نشعر بالشجن ونحن نودع شهر رمضان الكريم، ويزداد هذا الشجن ونحن نستمع إلى رائعة "تم البدر بدرى" التى غنتها سلطانة الطرب الفنانة الكبيرة شريفة فاضل، لتكون أفضل أغنية تعبر عن حالة الاشتياق والحنين والشجن لوداع شهر رمضان.
تلك الأغنية التى تتردد دائمًا فى نهاية الشهر الكريم وكأننا نودع ضيفًا عزيزًا هل علينا بالفرح والسعادة وترك لنا عيدًا وبهجة، لحنها الملحن الكبير عبد العظيم محمد وكتب كلماتها الشاعر الصوفى الكبير عبد الفتاح مصطفى وشدت بها مطربة كبيرة وهى الفنانة شريفة فاضل.
وعن كواليس هذه الأغنية تحدثت إيمان عبد العظيم محمد ابنة الملحن الكبير عبد العظيم محمد لـ"اليوم السابع": وقالت ابنة الملحن الكبير: "تم وضع هذه الأغنية فى بداية الستينيات حيث كلف الإذاعى الكبير حسن الشجاعى والدى بعمل لحن لهذه الكلمات التى كتبها صديقه الشاعر الكبير عبدالفتاح مصطفى والذى تربطه بوالدى علاقة صداقة قوية وتعاونا فى العديد من الأعمال الغنائية الدينية ومنها أغانى فيلم الشيماء".
وتابعت ابنة الموسيقار عبد العظيم محمد: "والدى أعد اللحن وأسمعه للشاعر عبد الفتاح مصطفى ولكن عندما سمعه الشاعر الكبير قال لوالدى إن اللحن ليس على المستوى المطلوب وأنه "مش منور"، ولكن والدى أقنعه بأن هذا اللحن مناسب لهذه المناسبة وأنه سيذاع فى شهر رمضان عام أو اثنين فقط".
وأوضحت: والدى قال لى كنت فاكر إن اللحن ده هيتذاع موسم أو اثنين وهيروح عليه وينسى، ولكن على العكس بقى هذا اللحن وعاش لأجيال، وكان والدى لأخر حياته لا يصدق أن يعيش هذا اللحن ويحقق كل هذا النجاح عبر الأجيال".
وأضافت إيمان عبد العظيم محمد: "فى آخر حياة والدى وحين تم تكريمه من نقابة الموسيقيين، قال الأستاذ منير الوسيمى وهو يقدمه فى التكريم: الملحن عبد العظيم محمد هو الذى وضع موسيقى أغنية تم البدر بدرى، وقال والدى: كل شغلى ده والذى يتجاوز 3 آلاف لحن لم يتذكر منها سوى تم البدر بدرى، ثم قال: وماله طالما استمر اللحن طوال هذه السنوات يبقى يستاهل إنى أتعرف بيه"، وأكدت ابنة الملحن الكبير قائلة: "كان يعتز أبى بهذا اللحن وبألحان أغانى فيلم الشيماء".
يذكر أن ألحان الموسيقار العبقرى عبدالعظيم محمد تستحوذ على جزء كبير من وجداننا وذاكرتنا حتى وإن لم يعرف الكثيرون اسم صانعها، فمن منا لم يستمتع ويحفظ رائعة محمد رشدى "ياليلة ماجانى الغالى"، وعشرات الروائع التى غناها محمد قنديل الذى لحن له عبد العظيم محمد ما يقرب من 100 أغنية، ومنها "ماشى كلامك على عينى"، كما غنى من ألحانه عبد الحليم حافظ أغنية الفنارة، ومحرّم فؤاد "زى ما اكون عطشان"، وفايزة أحمد "دوبنى دوب"، ونجاح سلام "بالسلامة يا حبيبى بالسلامة"، وشريفة فاضل "والله لسه بدرى يا شهر الصيام"، التى كتب كلماتها الشاعر عبدالفتاح مصطفى، فضلا عن عشرات الأدعية الدينية فى رمضان، وتترات وأغانى المسلسلات، واهمها أغانى فيلم الشيماء.
وقالت المطربة شريفة فاضل فى حوار لـ"اليوم السابع" إنها لم تحصل على مقابل نظير غنائها، لأن وجود أغنية لها فى شهر رمضان على الخريطة الإذاعية أمر يسعد أى فنان ولا يحتاج لمقابل مادى، وأضافت أنها فى هذا الوقت كانت مطربة جديدة، وكانت الإذاعة هى التى توزع الأغانى على الفنانين، فكانت من نصيبها بالصدفة لتظل هذه الأغنية بلا منافس فى وداع شهر رمضان.
وأكدت سلطانة الطرب لليوم السابع أنها كانت تحرص أن يكون لها أغنية فى شهر رمضان، فكتب كلماتها الشاعر عبد الفتاح مصطفى ولحنها الملحن عبد العظيم محمد، ورفضت الحصول على أجر مقابل غنائها، قائلة: "كان كفاية عندى يكون ليا أغنية تتذاع فى شهر رمضان، والحمد لله إن الناس لسه بيغنوها حتى لو مش عارفين اسم اللى غنتها".
وكشف الشاعر عبد الفتاح مصطفى فى أحد حواراته الصحفية كواليس الأغنية قائلاً: "حاولت تجسيد مشاعر الحزن التى تصيبنا بوداع شهر رمضان بطقوسه المحببة، فجلست يوما لكتابة تلك الكلمات، التى قدمتها للإذاعة وأعجب فاقترحوا أن تغنيها المطربة شريفة فاضل، التى تحمست لها فقام الموسيقار عبد العظيم محمد بتلحينها فى يومين فقط".
وعن قصة الأغنية أشار الإذاعي الراحل وجدى الحكيم فى حوار لـ"اليوم السابع|، إلى أن الفنانة شريفة فاضل لم تتقاضَ أى أجر مقابل غنائها الأغنية، معتبرة غناءها لشهر رمضان المبارك واحتفاء الإذاعة بها شرفًا كبيرًا تفخر به أمام نفسها وجمهورها، وأكد الحكيم أن "شريفة" لم تكن تعلم أنها بذلك ستخلد اسمها فى تاريخ الأغانى الرمضانية التي تتوارثها الأجيال حتى يومنا هذا، رغم مرور ما يزيد علي نصف القرن، لتكون هذه الأغنية أشهر أغنية وداع لرمضان، وبمثابة الإعلان الرسمى عن انتهاء شهر البركة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة