أبرزت الحرب الروسية - الأوكرانية التى اندلعت فبراير الماضي، أهمية ثروات وموارد القارة الأفريقية، بعد أن اعتزمت اوروبا مقاطعة الغاز الروسي وفرض الاتحاد الأوروبي العقوبات على الدب الروسي، لتتجه ببوصلتها نحو القارة السمراء التى لطالما وجد الغرب في أراضيها الغنية ضالته منذ مئآت السنين.
لقد عانت القارة الأفريقية لسنوات من النزاعات والحروب والتى قد شكلت عائقا فى كثيرا من البلدان أمام استغلال مواردها، وكان يشكل الجانب الأمنى والارهاب والجماعات المسلحة أيضا أكبر تحدٍ أمام المستثمريين للاستثمار السوق الأفريقى، واليوم تجنى بلدان القارة ثمار الصبر ويبدو أنها على أعتاب شراكة أوروبية قوية فى مجالات الطاقة.
وتتعطش أوروبا للغاز الأفريقى، ويجوب مسئوليها القارة بحثا عن امدادهم والتعويض عن الغاز الروسى، وتبحث ألمانيا- المشترى الأكبر للغاز الروسي- مؤخرا عن الغاز فى أفريقيا، حيث يجول المستشار الألماني أولاف شولتز 3 عواصم أفريقية بحثا عن ضالته وتقليل الاعتماد على الروسي وفتح آفاق جديدة للشركات الأوروبية أمام السوق الافريقى.
ومن السنغال حيث تمتلك داكار مليارات الأمتار المكعبة من احتياطيات الغاز ويتوقع أن تصبح منتجا رئيسيا للغاز في المنطقة، بدأ المستشار الألمانى جولته، ولم يخف مساعى بلاده للغاز الأفريقى، حيث قام بمباحثات معمقة مع المسئولين السنغالين، وقال خلال مؤتمر صحفى مه الرئيس السنغالي ماكي سال، "ان بلاده تسعى إلى تعزيز التعاون مع السنغال في مجالي الغاز المسال والطاقة المتجددة، مشيرا إلى أن بلاده بدأت محادثات معمقة مع السنغال حول مشاريع على علاقة بالغاز.
وأوضح شولتز أن تقدم المحادثات في هذا الإطار يصب في صالح البلدين، مشيرا إلى أن تعميق المحادثات سيتواصل على مستوى الخبراء، وقال مسؤول حكومي ألماني القول إن بلاده تسعى إلى دعم السنغال في استغلال حقول الغاز.
ونوه المستشار الألماني إلى أن بلاده "مهتمة بمشاريع الطاقة المتجددة في السنغال"، وهو الذي تعتمد بلاده في أغلب حاجياتها من الغاز على روسيا.
أما ماكي سال فأعلن استعداد بلاده تزويد أوروبا بالغاز المسال، مشيرا إلى ذلك لن يتم في ظل الشروط الحالية التي تفرضها شركات استغلال حقول الغاز في البلاد، وقال سال “على كل حال، نحن في السنغال مستعدون للعمل على تزويد السوق الأوروبية بالغاز المسال”.
وتابع سال "طلبت من المستشار الألماني مواكبتنا في تطوير موارد الغاز، من أجل إنتاج الغاز المسال في أفريقيا وتصديره إلى أوروبا، وكذلك الغاز المخصص للمحطات الكهربائية المحلية. ( gas-to-power)".
كما بادرت إيطاليا التى تعد ثانى أكبر مشتر للغاز الروسى فى أوروبا بإيجاد إمدادات بديلة للغاز الروسي، وأصبحت الجزائر أحد مصدرى الغاز إلى روما، والشهر الماضى وقّع رئيس الوزراء الإيطالى ماريو دراجي، اتفاقاً جديداً لتوريد الغاز مع الجزائر لزيادة واردات الغاز بنحو 40%.
وسافر الوزراء الإيطاليون إلى أنجولا والكونغو برازافيل، حيث اتفقوا على صفقات غاز جديدة، وتتطلّع إيطاليا إلى فرص فى موزمبيق لمحاولة إنهاء اعتمادها على روسيا بحلول منتصف عام 2023.
وتضع أوروبا آمالها على الحصول على الغاز النيجيري، بعد أن عاد الحديث عن مشروع ضخم بين الجزائر والنيجر ونيجيريا على بناء خط أنابيب للغاز عبر الصحراء الكبرى بطول أكثر من 4 آلاف كيلومتر، حيث سيوصل هذا الأنبوب الغاز عبر الدول الثلاث إلى أوروبا. ووفقًا لتقارير وسائل الإعلام، سينقل خط الأنابيب 30 مليار متر مكعب من الغاز سنويًّا بعد اكتماله، حسب مرصد الطاقة العالمي.
وتملك نيجيريا العضو فى منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) احتياطات هائلة من الغاز، وهى الأولى فى إفريقيا فى هذا المجال والسابعة فى العالم، ما يعزز فرص أسواقها ويفتح شهية المشترى الأوروبى.
وتعد فرنسا وإسبانيا والبرتغال من كبريات المشترين للغاز الطبيعي المسال النيجيري في أوروبا، البلدان التي لديها محطات للغاز الطبيعي المسال، وفي عام 2019، استوردت أوروبا نحو 108 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال، منها أكثر من 12 مليار من نيجيريا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة