أكرم القصاص

أكرم القصاص يكتب: عن الحوار والمتحاورين والمزايدين

الأحد، 01 مايو 2022 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الدعوة للحوار الوطنى، من قِبل الرئيس، فتحت باب المناقشات الواسعة على مستويات متعددة، بعض تلك المناقشات جاد، وبعضها تكرار لآراء ومواقف متجمدة طوال أكثر من عقد، رغم أن هذه السنوات كانت الأكثر ازدحاما بالأحداث والتغيرات، محليا وإقليميا ودوليا.
 
الدعوة للحوار من قبل الرئيس، فى إفطار الأسرة المصرية، جرت وسط حضور ممثلين لكل فئات الشعب، شمالا وجنوبا وشرقا وغربا، فضلا عن تمثيل اجتماعى متنوع، وصدرت فى وقت وصلت فيه الدولة إلى درجة من الاستقرار تسمح بإدارة أكبر للتنوع والنظر للمستقبل، لتضيف تصورات جديدة على ما جرى طوال السنوات التسعة الأخيرة تحديدا.  
 
وقد طرح الرئيس مبادرته وقراره بتكليف إدارة «المؤتمر الوطنى للشباب» بالتنسيق مع مختلف التيارات السياسية الحزبية والشبابية، لإدارة حوار سياسى، حول أولويات العمل الوطنى خلال المرحلة الراهنة، حوار بمشاركة كل التيارات دون تمييز أو استبعاد، وهى فرصة لطرح ومناقشة الكثير من الموضوعات فى النظر للمستقبل، فالحوار سيعيد صياغة الكثير من الأسئلة الصحيحة، حول دور كل طرف فى المعادلة المعقدة للسياسة.  
 
وقد انقسمت التيارات السياسية - كالعادة - إلى مؤيدين لهذه المبادرة، ومتحفظين، وحتى معارضين، لكن هناك فصيلا آخر يمكن تسميته بـ«المزايدين»، وهو تيار معروف فى العمل السياسى يمينا ويسارا، لا يمارس المعارضة أو التأييد، لكن المبالغة، سواء بالتهوين أو التهويل، بأحدهما أو كليهما، فضلا عن الازدواجية، وقد ضاعفت مواقع التواصل من هذا النوع، ومنحت بعض أعضائه مساحات أوسع.
 
 هذا الصنف لا يطرح رأيا، لكنه يصدر حكما بالإدانة أو البراءة، ويتحدث عن قواعد وقيم هو آخر من يلتزم بها، وجزء من هذا الصنف بدأ عملية المزايدة ضد سياسيين، معارضين أو مستقلين، حضروا إفطار الأسرة المصرية، أو طرحوا مطالب جزئية أو شاملة، مثلما سبق للمزايدين أن هاجموا من شاركوا فى اجتماعات الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وغالبا فإن المزايد يهاجم كل حدث لا يُدعى إليه، أو كل حدث لا يجد نفسه داخله، فهو «فيها يا أخفيها»، ومنهم من اعتاد المزايدة والضجيج بلا طحن، كدور دائم ومستمر، العالم يتغير من حوله وهو جالس أمام «الكيبورد»، يصك مصطلحات، ويعين نفسه محققا، وقاضيا، وسياسيا، كل هذا «فى بوست» أو «تويتة». 
 
المزايد يهاجم السياسى إذا حضر فعالية، ويهاجمه إذا غاب عنها، أو قاطعها، يهاجمه إذا وافق، ويهاجمه إذا رفض، واللافت للنظر أن بعض السياسيين - أو المحسوبين على السياسة - كثيرا ما يخضعون للمزايدة والابتزاز، ويتصرفون تحت ضغط لجان المزايدين، مع رغبة فى إرضاء الجميع، بحثا عن «لايك» أو خوفا من «ديسلايك»، بينما السياسى يفترض أن يتصرف بناء على قناعاته، وتقديره السياسى بناء على قراءات ومتابعات، ويدرك السياسى أنه لن يُرضى كل الأطراف، خصوصا المزايدين، الذين لن يرضوا عن أحد ولن يتوقفوا عن إصدار الضجيج، بل إن السياسى - أو القائد - ربما يكون عليه أن يطرح ما هو عكس قناعات جمهوره الافتراضى، ويناقش الجمهور الطبيعى، بعيدا عن رغبات الإرضاء أو الإلهاء.
 
فيما يتعلق بالحوار الذى تدعو له الدولة، ربما يكون على التيارات السياسية والأهلية الجادة، أن تكون جاهزة بأوراق ومطالب، وأن تدرس ما تحقق خلال العقد الماضى والسنوات الأخيرة، وتدرك أنها لن تُرضِى المزايدين مهما فعلت، وعلى هذه التيارات أن تتحلى بشجاعة تطالب بها الآخرين، وأن تتمتع بالقدرة على المصارحة والمناقشة، واغتنام فرصة والرهان على الداخل والجمهور، وأن تعرف أن مبادرة الحوار تأتى من منطلق وطنى، وأنها يمكن أن تكون طريقا لإدارة التنوع، وخطوة تفتح أبوابا لصالح الجمهور والشعب، بعيدا عن التهوين، والتهويل، أو الخضوع للمزايدة!
 
اليوم السابع

 







مشاركة



الموضوعات المتعلقة




الرجوع الى أعلى الصفحة