العرض الذى قدمه رئيس الوزراء وعدد من الوزراء لخطة التعامل مع الأزمة الاقتصادية العالمية، يمثل خطوة جيدة من الحكومة لعرض التفاصيل والأرقام والمعلومات أمام المواطنين، من دون تهوين أو تهويل، حتى لا يترك المجال للمغامرين وخبراء العالم الافتراضى ليمارسوا التحليلات الخالية من المنطق أو التى تثير لغطا ولا تقدم تفسيرا.
رئيس الحكومة لم يُخف الوضع بتفاصيله، وقال بوضوح ما هو معلوم للمتابعين، أن الأزمة الأوكرانية تلقى بظل ثقيل على اقتصاد العالم بصورة قد يصعب توقع تداعياتها.
وتضمن عرض رئيس الحكومة عددا من المحاور تضمنت الوضع الاقتصادى الحالى على مستوى العالم، مشيرا إلى النقاشات التى تعتبر أحيانا أن الأوضاع الحالية بمثابة أزمة محلية، بينما هى نتاج مشكلة عالمية، ورئيس الحكومة يذكر ما هو معروف بشأن الأزمة التى كان يمكن أن تكون أكثر شدة فى حال عدم نجاح الإصلاح الاقتصادى، والذى مكن الاقتصاد من الصمود فى مواجهة كورونا، ثم قلل بشكل كبير من تأثيرات الأزمة الحالية.
وكان مهما أن تذكر الحكومة الإجراءات التى تتخذها الدولة حاليا، والخطوات المقبلة، باعتبار أن هذا العرض يجعل المواطن فى الصورة من دون إخفاء أو تخويف، حتى يعى المواطنون المصريون كيفية تحرك الدولة حيال الأزمة، وأيضا مؤسسات التمويل والمستثمرون بالخارج، ورؤوس الأموال التى بالطبع تبحث عن أسواق يمكنها أن تحقق ربحا واستثمارا. وذكر «مدبولى» أن نحو 20 مليار دولار خرجت من السوق المحلى منذ بداية العام، وهو رقم يمثل ضغطا ويحتاج إلى معالجة وتعويض.
رئيس الوزراء المهندس مصطفى مدبولى، لفت إلى أن الخسائر العالمية من الأزمات قدرت بنحو 12 تريليون دولار، بالطبع هذا الرقم يتوزع عالميا، فى أزمة لم يشهدها العالم من قبل، وأن العالم ما إن بدأ يتفاءل لتخطى تأثيرات كورونا حتى وجد نفسه أمام الحرب فى أوكرانيا التى تلقى بظلالها على كل الاقتصادات فى العالم.
وأصبحت الآن الاستثمارات الأجنبية بالسالب وليس مجرد تباطؤ، وكان لذلك تأثير مباشر على حركة التجارة وتبادل السلع، حيث ذكرت منظمة التجارة العالمية أن العالم كله سيشعر بكُلفة انخفاض التجارة العالمية والإنتاج بسبب هذه الأزمة والصراع، وأن ذلك سيظهر فى تضاعف أسعار الغذاء والطاقة، بالإضافة إلى توقف انتقال السلع، وحددوا خسائر تراجع حجم التجارة العالمية فقط نتيجة الأزمة بنحو 300 مليار دولار.
ومن بين الإجراءات التى أعلنها رئيس الوزراء حزمة من الخطوات تمثل تلبية لمطالب الاقتصاد، قبل سنوات، وأيضا ضمن تمكين أكبر للقطاع الخاص، وقال رئيس الوزراء إن هذه المحاور تشمل خطوات الدولة لتعزيز نشاط القطاع الخاص والعمل على زيادة توطين الصناعات المصرية، وأن الدولة تستهدف إتاحة أصول مملوكة للدولة بقيمة 400 مليار دولار للشراكة مع القطاع الخاص المحلى أو الأجنبى لمدة 4 سنوات، وسيتم الإعلان قبل نهاية شهر مايو عن وثيقة سياسات ملكية الدولة، حيث تستهدف الدولة رفع مشاركة القطاع الخاص بنسبة 65% خلال الثلاث سنوات المقبلة، وسيتم الإعلان هذا الشهر عن وثيقة سياسات ملكية الدولة وتتضمن الأنشطة والقطاعات التى ستتخارج منها الدولة طبقا للمعايير الدولية.
الدولة ستتحول إلى نظام حق الانتفاع فى الأراضى الصناعية بلا قيود، دون النظر لتحقيق مكاسب من ثمن الأرض، ووضع حد أقصى 20 يوم عمل لإصدار تراخيص وموافقات المشروعات، وتعرض الحكومة على البرلمان مشروع قانون لإعفاء المنشآت الصناعية والتنموية التى ستنشأ فى مدن الجيل الرابع فى أنشطة معينة من الضرائب لفترة محددة.
كل هذه الخطوات تعزز عمل القطاع الخاص وتدعم المشروعات الصناعية، بجانب توفر البنية الأساسية من طرق وكهرباء وطاقة وبنية أساسية أنفقت عليها الدولة الكثير لتسهل عمل الاستثمار، وهى خطوات من شأنها أن تلبى مطالب المستثمرين، وتدعم جذب الاستثمارات الداخلية والخارجية.
كل هذه الخطوات تعزز الاتجاه نحو الاستثمارات الصناعية والزراعية والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتنعكس فى صورة فرص عمل بجانب الإعلان عن خطة واضحة لخفض الدين العام وعجز الموازنة، وإجراءات تنشيط البورصة المصرية، والاستمرار فى إجراءات الحماية الاجتماعية، وتوفير السلع الأساسية للمواطنين.
إعلان الحكومة للخطوات يضع الأمور فى نصابها، ويدعم الشفافية، ويمثل خطوة فى حوار وطنى مفتوح ومستمر للمستقبل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة