أكرم القصاص - علا الشافعي

بيشوى رمزى

الهوية العربية وثلاثية الاستقطاب الإقليمي

الإثنين، 13 يونيو 2022 08:34 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ربما كان رهان "الشرق الأوسط الجديد"، والذي أعلنته الولايات المتحدة، منذ حقبة الرئيس الأسبق جورج بوش الإبن، يعتمد بصورة رئيسية على تقويض الهوية العربية، لصالح قوى أخرى غير عربية، سعت إلى تعزيز نفوذها في المنطقة، على حساب الدول العربية الرئيسية،  وهو ما بدا فيما يمكننا تسميته بـ"ثلاثية" الاستقطاب الإقليمي، والذي يضم لبنان، باعتبارها أحد أكثر المناطق الرخوة، والتي تحولت إلى ساحة للصراع بين القوى الإقليمية مبكرا، منذ عقود طويلة، ثم العراق، والتي أصبحت أحد أهم مناطق المنافسة، في أعقاب سقوط القبضة الحاكمة في 2003، بينما كانت اليمن بمثابة الضلع الثالث في تلك المعركة، التي استهدفت تجريدها من الهوية اللغوية، وهو ما يصب في المجمل لصالح فكرة تقسيم الدول القائمة إلى دويلات، تبقى كل منها تابع للقوى الداعمة لها.

ولعل "الثلاثية" المذكورة، ليس الوحيد، فيما يتعلق بمحاولات الاستقطاب، إلا أن الصراعات التي ارتبطت بدوله، كانت الأشرس، بينما كانت مقاومة التدخلات القادمة من الخارج ضعيفة للغاية، ربما بسبب رخاوة الأوضاع في الداخل، بسبب الانقسام الحاد على غرار لبنان، أو سقوط أنظمة قوية دامت في السلطة لسنوات طويلة، على غرار العراق واليمن، سواء بسبب الغزو الأمريكي في الحالة العراقية أو ما يسمى بـ “الربيع العربي"، في النموذج اليمنى، وهو ما ساهم بصورة كبيرة في إثراء الحالة الصراعية داخل الدول الثلاثة، إلى الحد الذى وضعها على حافة الهاوية، سواء عبر إشعال الصراعات المسلحة، من جانب، أو تأجيج الأزمات الاقتصادية والحياتية، وبالتالي إثارة نزعات التمرد داخل المجتمع، ليس فقط على الأنظمة الحاكمة، وإنما على الهوية برمتها، في ظل حملات موجهة، تهدف إلى تشويه الصورة بشكل عام.

الاستقطاب الإقليمي الحاد على الدول الثلاثة سالفة الذكر، ربما جعلها أولوية في "الأجندة العربية"، وهو ما بدا خلال السنوات الماضية، في ظل تحركات تبنتها مصر وجامعة الدول العربية، لإضفاء "هوية اللغة"، عبر زيارات متبادلة بين المسؤولين هنا أو هناك، سواء للانفتاح على كافة أطراف المعادلة السياسية في الداخل، بغض النظر عن توجهاتها، من جانب، أو تضييق فجوة الخلاف بينهم وبين محيطهم الإقليمي في المنطقة العربية، من جانب أخر، بالإضافة إلى العمل على تحويل الصراع مع القوى الإقليمية غير العربية إلى "حوار"، وهو ما بدا على سبيل المثال في "قمة دول الجوار" التي عقدت في أغسطس من العام الماضي، بحضور العديد من القوى العربية، من جانب وإيران من جانب أخر، ناهيك عن مشاركة جامعة الدول العربية، باعتبارها مظلة "الهوية" من جانب ثالث.

الأمر ربما لا يختلف بالنسبة لليمن، وهو ما بدا في زيارة رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي، إلى مصر ولقائه بالرئيس عبد الفتاح السيسي، في إطار أول جولة خارجية يقوم بها، بعد توليه منصبه، وحرصه على زيارة الجامعة العربية، ومخاطبة المندوبين الدائمين، وهو ما يمثل انعكاسا مهما لفكرة التمسك بـ"الهوية" في مواجهة محاولات الاستقطاب الإقليمي، التي تشهدها بلاده منذ سنوات طويلة، للفوز بـ"شرعية" الهوية، إذا ما وضعنا في الاعتبار حقيقة مفادها أن أول زيارة خارجية للرئيس دائما ما تكون بمثابة مرآة لتوجهاته، فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، وخريطة الحلفاء.

وهنا نجد أن ثمة مراحل عدة باتت شهدتها الهوية العربية في السنوات الماضية، بدءً من الصراع، إثر محاولات تقويضها، من قبل العديد من القوى الدولية والإقليمية، لصالح دولا غير عربية، ثم فرضت نفسها عبر الحوار في مرحلة لاحقة، وهو الأمر الذي لا ينطبق على المشهد العراقي فقط، وإنما امتد كذلك إلى الأوضاع في اليمن عبر جولات من الحوار بين أطراف الصراع شهدتها، ربما لم تسفر عن نتائج كبيرة، ولكنها تبقى في حد ذاتها نقلة نوعية هامة، في حين تحولت إلى أحد وسائل الشرعية، التي تسعى إليها الأنظمة الحاكمة، وهو ما يمثل انتصارا مهما لها، بعد سنوات من المعاناة، إثر الانغماس في الصراعات، سواء الأهلية، أو في معارك تخوضها الجيوش مع مرتزقة من هنا أو هناك، في إطار حرب دولية بالوكالة.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة