ينظر مجلس الشيوخ خلال جلسته العامة يوم الأحد المقبل، برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق تقرير لجنة القوى العاملة والبيئة والقوى العاملة عن الاقتراح برغبة المقدم من النائب علاء مصطفى عضو تنسيقية شباب الأحزاب بشأن ظاهرة العمالة غير المنتظمة وابعاد تلك الظاهرة.
أكد النائب مقدم الاقتراح برغبة، أن العمالة غير المنتظمة المكون الرئيسي للعاملين في الاقتصاد غير الرسمي أو ما يعرف بالاقتصاد الموازي أو اقتصاد الظل أو الاقتصاد غير الرسمي لافتا الى ان منظمة العمل الدولية حددت مجموعة المحددات والخصائص التي تنتشر في مختلف أنشطة الاقتصاد غير الرسمي وهي خصائص وثيقة الصلة بالعمالة غير المنتظمة والتى تتمثل فى الدخل المنخفض وعدم توافر الأمان الوظيفي وطول عدد ساعات العمل وانعدام التأمين الصحي والتأمين الاجتماعي والتمييز النوعي خاصة ضد النساء والأطفال وبالتحديد في معدلات الأجور انخفاض مستوى التدريب وانعدام معايير السلامة المهنية وغياب التمثيل المهني عن طريق النقابات العمالية المتخصصة.
وأشار فى الاقتراح برغبة الى ان نسبة مساهمة العمالة غير المنتظمة في النشاط الاقتصادي ۳۰ % في أقل التقديرات أي ما يقارب ثلث الاقتصاد المصري، يضاف إلى ذلك قطاع كبير من العمالة غير المنتظمة بقطاعات تندرج تحت الاقتصاد غير الرسمي، وهي مجموعة يبلغ حجم من الأنشطة الاقتصادية لا تخضع لرقابة الحكومة ولا يتم تحصيل ضرائب منها، كما انها لا تدخل في حسابات الناتج القومي الإجمالي على خلاف أنشطة القطاع الرسمي المسجل.
وأضاف تبلغ العمالة خارج المنشآت حوالي 11.8 مليون مشتغل تقريبا من إجمالي قوة العمل التي بلغت 28 مليون شخص والعمالة خارج المنشأة هي جزء من العمالة غير الرسمية وهناك ملايين من العمال دون عقود عمل تحفظ لهم حقوقهم في مواجهة أصحاب العمل مما يفقدهم حقهم في التأمين الصحي والضمان الاجتماعي الذي يؤمن لهم ولأسرهم حياة كريمة، ولا سيما إذا كان هناك عائل وحيد للأسرة يعمل بصورة غير منتظمة، وفي حالة إصابته أو تخلفه عن عمله لأي سبب تفقد الأسرة أي مصدر دخل، خاصة وأن قطاعا كبيرا من العمالة غير المنتظمة هو من العمالة اليومية.
ولفت عضو تنسيقية شباب الاحزاب الى ان الحكومة قامت ببذل مجهودات كبيرة في إطار تحفيز القطاع غير الرسمي على الاندماج في منظومة العمل الرسمية ورعاية العمالة غير المنتظمة كأحد مكونات الاقتصاد غير الرسمي لافتا إلى أن تلك الجهود أسفرت عن دمج نحو 438 ألف شركة ومؤسسة في القطاع الرسمي وتوسيع نطاق الرعاية الصحية والاجتماعية للعمالة غير المنتظمة حيث استفاد عدد 21 ألف عامل من الرعاية الصحية تسعى الحكومة المصرية جاهدة لضم الاقتصاد غير الرسمي إلى الاقتصاد الرسمي لضمان حقوق الدولة والمواطنين بما من شأنه أن يسهم بنسبة كبيرة في زيادة الحصيلة الضريبية، مما يؤدي إلى تعظيم الإيرادات العامة للدولة وتمويل التنمية والتطوير وتحسين الخدمات الأساسية المقدمة من الحكومة إلى المواطنين، وأيضا يؤثر إيجابيا على تقليص عجز كلا من الميزان التجاري وميزان المدفوعات.
وتطرق الاقتراح برغبة إلى عرض أهم المبادرات التي قامت بها الدولة في هذا الشأن والتى تمثلت فى مشروع التعداد الاقتصادي، أطلق الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء مشروع التعداد الاقتصادي للمنشآت بهدف رصد مدخلات ومخرجات كافة الأنشطة الاقتصادية وكذلك وثيقة أمان للتأمين على الحياة تحت اسم " أمان" للعمالة غير المنتظمة ويمكن للعمال شراء هذه الوثيقة بأنفسهم، كما يمكن لأرباب العمل شراءها وتقسيط قيمتها عبر خصم نسب محدودة من أجور العمال، وهذه الجهود من المرجح أن تخفف من عبء العمل غير المستقر إلا أنها لن تقضي على عواقبه السلبية بالكامل كما تضمنت الجهود خطة الدولة لتعزيز الشمول المالي والتحول للمجتمع الرقمي وتجلت خطوات تنفيذ الخطة من خلال إنشاء المجلس القومي للمدفوعات وذلك بهدف دمج أكبر عدد من المواطنين في النظام المصرفي، وضم القطاع غير الرسمي إلى القطاع الرسمي وتخفيض تكلفة انتقال الأموال وزيادة المتحصلات الضريبية.
وعرض النائب فى الاقتراح برغبة بعض التجارب الدولية التي يمكن الاستفادة منها في هذا الشأن ويأتي في مقدمتها تجربة المملكة المتحدة التي اعتمدت على آلية الدفع الإلكتروني أو المعاملات غير النقدية والتي أثبتت نجاحها في الحد بشكل كبير من الاقتصاد الموازي، كما قامت بإنشاء برامج تدريبية متخصصة لتنمية قدرات العمالة التي تعمل خارج إطار الاقتصاد الرسمي وتوجيههم في مشروعات ذات إطار قانوني سواء كانت حكومية أو خاصة وتجربة بولندا التي اعتمدت على العامل التكنولوجي في مواجهة الاقتصاد غير الرسمي من خلال العمل على رفع درجة التعامل الإلكتروني، وزيادة الوعي بأهمية التكنولوجيا، كما أدت زيادة المدفوعات الإلكترونية بنسبة 10% خلال 4 سنوات إلى انخفاض في نسبة الاقتصاد الخفي بنسبة % 5 واشار ايضا تجربة المكسيك حيث قامت الدولة بمواجهة هذه الظاهرة من خلال إنشاء صندوق الترقية من أجل التنمية الإقليمية والشغل والذي يهدف إلى خلق فرص عمل ومساعدة المزارعين من النساء والشباب وتم إنشاء الصندوق البلدي للتنمية الاجتماعية والذي يهدف إلي تمويل العمليات مثل رصف الطرق والشوارع وصيانة الوحدات العلاجية وتم العمل على محاربة الفساد عن طريق اتخاذ إجراءات وسياسات صارمة ومنها تخفيض الرسوم الجمركية لإزالة دوافع التهرب الضريبي.
وقدم النائب عددا من الحلول المقترحة تضمنت النظر في المواد الدستورية والقانونية والقرارات المختلفة الصادرة من الأجهزة المعنية الخاصة بشؤون وأحوال وحقوق العمالة غير المنتظمة بالإضافة الى رصد واقع تلك الفئة بأرقام وبيانات دقيقة تمهيدا لصياغة مبادرات فعالة لدمج العمالة غير المنتظمة في قوة العمل الرسمية، بما يقدم حلول جذرية للمشكلة بالإضافة الى تطوير منظومة تدريبية تسهم في إعداد وتأهيل العمالة غير المنتظمة لتسهيل دمجها في المشروعات المختلفة بما يتناسب مع ما تهدف إليه رؤية 2030 فيما يتعلق بالعامل البشري.
وطبقا لتقرير اللجنة فإن الدكتور محمد سعفان وزير القوى العاملة وأوضح أن العمالة غير المنتظمة أكثر الفئات هروبا من تسجيل البيانات الخاصة بها، لذا تم التعامل مع هذه الفئة من خلال أساليب وإجراءات مختلفة مضيفا تم صرف منحة إلى نحو ما يقرب من خمسة ملايين شخص و تمثل نسبة العمالة غير المنتظمة فيها نحو 15% وتم عمل حملة على المناطق الجديدة والتي توجد بها مشروعات قومية مثل مدينة العلمين وجمع بيانات عن الأعداد الموجودة من العمالة والتى تصل إلى نحو 60 ألف عامل، وتم إرسال لجنة مشكلة من إدارات العمالة غير المنتظمة والتدريب المهني والتشغيل من أجل خدمة هذه العمالة وتسجيلها من خلال مصلحة الأحوال المدنية، وتم تسديد كافة المبالغ الخاصة بنفقات استخراج البطاقة وقياس المهارة.
وأشار وزير القوى العاملة إلى أنه يوجد في العاصمة الإدارية نحو 500 ألف عامل تم عمل بوليصة تأمين لهم على الحياة وضد العجز الجزئى والكلى بتعويض يصل إلى 100 ألف جنيه، مقابل اشتراك سنوي يبلغ 60 جنيه، وتحملت وزارة القوى العاملة هذه المبالغ كما تم بدء العمل بالفعل مع الشركات الكبرى والتي بها بيانات حقيقية موثقة ومنها شركة لديها 30 ألف عامل غير منتظم، وتم عمل بروتوكول مع هيئة التأمينات الاجتماعية للتأمين على هؤلاء العمال، وعقد اجتماع مع جميع الشركات، من أجل التأمين على العمال لحمايتهم وبدون تحميل العمال أية أعباء مع تقديم منح سنوية بمبلغ 500 جنيه فضلا عن وجود لائحة علاج ومناسبات في كل مديرية، وذلك كله من خلال قاعدة البيانات الموجودة في التأمينات الاجتماعية، كما سوف يتم إجراء الانتخابات العمالية في شهر مايو المقبل.
واكد وزير القوى العاملة التزام هيئة التأمينات نحو العمال المؤمن عليهم، والتي تشمل أيضا الفلاحين الذين يعملون يوم واليوم الآخر بدون عمل، وأيضا الصيادين يدخلون ضمن العمالة غير المنتظمة مضيفا سوف تقوم وزارة القوى العاملة بشراء مستشفى وتخصيصها للعمالة غير المنتظمة على مستوى الجمهورية كما تم الاتفاق مع وزير التنمية المحلية لإصدار رخص للعمال المتجولين، وإصدار تشريع يخص التعامل الضريبي مع هذه الفئات.
وأكدت اللجنة أن الطاقة البشرية تعتبر العنصر الأساسي والضروري لإحداث التطور الاقتصادي والاجتماعي، وتمثل العمالة غير المنتظمة أحد عناصر العملية الإنتاجية في مصر، مشددة على المزيد من تحرك الدولة لتضمين هذه الفئة في الاقتصاد الرسمي، وإدخالها ضمن مظلة الحماية الاجتماعية من خلال شمولهم بالتأمينات الاجتماعية والمعاشات والتأمين الصحي، ووجود معاش وحياة كريمة لهم ولأسرهم مؤكدة ان هذا الامر لن يتم دون حصر العمالة غير المنظمة على أرض الواقع، وتسجيلها واستخراج شهادات قياس مستوى المهارة وترخيص مزاولة الحرفة وتحديث بياناتهم في بطاقة الرقم القومي، تمهيدا لوضع خطة ومنظومة متكاملة للرعاية.
وذكرت اللجنة وجود عدة تحديات تتعلق بالعمالة غير المنتظمة تتمثل في الآتي غياب قاعدة البيانات لدى الحكومة فيما يتعلق بالعمالة غير المنتظمة مشددة على اهمية إيجاد وسائل أخرى لتسجيل العمالة غير المنتظمة غير اقتصارها على وسائل الكترونية مثل استمارة الكترونية أو أرقام تطبيق الواتساب، خاصة وأن هناك قطاع كبير من هذه العمالة يعاني من أمية القراءة والكتابة فضلا عن الأمية التكنولوجية.
ولفتت اللجنة إلى ضرورة التفرقة بين العمالة غير المنتظمة التي تعمل لحساب نفسها وتلك التي تعمل لدى الغير مع التركيز على الأخيرة كون العمالة غير المنتظمة التي تعمل لحساب نفسها لا يوجد لديها الحافز لتسجيل نفسها ومن ثم الخضوع للضرائب ودفع مساهمات التأمينات الاجتماعية
وأوصت اللجنة بحصر العمالة غير المنتظمة وفتح قنوات تواصل مع القطاع غير الرسمي، والاستماع إلى أصحاب المشروعات غير الرسمية ومعرفة أسباب عدم رغبتهم في تقنين أوضاعهم المنتظمة وإنشاء قاعدة بيانات تتضمن بياناتهم ومهاراتهم وتوزيعهم الجغرافي ومن ثم تطوير المعلومات والإحصائيات المتعلقة بقطاع الاقتصاد غير الرسمى.
كما أوصت بالشراكة مع المجتمع المدني في التواصل والحصر، والتدريب ووضع محفزات للتسجيل الخاص بالحصر والانتقال إلى الاقتصاد الرسمي، مثل إصدار تراخيص مزاولة مهنة والتوسع في شبكات الأمان الاجتماعي للفئات المسجلة وخفض تكلفة الانتقال إلى الاقتصاد الرسمي من خلال تهيئة بيئة تمكينية سياسية وتنظيمية تقلل من العوائق القائمة وتحمي حقوق العمال، وتزيد الفوائد التي تجنى من الانضمام إلى القطاع المنظم كما تضمنت التوصيات المطالبة بتدريب وتأهيل ورفع قدرات العمالة غير المنتظمة التي تم حصرها لإكسابهم مزيد من المهارات اللازمة لسوق العمل وإدماجهم في القطاع الرسمي وإنشاء قاعدة معلومات عن احتياجات أصحاب المشروعات والورش الحرفية من العمالة الدائمة والمؤقتة والتوسع في إنشاء حاضنات المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر ومراجعة النظم الضريبية القائمة واستحداث نظام ضريبي مبسط للمشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة