أكرم القصاص - علا الشافعي

سما سعيد

العزلة.. بين المرض النفسى والإبداع!

الإثنين، 23 مايو 2022 02:36 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

منعزل أو منطوى أو تفضل البقاء بمفردك؟، كلها صفات موسومة من الآخرين لشخص يفضل البقاء بمفرده عن الخوض فى سياقات أحاديث أو صراعات فى غنى عنها، أحياناً ما يكن ذلك مؤثرا لاعتلال نفسى أو اكتئاب، ولكنه مع ذلك صفة خاصة بأشخاص يرون أن حاجتهم للاختلاء بالذات أفضل من حيث السلام النفسى.

الموضوع كبير، وله تأثير فى غاية الأهمية على السلوك الإنسانى للعديد من الأفراد، بل وقد يفسر سلوكيات بعينها وعادات يقوم بها أفراد يصابون بالعزلة والانطواء، ولذلك فالموضوع جد مهم، وتتم دراسته فى مختلف العلوم الإنسانية، كعلم النفس والاجتماع والفلسفة، فحتى سقراط عبر عن هذه العزلة بقوله "لا يستطيع العيش منفرداً إلا من كان حيواناً أو إلهاً" فما هى العزلة؟.

هناك أنواع من العزلة، من حيث إنها اختيارية أم إجبارية، فالنوع الأول الاختيارى احتمالات حدوثه عديدة، وقد ترجع أحياناً إلى السنوات الأوائل من عمر الشخص، من حيث تكوين الثقافة والمعرفة، فالخوف من الواقع واختزال العالم بأسره فى الأسرة يكون عاملا كبيرا فى تكوين تلك الشخصية الانعزالية، من حيث عدم الثقة فى الآخرين، والشك وتوقع الأسوأ منهم أيضاً، مما قد يخلق شخصية غير سوية تتعامل بحرص بأقل قدر من التعاملات الإنسانية مع الآخرين، يمكن كسر تلك الحالة ولكنها تحتاج لتدريبات عديدة وشاقة.

أما الانعزال والوحدة القائمة على الاكتئاب نتيجة الحزن الشديد أو الفقد أو الإحساس بعدم التقدير والاستماع للآراء قد يكون خطيراً فى بعض الأوقات، كل ما هنالك أن هذا الشخص يحتاج لمن يسمعه ويشعر به ويشاركه أفكاره، أشياء بسيطة، ولكنها تحتاج لشخص موثوق، وهنا نرجع لنفس النقطة السابقة.

كما نرى أن أسباب الوحدة عديدة، ويصعب حصرها، ولكن من وجهة نظرى أن الحل الأمثل لكسر تلك الانعزالية، هو المشاركة، والبحث عن صديق أو شريك أو قريب يستطيع حمل تلك الثقة، ويكون نافذة للخروج على العالم من جديد، شخص يمد يديه ليستطيع إخراج المنعزل من قوقعته مجدداً والاحتكاك بالعالم مع توقع الصدمات التى يستطيع تخفيفها عنه، وأيضاً لجعله أكثر مرونة فى الاصطدام مع الواقع، فالواقع مليء بالأزمات، ولا يمكننا الهروب عند ظهور كل أزمة أو مشكلة مجدداً .

أما فى سياقات التاريخ، فلا نجد سوى العظماء والمبدعين والمفكرين والفنانين هم أصحاب أكبر قدر من الوحدة والانعزال والانطوائية، لما يمرون به من حالات عقلية ونفسية يصعب معها التعامل والتشتيت من الآخرين، لذا فإن الوحدة على الرغم من اعتبارها فى مجتمعاتنا دليل على اعتلال نفسى، إلا أنها فى نفس الوقت تدل على الإبداع والخيال، ولكننا لا نستطيع استثمار أو تقدير مثل هذه الظاهرة الاستثنائية الفريدة، والتى تستطيع تغيير وتوجيه حركة الثقافة فى المجتمع من خلال تأثيرها الفعال والذى يتجاوز أحياناً كافة المعايير السلطوية.

فالوحدة ليست مرضا، ولا اكتئابا، هى أحياناً إبداع وصفاء نفسى، وبُعد عن الصراعات من منطلق رؤية تفاهة مثل تلك الصراعات، وأحياناً نحتاج لفهم تلك الوحدة، وليس مهاجمتها.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة