سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 3 مايو 1805.. خورشيد باشا يقرأ فرمان السلطان العثمانى بتعيين محمد على واليا على جدة.. والجنود يثورون لعدم صرف رواتبهم المتأخرة

الثلاثاء، 03 مايو 2022 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 3 مايو 1805.. خورشيد باشا يقرأ فرمان السلطان العثمانى بتعيين محمد على واليا على جدة.. والجنود يثورون لعدم صرف رواتبهم المتأخرة محمد علي باشا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تواصل إضراب علماء الأزهر عن إلقاء الدروس، واستمرت دكاكين وأسواق مدينة القاهرة مقفلة لليوم الثانى على التوالى من أحداث الثورة، التى اندلعت ضد «خورشيد باشا»، فى أول مايو 1805، بسبب اعتداء قواته من «جنود الدلاة» على أهالى مصر القديمة وإخراجهم من بيوتهم، ونهب مساكنهم وأمتعتهم وقتل بعض الأهالى الآمنين، حسبما يذكر عبدالرحمن الرافعى فى الجزء الأول من موسوعته «تطور نظام الحكم فى مصر».. راجع ذات يوم، 2 مايو 2022.
 
أعطى العلماء والأهالى الثائرون مهلة لخورشيد إلى 11 مايو 1805 لإجلاء الجنود الدلاة عن المدينة.. وكان «خورشيد» يخشى من محمد على، ودوره فى تصاعد الأحداث، فسعى إلى إبعاده عن مصر، وفقا للرافعى، مضيفا:  نجح فى مسعاه إذ ورد فرمان من السلطان العثمانى بتقليد محمد على ولاية جدة، وكان الغرض من هذا التعيين، إبعاده عن مصر بأية وسيلة ولو بترقيته، ويذكر جليبرت سيونيه فى كتابه «الفرعون الأخير- محمد على»، ترجمة «عبدالسلام المودنى»، أن خورشيد نزل من القلعة، وقصد المدعى العام من أجل عقد الديوان، وقرأ أحدهم فرمان الباب العالى بمنح محمد على «باشوية جدة»، ويأمره بقتال الوهابيين المتمردين، وكان هذا الفرمان بين يدى خورشيد باشا منذ ما يقارب الشهرين، وتركه مخفيا، وأذاعه كورقة يستفيد بها لإبعاد محمد على نهائيا عن مصر.
 
يذكر الرافعى تفاصيل أكثر حول هذه المسألة، قائلا: «أرسل خورشيد إلى محمد على يستدعيه إلى القلعة ليسلمه هذا الفرمان، ويخلع عليه خلعة الولاية الجديدة، لكن محمد على أدرك ما فى هذا التعيين من الدسيسة، وخشى الغدر به إذا هو صعد إلى القلعة، فأرسل ينبئه بأنه مستعد لتلقى أمر التعيين فى أى منزل يختاره الوالى، فغضب خورشيد باشا من هذا الجواب، وكاد الأمر يستفحل لولا تدخل الشيوخ، فاتفقوا على أن يكون الاجتماع فى منزل سعيد أغا، وكيل «دار السعادة» وصديق محمد على، فرضى خورشيد مرغما، وذهب فى الميعاد، 3 مايو، مثل هذا اليوم، 1805، إلى دار سعيد أغا بالأزبكية، وأمر بتلاوة الفرمان القاضى بتعيين محمد على واليا لجدة، وكان ذلك بحضور علماء المدينة وكبرائها، ولما انتهى الاجتماع خرج محمد على إلى داره فرحا مبتهجا، وعاد الوالى إلى القلعة بعد أن كاد الجنود المطالبون برواتبهم المتأخرة يفتكون به، ولم ينل خورشيد باشا من وراء هذه الدسيسة سوى الخيبة والفشل، وزادت مرتبة محمد على بتقلده الولاية، دون أن يبتعد عن الميدان أو يذهب إلى جدة».
 
يرى «سيونيه» أن محمد على كان يعلم أن الترقية بمثابة فخ نصب له، إلا أنه قبل بمنصبه الجديد، وبدا عازما على تنفيذ ما يقتضيه ذلك، فالسلطة أضحت فى متناول يده، وما عليه إلا أن يمسك بها، وأن يتأكد ألا أحد يستطيع نزعها منه، وإذا ما كان يتوجب عليه الذهاب للجزيرة العربية لقتال الوهابيين، فذلك سيحدث فيما بعد، أى حين يقرر متى.. يضيف «سينويه»، أنه بعد أن رفعت جلسة حفلة التعيين، أخذ الباشا الجديد يهم بالعودة إلى بيته حتى تلتف حوله ميليشيات ألبانية تطالب عناصرها دوما وأبدا برواتبها المتأخرة، غير أن محمد على رائق المزاج، يشير إلى خورشيد بسبابته ويقول: «ليس لدى أية سلطة، اقصدوا سموه الحاضر معنا هنا، ودون أن يضيف شيئا يترك الاجتماع قاصدا الطريق المؤدية إلى بيته فى الأزبكية، حيث يشرع فى توزيع قطع ذهبية وفضية فى سخاء مؤثر، ومنذ ذلك الحين لم يعد الشعب ينظر لأحد سواه.
 
يضيف «سينويه» أنه فى بيت «سعيد آغا»، تتمكن الميليشيات الألبانية من خورشيد، وتتهمه مباشرة بتحويل أموال الخزينة العامة إلى مصلحته.. يؤكد: «لم يختلف اثنان من أن هذا التمرد كان من تدبير محمد على وحسن باشا الرئيس الآخر للألبان، الذى سينجح فى إبعاد الألبان الغاضبين عن خورشيد، وتمكينه من العودة إلى بيته فى القلعة، بعد أن أخذ منه وعدا بالقيام بالمستحيل من أجل دفع مستحقات الجنود المتأخرة، واستدعى خورشيد فى اليوم نفسه «المحروقى» 
والجواهرجى «جورج جرجس»، وفرض عليهما أداء مبلغ ألفى بورصة، ولكن المبلغ لم يكن إلا نقطة فى محيط، وظل التوتر يتصاعد».
 
يذكر محمد فريد فى كتابه «البهجة التوفيقية فى تاريخ مؤسس العائلة الخديوية»، أنه لما طالب الجند بصرف مرتباتهم، أحالهم محمد على إلى الوالى، الذى لم يكن بيده ما يسد به عوزهم، فصرح لهم بنهب «القليوبية»، فتفرقوا فيها ونهبوها وسبوا النساء، وباعوا الأولاد، فتغيرت قلوب الأهالى، وأبغضوا الوالى ومالوا إلى محمد على، لما كان يرونه فيه من الحزم والمساعدة، فألح العلماء والأعيان عليه بعدم السفر إلى جدة، وانتخبوه واليا عليهم يوم 13 مايو 1805، وتلك قصة أخرى.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة