كشفت دراسة صادرة عن المرصد المصرى التابع للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن مصر تشهد مشروعات كبيرة تسهم في تنفيذ استراتيجية التنمية الزراعية 2030، ولعل مشروع "مستقبل مصر" هو أحد هذه المشروعات التنموية المتكاملة التي يتوقع أن تصل مساحتها لـ 2.2 مليون فدان تحت اسم “مشروع الدلتا الجديدة”، مستهدفًا تدعيم ملف الأمن الغذائي، وتخفيض فجوة الاستيراد من السلع الاستراتيجية، خاصة بعد أن واجهت مصر بثبات تداعيات الأزمات السابقة والتي كانت خاتمتها الحرب الروسية الأوكرانية.
وأضافت الدراسة أن مصر تعمل من خلال المشروعات القومية على تحقيق حياة أفضل للمواطنين ورفع مستواهم المعيشي، موضحة أن الدولة تقوم بالعمل على تخطيط وتنفيذ هذه المشروعات على قدم وساق في شتى المجالات، ولعل على رأس هذه المجالات التي تهتم بها الدولة وشهدت بالفعل تطورًا كبيرًا هو “القطاع الزراعي”، حيث تم تنفيذ الكثير من المشروعات الزراعية الكبرى، والتي من بينها استصلاح المليون ونصف المليون فدان، ومشروع المائة ألف صوبة زراعية، واستصلاح 20 ألف فدان غرب المنيا، وكذلك مشروع " مستقبل مصر للإنتاج الزراعي" الممتد على مساحة 500 ألف فدان، وهو أحد أهم مشروعات الدولة ضمن استراتيجيتها لتعظيم الفرص الإنتاجية الكامنة في مجال استصلاح الأراضي والإنتاج الزراعي، معتمدًا في توفير الموارد المائية على المحطات التي تم إقامتها لمعالجة مياه الصرف الزراعي.
وتابعت :"خلال افتتاحه مشروع “مستقبل مصر” يوم 21 مايو 2022، أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن حجم النمو السكاني الموجود داخل الدولة لا يتناسب مع حجم النمو الزراعي، وهذا هو السبب الذي دفع مصر لسنوات سابقة أن تستورد احتياجاتها من الغذاء، وتوفير تكاليف الاستصلاحات بحجة أن الاستيراد أقل تكلفة. ولكن الأمر اختلف بعد أن تأثر العالم واهتز نظامه الاقتصادي إثر تداعيات جائحة كورونا التي أدت إلى تباطؤ الاقتصاد والتعافي منها ببطء، مؤثرة على سلاسل الإمداد ورفع سعر الشحن، وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية التي جعلت الصورة أعمق وأكثر تعقيدًا، تبعتها موجة من التضخم لم يشهدها العالم منذ الحرب العالمية الثانية، ولم تكن مصر بمنأى عن هذه التأثيرات، فهي التي تعتمد في وارداتها على الدولتين المتصارعتين لتوفير ما تحتاجه من القمح، ولكن بات الوضع لا يحتمل الانتظار، وبرزت أهمية توجه الدولة منذ سنوات للتدخل والاستثمار في استصلاح الأراضي، وإقامة مشروعات قومية كبرى من أجل حماية الأمن الغذائي المصري ذاتيًا".
ونوهت الى أن المشروع يعد تغييرًا حقيقيًا وإضافة ملموسة للقدرات الاقتصادية الحقيقية للدولة المصرية، مؤكدة أنه بزيادة المساحة المنزرعة، سيتم توفير منتجات زراعية ذات جودة عالية وبأسعار مناسبة للمواطنين، وتصدير الفائض للخارج مما يساعد في تقليل الاستيراد وتوفير العملة الصعبة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وأشارت الى أن مصر استوردت عام 2021 قمحًا وذرة وفول صويا بكميات تقدر بـ 8 مليارات دولار، بينما نجح مشروع مستقبل مصر في موسم 2020 / 2021 في انتاج 17 ألف فدان قمح، وهذا العام وصل إلى 40 ألف فدان، أي ما يعادل 120 ألف طن، ومن المتوقع أن تتم زراعة 120 ألف فدان العام المقبل، بما يعادل 360 ألف طن قمح. مع آمال بأن يصل إجمالي إنتاج القمح من هذا المشروع فقط إلى مليون طن، لافتة الى أن المشروع يهدف إلى تحقيق التنوع الزراعي، والقضاء على تفاوت الأسعار، وتحقيق الاستقرار في أسواق المنتجات الزراعية، مستغلًا موقعه الفريد الذي يتيح له العديد من المزايا الاستراتيجية من خلال توفير الأيدي العاملة، وسهولة نقل مستلزمات الإنتاج، من بذور ومعدات ومبيدات وأسمدة، وتوصيل المنتج النهائي إلى الأسواق والموانئ.
ونوهت الدراسة الى أن مشروع مستقبل مصر يسهم في مواجهة التحديات الطارئة التي نتجت عن التغيرات الإقليمية والعالمية، وذلك في ظل اعتماد مصري كامل على عملية الاستيراد في مجال الحبوب وبنسب متفاوتة في كل سلعة، وذلك قبل أن تتحرك الدولة في مسار المشاريع العاملة في القطاع الزراعي، والتي ستقلل نسبة العجز بنسبة كبيرة للغاية، ولعل من ضمن الأخبار المؤكدة أنه من المتوقع أن تنتهي عملية استيراد السكر، بالإضافة لسلع أخرى سيقل استيرادها تدريجيا، ومنها نسبة كبيرة سيتم الاكتفاء الذاتي منها بحلول عام 2024.
وذكرت الدراسة أن إطلاق مشروعات قومية للتنمية الزراعية المتكاملة يستهدف بالأساس تحقيق الأمن الغذائي، ومواجهة متطلبات الزيادة المستمرة في تعداد السكان من السلع الغذائية، والحد من الاعتماد على استيراد السلع الغذائية الاستراتيجية خاصة في ظل ما أظهرته جائحة كورونا من أهمية قصوى للقطاع الزراعي، وهو ما يدفع الدول إلى إعادة رسم خططها في مجال الزراعة، في خطى ثابتة تتماشى مع تنفيذ استراتيجية التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030.