخرط وتشارك فى وضع تصورات للمستقبل فهل الأحزاب نفسها مستعدة لمثل هذا الحوار؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة