ساهم المخرج الكبير هنري بركات فى منح سعاد حسني، البطولة من أول عمل فقد كان ظهورها السينمائى الأول في فيلم "حسن ونعيمة" عام 1959، والفيلم كان من المفترض أن يجسد دور البطولة فيه فاتن حمامة وعبد الحليم حافظ لكن بركات قرر منح الأدوار الرئيسية في الفيلم لوجوه جديدة، وبالفعل قدم سعاد حسني ومحرم فؤاد وحقق الفيلم نجاحًا كبيرًا، ووضع بذلك سعاد حسني على خريطة السينما العربية.
شاركت سعاد حسني بعد ذلك مع هنري بركات في عدة أفلام منها "ليلة الزفاف" و"الحب الضائع" عام 1970، والذي يعتبر التعاون الأخير بينهما حيث لم يعملا معًا بعد ذلك ، والسبب في القطيعة الفنية التي حدثت بينهما، أن سعاد حسني كان من المفترض أن تلعب الدور الرئيسي في فيلم "حبيبتي" عام 1974 أمام محمود ياسين، وبعد أن أخذت عربونًا عن الفيلم، قررت من دون سابق إنذار الإنسحاب من العمل، الأمر الذي أغضب هنري بركات، وإستبدلها حينها بنجمته المفضلة فاتن حمامة.
فيلم حبيبتي
يذكر أن بركات من مواليد شبرا عام 1914، والتحق بمدرسة الفرير وكان بارزًا في دراسته حيث كان من الأوائل في صفّه، وقد تمنّى أن يصبح طبيباً مثل والده. إلا أن والده رفض أن يسمح له بدراسة الطب واقترح دراسة القانون بدلاً من ذلك ، و بعد تخرّجه من جامعة الملك فؤاد الأول في القاهرة، بدأ يفقد الشغف تجاه القانون، وفي المقابل اشتعل شغفه تجاه السينما والمسرح، كما إن بركات كان يحبّ حضور السينما والمسرح كثيرًا، وقد اُشتهر بالإشارة إلى العديد من الأخطاء الفنية فقد كان يولي الكثير من الاهتمام للتفاصيل، ما جعله لا يحظى بشعبية مع الممثلين وطاقم العمل في أول وظيفة له عندما ساعد أخاه الأكبر في فيلم عنتر أفندي، بعد تلك الوظيفة الأولى كمساعد مونتير، أدرك بركات شغفه بالإخراج، وصمّم على دراسة قواعد هذا الفن وأصله. كان شقيقه الآخر يعمل في باريس، لذلك قرّر هنري الانضمام إلى أحد المعاهد الفنية هناك لكنه لم ينجح، لذلك بدأ في حضور دورات السينما الفرنسية بمفرده للتجسّس على الفصول الدراسية والتعلّم من المخرجين وأعمالهم هناك. واجه العديد من الصعوبات في الوصول إلى هذه الاستوديوهات، إلا أن إصراره في النهاية هو ما جعله المخرج الكبير الذي نعرفه الآن.
بدأت مسيرة بركات الفنية كمساعد مخرج، وقد اكتشفته وقدّمته الفنانة والمنتجة آسيا داغر أثناء بحثها عن مخرج لفيلمها الجديد. لم يكن هنري تابعًا لمدرسة فنية محددة بل أصبح هو مدرسة بحد ذاته، فمنذ أول أعماله فيلم “الشريد” أخرج أعمالًا واقعية متنوعة وأعمالًا ملحمية وأفلام الإثارة والميلودرما الهندية والمسرحيات الموسيقية وأفلام التحقيقات السياسية والأفلام الموسيقية التي كان أبطالها أشهر مطربي تلك الفترة مثل "عبد الحليم حافظ" و"فريد الأطرش" وكان له اهتمام كبير بالأدب حيث عمل على تحويل العديد من الروايات إلى أفلام وكان أشهرها فيلم "دعاء الكروان" عن رواية الدكتور طه حسين، وهو الفيلم العربي الأول الذي يترشح للقوائم النهائية لجوائز الأوسكار.
في النصف الأخير من حياته المهنية، أطلق على بركات لقب بطريرك السينمائيين (شيخ المخرجين)، ووالد السينما الرومانسية، وشاعر الشاشة الفضية، وعندليب السينما المصرية. شارك بركات في العديد من المهرجانات السينمائية في وقته، وحصل على العديد من الجوائز. نال جائزتين، وثلاث ترشيحات. فقد ترشّح عام 1958 للدبّ الذهبي في برلين عن فيلم “حسن ونعيمة”، وعام 1970 للنخلة الذهبية في برلين عن فيلم "دعاء الكروان"، وعام 1965 للنخلة الذهبية عن فيلم “الحرام”. من ناحية أخرى، فاز فيلم "ليلة القبض على فاطمة" بجائزة أفضل فيلم في مهرجان فالنسيا لسينما حوض المتوسط عام 1984. وأخيرًا، حصل هنرى على جائزة الدولة المصرية للحوافز في الفنون ورسائل المجلس الأعلى للثقافة عام 1996.
عنري بركات
هنري بركات
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة