تستمر قضية الإجهاض فى إثارة الجدل فى العالم، خاصة بعد أن أثارت الولايات المتحدة الأمريكية القضية وقررت المحكمة العليا التراجع عن قرار تاريخى بتشريع الإجهاض صدر قبل 49 عاما، وبذلك ستعود الولايات المتحدة إلى الوضع الذى كان ساريا قبل 1973 عندما كانت كل ولاية حرة فى أن تسمح بالاجهاض او أن تحظره، كما أثارت القضية الجدل فى أوروبا وأمريكا اللاتينية أيضا.
وتشتعل الحرب فى الولايات المتحدة بعد أن أعلن حاكم ولاية أوكلاهوما الأمريكية كيفن ستيت، عن قانون يشرع حظر الإجهاض ليصبح سارى المفعول، ويقضى القانون بحظر عمليات الإجهاض منذ التخصيب ويسمح للمواطنين بمقاضاة من يساعدون النساء على إنهاء الحمل.
ووفقاً لنص القانون فإن تعريف الإجهاض لا يشمل "استخدام أو وصف أو توفير أو بيع حبوب أو أى نوع من وسائل منع الحمل، أو وسائل منع الحمل الطارئة".
وكان كونجرس الولاية أقر هذا القانون فى منتصف مايو، فى وقت تستعد فيه المحكمة الأمريكية العليا لإصدار قرار ينقض حُكماً أصدرته قبل نصف قرن، واعتبرت بموجبه الحقّ فى الإجهاض مكرسا فى الدستور الأمريكي.
أوروبا
كما أن قضية الإجهاض تثير الجدل فى أوروبا، خاصة فى إسبانيا التى تتعرض لانقسام سياسى حاد بسبب إعطاء مجلس النواب الإسبانى الموافقة على تشريع الإجهاض بهدف تسهيل قيام ضحايا العنف الجنسى بمقاضاة المعتدين، وهو ما اثار الجدل حيث أن هذا التشريع سيجعل الحرية الجنسية حقا فى البلاد.
وأحدث قرار رئيس الحزب الشعبى الإسبانى، ألبرتو نونيز فييخو، بعدم التصويت ضد الإجهاض الحالي، ولا الإصلاحات التى تتبنى وزيرة المساواة، إيرين مونتيرو، إدخالها عليه، ضجة فى الحزب الشعبي، إذ تعتبر القيادية فى الحزب إيزابيل دياز أيوسو، إضافة إلى أعضاء بارزين فى ما يسمى داخل الحزب بـ"الأزناريين" ووزراء سابقين فى حكومة ماريانو راخوي، أن عدم إعطاء هذه المعركة الأيديولوجية الأهمية التى تستحقها سيعمل لصالح "حزب فوكس" فى الانتخابات القادمة.
وحسب ما نقلته صحيفة "لابانجورديا الإسبانية، فإن فييخو، الذى ينتمى إلى الجناح الأكثر اعتدالًا ووسطية داخل الحزب، قام بإعطاء توجيهات إلى أعضاء من اللجنة التنفيذية الوطنية للحزب حتى لا يتحركون ضد إلغاء قانون الإجهاض، مما أدى إلى صراع بين الحساسيات المختلفة التى تتعايش داخل الحزب.
وفى روما، تظاهر عدد كبير من الإيطاليين فى روما ضد قوانين الإجهاض الجديدة التى تقرها الحكومة فى الفترة الأخيرة، وشارك فى تلك المظاهرات مئات الطلاب والعائلات والراهبات ورجال دين، والذين رفعوا شعار "نعم للحياة.. ولا للإجهاض"، وفقا لصحيفة "7 كولى" الإيطالية.
وعلق بابا الفاتيكان، البابا فرانسيس، على تلك المظاهرات، ووجه تحية طويلة لأولئك الذين شاركوا فى تلك المظاهرات والدعوة إلى الحياة قائلا : "أشكركم على التزامكم لصالح الحياة ودفاعًا عن الاستنكاف الضميرى، والذى كثيرًا ما يُحاول الحد من ممارسته". كما أعرب عن أسفه لأنه "لسوء الحظ، حدث تغيير فى العقلية المشتركة فى السنوات الأخيرة، ونحن اليوم نميل أكثر فأكثر إلى الاعتقاد بأن الحياة هى خير تحت تصرفنا الكامل، ويمكننا أن نختار التلاعب أو الولادة أو نموت كما يحلو لنا، كنتيجة وحيدة للاختيار الفردي".
وقال بابا الفاتيكان "لمواجهة هذا الوضع لابد من أن نتذكر أن الحياة هى هبة من الله، إنها دائما مقدسة ومصونه ولا يمكننا إسكات صوت الضمير".
وتشير التقديرات إلى أن 7 من كل 10 أطباء فى أمراض النساء فى إيطاليا يمارسون الاستنكاف الضميرى، وهى حقيقة ذات صلة لأنها لا تتعلق بأسباب دينية بحتة، وفقا للصحيفة الإيطالية.
ويقر قانون الإجهاض فى إيطاليا، المعروف باسم "Legge 194"، بالاستنكاف الضميرى للعاملين الصحيين ويحميهم، لكنه يتطلب أن تضمن الهياكل عددًا كافيًا من الموظفين لإجراء عمليات الإجهاض.
أما فى النمسا، فوفقا لأحدث التقارير فإن هناك حوالى 100 حالة إجهاض فى اليوم، وقال دوريس ويرث نائب رئيس رابطة الأسرة الكاثوليكية فى النمسا، أن حالات الإجهاض يتم تسجيلها بشكل منتظم فى ألمانيا.
ويحق للنساء الإجهاض فى النمسا بدون ابداء أى أسباب إذا لم يتجاوز عمر الجنين (16 أسبوعاً) وتتحمل النساء نفقة عملية الإجهاض إذا لم يكن هناك سبب طبى للعملية، ولا يتم الكشف عن المعلومات الشخصية لعدم وجود رسالة للتأمين الصحى أو مؤسسات أخرى.
أمريكا اللاتينية
أما فى أمريكا اللاتينية، فهناك انقسام واضح حول الإجهاض، ففى المكسيك أيدت المحكمة العليا قانون يسمح بالإجهاض دون إذن للمراهقين، حيث سيتمكن المراهقون الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و 17 عامًا من ضحايا الاغتصاب من الإجهاض دون موافقة والديهم،وفقا لصحيفة "لا اكسبانثيون" المكسيكية.
ورفضت الوكالة الطعون القانونية التى قدمتها سلطات ولايتين فى البلاد. وهو يؤيد القاعدة ويعلن أن اللائحة التى أملتها الحكومة فى عام 2009 دستورية، ويجوز للقاصر المتضرر أن يطلب الإجراء تحت القسم لقول الحقيقة ودون الحاجة إلى أمر من المحكمة.
وجادلت الدول التى طعنت فى بعض التعديلات التى أُدخلت على اللائحة فى عام 2016 أنها غزت الولاية القضائية للولاية فى المسائل الجنائية وتدخلت فى حقوق الوالدين، وفى حالة القاصرين دون سن 12 عامًا، فإنهم يطلبون تصريحًا من والديهم.
وفى السياق نفسه، قامت ثمانى ولايات من أصل 32 فى البلاد بإلغاء تجريم الإجهاض، وكانت العاصمة الأولى فى عام 2007، وآخرها، جيريرو، قبل أسبوع.
وفى سبتمبر 2021، أعلنت المحكمة أن قوانين الولاية التى تجرم الإجهاض غير دستورية، وبالتالى فهى تسمح بذلك بحكم الواقع فى جميع أنحاء البلاد.
فى أمريكا اللاتينية، يُعد قطع الحمل أمرًا قانونيًا فى أوروجواى وكوبا والأرجنتين وجيانا وكولومبيا، فى حين أن السلفادور وهندوراس ونيكاراجوا والجمهورية الدومينيكية وهايتى لا تسمح بذلك تحت أى ظرف من الظروف.
وفى كولومبيا، قالت صحيفة "الباييس" الإسبانية أنه لا تزال العديد من النساء فى كولومبيا يشترن حبوب الإجهاض الغير قانونى فى البلاد وكأنها "علكة"، حيث يتم بيعها عبر الشبكات الاجتماعية والباعة الجائلين.
وتدخل كولومبيا من دول مثل الإكوادور أو بيرو، ويقوم الباعة الجائلون ببيع الدواء بين العلكة والسجائر وعبوات الرقائق. يمكن أن تصل تكلفة الحبوب إلى 250 ألف بيزو (66.40 دولارًا) فى كشك فى الشارع.
وأشارت الصحيفة إلى أنه فى فبراير الماضى، ألغت المحكمة الدستورية الكولومبية تجريم الإجهاض حتى الأسبوع الرابع والعشرين، لكن النساء لا يزال يلجأن إلى أساليب غير آمنة، مثل حبوب الإجهاض الذى يعتبر بيعه غير قانونى فى البلاد، ولكن القلق الأكبر على الفتيات اللاتى يلجأن إلى هذا الدواء سرا، خاصة وأنها أصبحت منتشرة بشكل واضح فى شوارع كولومبيا
وحذرت السلطات الصحية الكولومبية من هذه الحبوب الذى تستخدمه ملايين النساء حول العالم للحث على عمليات إجهاض فى المنزل، تعتبر فى غاية الخطورة حيث أنه فى حال حدوث مضاعفات لا يتم الإنقاذ بشكل سريع مما يؤدى إلى الوفاة فى النهاية.
وسمحت المحكمة الدستورية فى قرارها للمرأة باللجوء إلى الإجهاض لأى سبب حتى الشهر السادس من الحمل، ولم يكن مسموحاً بالإجهاض إلّا فى حالات الاغتصاب، أو إذا كانت صحة الأم معرضة للخطر أو فى حال تبين أن الجنين يعانى تشوهاً يهدد حياته، بحسب حكم صدر عام 2006 عن المحكمة، ونصّ كذلك على الاستنكاف الضميرى لأطباء يرفضون القيام بعمليات إجهاض.
وكشفت منظمة "من أجل حياة المرأة" البرازيلية، أن مليون امرأة برازيلية تجهض كل عام، لكن 2000 فقط من النساء ينجحن فى القيم بها بشكل قانونى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة