جاء القرآن الكريم، هدى للناس، وكان معجزة النبى محمد صلى الله عليه وسلم، قبل أكثر من 1400 عام، فكلماته العذبة ومعانيه الرائعة وتجسيداته البلاغية، أسرت القلوب قبل العقول.
ونجد في القرآن الكريم العديد من الآيات التى حملت تصويرا بلاغيا، وتجسيدا فنيا بليغا، ومفردات لغوية عذبة، تجعلك تستمتع بتلاوة كلمات الله التامات على نبيه، ووحيه الأخير إلى الأمة، ومن تلك الآيات الجمالية التى جاءت فى القرآن: رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (سورة إبراهيم الآية: 37).
التعبير الجمالى في الآية الكريمة، استخدم قلوب الناس "الأفئدة" لأنه ألطف ما في البدن، وأشده تألما بأدنى من الأذى، ولأنه الوعاء الذى ينشأ فيه الحب الخالص، وتظهر منه العقائد الفاسدة، منه يعشق ويهوى المرء، ومنه يأتي حب الإيمان والضلال، لكن الله تعالى قصد من ذكر "الأفئدة" هنا النفس والعقل.
وبحسب ما جاء في كتاب "التحرير والتنوير"لابن عاشور، فإن المراد فاجعل أناساً يهوون إليهم. فأقحم لفظ الأفئدة لإرادة أن يكون مسير الناس إليهم عن شوق ومحبة حتى كأن المسرع هو الفؤاد لا الجسد فلما ذكر {أفئدة} لهذه النكتة حسن بيانه بأنهم {من الناس}، ف {من} بيانية لا تبعيضية، إذ لا طائل تحته. والمعنى: فاجعل أناساً يقصدونهم بحبات قلوبهم.
ومحبة الناس إياهم يحصل معها محبة البلد وتكرير زيارته، وذلك سبب لاستئناسهم به ورغبتهم في إقامة شعائره، فيؤول إلى الدعوة إلى الدين، ورجاء شكرهم داخل في الدعاء لأنه جُعل تكملة له تعرضاً للإجابة وزيادة في الدعاء لهم بأن يكونوا من الشاكرين، والمقصود: توفر أسباب الانقطاع إلى العبادة وانتفاء ما يحول بينهم وبينها من فتنة الكدح للاكتساب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة