أكرم القصاص - علا الشافعي

سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 16 مايو 1805.. خورشيد باشا يرفض الاعتراف بمحضر حرره زعماء الشعب لخلعه وتعيين محمد على واليا لمصر

الإثنين، 16 مايو 2022 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 16 مايو 1805.. خورشيد باشا يرفض الاعتراف بمحضر حرره زعماء الشعب لخلعه وتعيين محمد على واليا لمصر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
توجه وفد من زعماء الشعب إلى الوالى «خورشيد باشا» فى مقره بالقلعة لإبلاغه بقرار عزله وتولية محمد على، فقال لهم: «إنى مولى من طرف السلطان العثمانى فلا أعزل بأمر من الفلاحين، ولا أنزل من القلعة إلا بأمر من السلطنة»، حسبما يذكر عبدالرحمن الرافعى فى الجزء الثانى من موسوعته «تطور نظام الحكم فى مصر»، وكان ذلك يوم 13 مايو 1805، حيث اجتمع وكلاء الشعب من العلماء ونقباء الصناع فى دار المحكمة الكبرى «بيت القاضى» لليوم الثانى، واحتشدت الجماهير فى فناء المحكمة وحولها يؤيدون وكلاءهم، وأجمعوا على عزل خورشيد باشا، وتعيين محمد على واليا، وعندئذ، قاموا وانتقلوا إلى دار محمد على لتنفيذ قرارهم، وأبلغوه ما اتفقوا عليه.
 
يذكر عبدالرحمن الجبرتى فى الجزء السادس من موسوعته «عجائب الآثار فى التراجم والأخبار- الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة»: «ركب الجمع وذهبوا إلى دار محمد على، وقالوا له: «لا نريد هذا الباشا حاكما علينا، ولا بد من عزله من الولاية»، رد محمد على: من تريدونه يكون واليا؟ قالوا له:  «لا نرضى إلا بك، وتكون واليا علينا بشروطنا، لما نتوسمه فيك من العدالة والخير»، فامتنع أولا، ثم رضى، وأحضروا له كركا وعليه قفطان، وقام إليه السيد عمر مكرم والشيخ الشرقاوى فألباساه له، وقت العصر من يوم «13 مايوم 1805، ونادوا بذلك فى تلك الليلة فى المدينة».
 
كان الاجتماع فى دار المحكمة الكبرى هو الثانى على التوالى، وكان الأول فى 12 مايو 1805، ودعا إليه زعماء الشعب وفى مقدمتهم عمر مكرم، ووفقا للجبرتى: «اجتمع الكثير من المتعممين والعامة والأطفال، وصرخوا بقولهم: شرع الله بيننا وبين هذا الباشا الظالم، ومن الأولاد من يقول: يا لطيف، ومنهم من يقول: يا رب يا متجلى أهلك العثمانلى، ومنهم من يقول: حسبنا الله ونعم الوكيل».
 
اشتعل غضب الناس برفض «خورشيد باشا» الاستجابة لمطالب الشعب، وتهيأت الظروف لنشوب القتال بين الوالى والشعب.. يذكر الرافعى: «أخذ الوالى يحصن القلعة «مقر الحكم» ويتزود من الميارة والذخيرة، ويستعد للقتال لإخضاع المدينة وإخماد الثورة، وأخذ زعماء الشعب من ناحيتهم يعدون الوسائل لحصار القلعة، لإجبار خورشيد باشا على التسليم، فدعوا الأهالى إلى حمل السلاح، واحتشد الثائرون فى ميدان الأزبكية حتى ملأوه، واعتزم الزعماء أن يعيدوا إبلاغ الوالى قرارهم ويطلبوا إليه احترامه منعا للفتنة وحقنا للدماء، فبعثوا برسالة إلى عمر بك، وصالح قوش، وهما من خاصة مستشاريه، يذكرون فيها ما اجتمع عليه رأى الجمهور من عزل الباشا، وأنه لا ينبغى مخالفتهم لما يترتب على ذلك من الفساد العظيم وخراب الإقليم».
 
رد عمر بك، وصالح قوش، على رسالة الزعماء بأنهما يطلبان سندا شرعيا مثبتا لعزل خورشيد، فاجتمع الزعماء من جديد لتنفيذ هذا المطلب، يذكر الرافعى، نقلا عن الجبرتى:  «اجتمع الزعماء يوم الخميس 16 مايو، مثل هذا اليوم، 1805 بدار المحكمة «بيت القاضى»، وحرروا محضرا فى شكل سؤال وجواب على نحو الفتاوى التى كانت تصدر بخلع السلاطين فى الآستانة «عاصمة الدولة العثمانية»، ووقعوا على المحضر وأرسلوه إلى الوالى ومستشاريه، فلم يقتنعوا ولم يتعقلوه، واستمر الوالى على عناده، فأخذ عمر مكرم يحرض الناس على الاجتماع والاستعداد للقتال، ولبى أهالى الدعوة متطوعين حاملين ما وصلت إليه أيديهم من الأسلحة والعصى، وحمل السلاح كل قادر على حمله، واشتركت جميع طبقات الشعب فى حمل السلاح على اختلاف أعمارهم ومراكزهم وطوائفهم، وبلغ عدد الثوار أربعين ألفا حاملين الأسلحة والعصى، وكان الفقراء من العامة يبيعون ملابسهم أو يستدينون ويشترون الأسلحة».
 
فى تسليطه الضوء على دور عمر مكرم فى هذه الثورة، يذكر الرافعى: «كان بلا جدال روحها وعمادها، وكان أكثر الزعماء شجاعة وإقداما، وأول من دعا إلى محاصرة القلعة بعد أن أبى خورشيد النزول منها، والتقى يوما بعمر بك، أحد مستشارى خورشيد، فوقع بينهما جدل طويل، ومنه قول عمر بك: «كيف تعزلون من ولاه السلطان عليكم وقد قال الله تعالى: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم.. فأجابه عمر مكرم: «أولو الأمر هم العلماء وحملة الشريعة والسلطان العادل، وهذا رجل ظالم، وجرت العادة من قديم الزمان أن أهل البلد يعزلون الولاة، وهذا شىء مألوف من زمان حتى الخليفة والسلطان إذا سار فى الناس بالجور، فإنهم يعزلونه ويخلعونه».
 
ظل صراع الإرادات بين الشعب بزعمائه وبين خورشيد باشا، وشهد اشتباكات يوم 24 مايو 1805، حتى جاء إلى القاهرة فرمان من الآستانة يوم 9 يوليو 1805 بتثبيت محمد على واليا على مصر.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة