منذ أن أعلنت روسيا تنفيذ عمليات عسكرية على الأراضي الأوكرانية، في 24 فبراير 2022، استغل تنظيم داعش الإرهابي هذه الحرب التى اندلعت في شرق أوروبا، ومن شأنها إضعاف الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب، ومع غياب الضربات الجوية الروسية في سماء سوريا لانشغال موسكو بالحرب على كييف، استغل التنظيم تكثيف عملياته ضد الجيش السوري.
وأظهر "داعش" شماتة واضحة في طرفي الحرب، واعتبر ذلك بمثابة "عقاب إلهي" و"سنة كونية"، وذروة انقسام للتحالف الدولي لهزيمة "داعش" بقيادة الولايات المتحدة وجبهة استنزاف لروسيا التي تدخلت في سوريا عام 2015 ضد "داعش" وغيره من التنظيمات، من خلال الضربات الجوية المكثفة التي شهدت انخفاضاً ملحوظاً منذ بدء الحرب الأوكرانية.
وخصصت صحيفة "النبأ" الأسبوعية الناطقة باسم "داعش"، إحدى مقالاتها الافتتاحية للحديث عن الحرب التي اندلعت أواخر فبراير (شباط) الماضي بوصفها "صليبية - صليبية".
وأعلنت وزارة الدفاع السورية أن هجوما إرهابيا استهدف حافلة مبيت عسكرية في بادية تدمر بريف حمص الشرقي.
و استهدف الهجوم حافلة بمنطقة متداخلة في البادية بين محافظتي دير الزور والحسكة، ما أسفر عن مقتل 15 عسكريا سوريا وجرح 18 من بينهم ضباط.
ويرى البعض أن انشغال القوى الكبرى بالحرب الروسية الأوكرانية، سيعزز فرص صعود التنظيم في معاقله الأساسية في سوريا والعراق، لا سيما عقب إعلان "البيعة" لزعيم جديد للتنظيم وتنامي فرع التنظيم في أفغانستان المعروف باسم "ولاية خرسان".
استغلال داعش الحرب في عمليات بسوريا
قبل الحرب بين موسكو وكييف، وصلت أعداد الغارات الروسية من يناير إلى فبراير 2022 لأكثر من 674 غارة في البادية السورية على عناصر تنظيم داعش، الذى كان ينفذ هجماته السنوات الثلاثة الماضية بخلايا صغيرة تتألف من شخص إلى 5 أشخاص، لسهولة الاختباء من الطائرات الروسية وصعوبة تعقبهم.
لكن التنظيم استغل سوء الأحوال الجوية وغياب الطائرات الروسية، وشن ما بين 10- 12 داعشيا هجوما بسيارة ودراجات نارية.
والهجوم الأخير هو الأكبر من نوعه مقارنة بهجمات العام الماضي، وهو الثاني الذي شنه داعش في البادية ضد قوات النظام السوري، حيث أعلن المرصد السوري، مقتل 3 عسكريين سوريين إثر تعرض سيارتهم لهجوم في ريف حمص الشرقي.
وفي منتصف فبراير، نفذ داعش هجومين متزامنين ضد حافلتين للجيش، الأول في الطريق بين حمص وبلدة مهين، وأسقط 11 شخصا عسكريا سوريا، بينما أسفر الثاني عن مقتل عسكري وجرح 11 آخرين بدمشق، كما هاجم داعش، مطلع يناير حافلة عسكرية؛ ما أدي لمقتل 9 أشخاص في بادية شرق سوريا.
رد روسيا على عمليات داعش
من جانبه قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إن موسكو قلقة من خطط تنظيم "داعش" الإرهابي لتصدير عدم الاستقرار إلى منطقة آسيا الوسطى وروسيا.
وأضاف لافروف على هامش المؤتمر الثالث لوزراء خارجية دول جوار أفغانستان: إن "خطط داعش وداعميها لزعزعة استقرار دول آسيا الوسطى وتصدير عدم الاستقرار إلى روسيا تثير قلقا خاصا".
كما وصف تكديس عدد من الفصائل في منطقة الحدود الأفغانية الطاجيكية، والأفغانية الأوزبكية، بعلامة تنذر بالخطر.
الحرب الروسية - الأوكرانية وفرت دفعة معنوية لداعش من خلال نظره للحرب على أنها "تصفية الخصوم لبعضهم"، وهو ما دفع سريعاً لتناول نظرته للحرب من خلال وسائله الإعلامية، كما أن حال الانشغال الدولي بالحرب ستسهم أيضاً في تخفيف الضغوط والضربات التي يتعرض لها نشاط التنظيم، بخاصة في معقله السوري.
استغلال الحرب بين روسيا وأكرانيا
واستغلالا للحرب بين روسيا وأكرانيا، دعا تنظيم داعش مقاتليه إلى الثأر لمقتل قادته والاستفادة من الحرب لشن هجمات في أوروبا.
وقال المتحدث الجديد للتنظيم، أبو عمر المهاجر، في رسالة صوتية بثها التنظيم: "نعلن بعون الله والتوكل عليه بدء معركة مباركة، معركة الانتقام للشيخين أبو إبراهيم الهاشمي القريشي والشيخ المهاجر أبو حمزة القريشي".
ودعا المتحدث جميع المسلحين إلى استئناف الهجمات في أوروبا واستغلال الغزو الروسي الراهن لأوكرانيا.
وقال: "إلى كل أسود الخلافة ومقاتلي داعش في كل مكان.. إذا أصبت، اضرب بقوة لتبث الألم والرعب".
وأكد تنظيم داعش في مارس وفاة زعيمه السابق القريشي وأعلن تعيين خليفة له، وأعلن التنظيم تعيين أبو الحسن الهاشمي قائدا جديدا له.
كان أبو إبراهيم القريشي قد قتل في أوائل فبراير في عملية عسكرية أمريكية شمال غربي سوريا. وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن في ذلك الوقت إنه فجر نفسه لتجنب المحاسبة على جرائمه.
وكان التنظيم قد عين القريشي بعد وفاة زعيمه لفترة طويلة أبو بكر البغدادي في أكتوبر 2019.
وفي الرسالة الجديدة، التي لم يتسن التحقق من صحتها، أعرب المتحدث عن أمله في ألا تتوقف الحرب الروسية في أوكرانيا حتى تحرق "الصليبيين وتمزق أراضيهم".
إحباط عمليات لداعش في روسيا
ونهاية أبريل الماضي، نقلت وكالة سبوتنيك للأنباء عن جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، الإعلان عن إحباط هجوم لأحد مؤيدي تنظيم داعش في القرم.
وقال جهاز الأمن الفيدرالي، إن الهجوم الذي وصفه بالإرهابي كان يستهدف تفجير سكك حديد سيمفروبول.
وأضاف الجهاز الأمني أن الإعداد للهجوم "تم بناء على تعليمات من قادة كتيبة تتار القرم المشاركة في الأعمال العدائية ضد القوات المسلحة الروسية".
كما اعتقل جهاز الأمن الفدرالي الروسي أحد أتباع تنظيم "داعش" الإرهابي الدولي المحظور في روسيا والعديد من الدول الأخرى، كان يُخطط لشن هجوم إرهابي على منشأة لهيئة إنفاذ القانون في جمهورية "قراتشاي – شركيسيا" بشمال القوقاز الروسي.