اختار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، سيدة لرئاسة الحكومة الفرنسية فى مستهل ولايته الرئاسية الثانية فى خطوة تشهدها فرنسا للمرة الأولى منذ 30 عاماً، وتأتى قبل أسابيع من الانتخابات البرلمانية التى يحاول من خلالها حزب "الجمهورية إلى الأمام" تأمين أغلبية مريحة تحول دون عرقلة قرارات الرئيس وأجندته.
وتسلمت إليزابيث بورن، وزيرة العمل فى الحكومة الفرنسية المستقيلة مهامها رئيساً للوزراء فى أول حكومة بالولاية الثانية للرئيس ماكرون الذي فاز قبل أسابيع في انتخابات شهدت وصول زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان لجولة الإعادة.
وقالت بورن التي تعد أول سيدة تترأس الحكومة الفرنسية للمرة الأولي منذ 30 عاماً في أول تصريح لها مساء الأثنين : أهدي تعينى إلى أصغر فتيات البلاد سنا .. أدعوهن إلى المضي قدماً لتحقيق أقصي أحلامهن.. أما عن أولوياتنا في الحكومة، فينبغي علينا جميعا لتحرك بسرعة وبقوة، أمام التحديات المناخية والبيئية،
ولدي تكليفها ، قال إيمانويل ماكرون: "عزيزتي إليزابيث، البيئة والصحة والتعليم والعمالة الكاملة وإحياء الديمقراطية وأوروبا والأمن ملفات يجب العمل عليها مع الحكومة الجديدة، سنواصل العمل معا بلا كلل من أجل الشعب الفرنسي".
وشغلت بورن منصب وزيرة العمل في حكومة كاستكس وهي تملك علاقات متشعبة مع النقابات العمالية، ولدت إليزابيث بورن في باريس في العام 1961 وشغلت مناصب عديدة في الإدارة العامة الفرنسية.
إليزابيث بورن
وهي متخرجة من المدرسة متعددة التقنيات المرموقة. بدأت حياتها السياسية في العام 1987 عندما انضمت إلى وزارة النقل والتجهيز قبل أن تلتحق بالمديرية الجهوية للتجهيز في منطقة إيل دو فرانس. وفي التسعينيات من القرن الماضي، شغلت بورن عدة مناصب استشارية في وزارة التربية سواء مع ليونال جوسبان أو جاك لانغ.
كما عملت أيضا بين عامي 2008 و2013 بجانب عمدة بلدية باريس السابق برتران دولانوي حيث شغلت منصب المديرة العامة للتخطيط العمراني قبل أن تغادر بعد ذلك العاصمة الفرنسية باتجاه منطقة "بواتو شارونت" لتتولى زمام هذه المنطقة التي تقع في جنوب غرب فرنسا كمحافظة.
وفي 2017، قررت الالتحاق بحزب "الجمهورية إلى الأمام" الذي أسسه ماكرون ثم انضمت في 2020 إلى حزب " الأقاليم والازدهار" الذي انشأه وزير الخارجية جان إيف لودريان دعما لماكرون.
في 2019، بعد استقالة وزير البيئة فرانسوا دو روجي، تم تعيينها في مكانه كوزيرة للبيئة. وهو المنصب الوزاري الأول الذي تقلدته فيما أسندت إليها مهمة تقليص انبعاثات الغاز بـ40 % في حلول 2030 فضلا عن تقليص نسبة الطاقة النووية المستخدمة في فرنسا، وفى منتصف 2020 ، تم تعيينها وزيرة للعمل.
وقبل أقل من أسبوعين، وتحديداً 30 مايو، تنطلق الحملات الانتخابية للجولة الأولي من الانتخابات التشريعية، المقرر انطلاقها يومي 12 و19 يونيو ، علي أن تنطلق الجولة الثانية 22 من الشهر نفسه ، وذلك لاختيار 577 عضواً في الجمعية الوطنية (البرلمان).
واعتبرت صحيفة جارديان البريطانية ، اختيار ماكرون سياسي بامتياز ، ويؤمن نسبياً فوز حزبه في الانتخابات المرتقبة ، قائلة إن القرار جاء بعد أيام من الكشف عن نتائج استطلاعات للمعهد الفرنسي للرأي العام كشف تأييد 74% من المستطلعين لتعيين امرأة في منصب رئيس للوزراء ، وهو ما أقدم عليه ماكرون بالفعل.
وأضافت الصحيفة أن مهمة بورن الأولى ستتمثل في إدارة الأحزاب والمكونات السياسية المختلفة والتي تمثل التيار الوسطي الذي ينتمي إليه ماكرون والذين يحتاجون إلى الفوز بأغلبية برلمانية في الانتخابات الشهر المقبل.
وأشارت الصحيفة إلى أن اختيار اليزابيث بورن يعزز من فرص حزب "الجمهورية للأمام" الذي ينتمي إليه ماكرون في الانتخابات التشريعية حيث يسعي ماكرون أن يكون له مطلق الحرية في الإصلاح المخطط له للمعاشات التقاعدية ودولة الرفاهية.
وتابعت : برغم تحقيق ماكرون فوز كبير في الانتخابات الرئاسية الشهر الماضي، الا انه اقر بأن العديد من الفرنسيين صوتوا لصالحه لإبعاد اليمين المتطرف فقط، وتعهد بتغيير طريقته المركزية في السياسة والتشاور بشكل أكبر، وتوسيع قاعدته.
ووفقا للتقرير، تعتبر الخلفية الشخصية لبورن في يسار الوسط حاسمة بالنسبة لماكرون، لا سيما في الفترة التي تسبق الانتخابات البرلمانية، حيث لضغوط لاستعادة ناخبي يسار الوسط في الانتخابات البرلمانية.
ومن جانبها، اعتبرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن تعيين الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون لإليزابيث بورن ، وزيرة العمل ووزيرة البيئة السابقة ، رئيسةً جديدة يأتى تماشياً مع وعده بإعطاء الأولوية للقضايا البيئية في ولايته الثانية ورغبته التي أعرب عنها منذ فترة طويلة لاختيار امرأة لهذا الدور.
وقبل أسابيع من الانتخابات التشريعية ، قالت الصحيفة إن اختيار بورن ، التي طالما اعتُبرت قريبة من الحزب الاشتراكي، هدفه جذب الناخبين ذوي الميول اليسارية الذين سيساعد دعمهم في تحديد السيطرة على البرلمان.
وأعرب ماكرون عن رغبته في تعيين امرأة كرئيسة للوزراء منذ فترة طويلة حتى الحملة الرئاسية لعام 2017. لكن فشله في القيام بذلك حتى الآن - بالإضافة إلى طاقم الممثلين الرجال فقط في الصف الأول من السلطة من حوله - كان غالبًا ما ينظر إليه كجهد غير كافى من قبل ماكرون للنهوض بمكانة المرأة في السياسة.
ومن الناحية السياسية ، يعد اختيار بورن خروجًا عن أول رئيسين للوزراء لماكرون ، وكلاهما من اليمين التقليدي ، ولكنه يأتى تماشيا مع تفضيل الرئيس للثقل السياسي الخفيف الذي لن يتفوق عليه. وقالت الصحيفة إنه تم التخلي عن أول رئيس وزراء ، إدوارد فيليب ، بعد أن أصبح أكثر شعبية من ماكرون.
واعتبرت الصحيفة أن بورن ، وهى موظفة مدنية محترفة قبل أن تؤيد ماكرون في عام 2017 حينما أصبحت وزيرة للنقل لأول مرة ، لم تشغل منصبًا منتخباً ولا يُنظر إليها على أنها ترغب فى طموحات سياسية. ومثل كاستكس ، من غير المتوقع أن تصبح بورن رئيسة وزراء قوية ، مما يترك لماكرون نفوذاً كاملاً على البرلمان إذا فاز حزبه الشهر المقبل، وفقا لنيويورك تايمز.
وأعلنت الرئاسة الفرنسية تعيين بورن بعد وقت قصير من تقديم كاستكس استقالته - وهي خطوة كانت متوقعة على نطاق واسع بعد إعادة انتخاب ماكرون الشهر الماضي.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة