أكد الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، خلال جلسة حوار الخبراء بشأن وثيقة "سياسة ملكية الدولة"، مساء اليوم، أن هذه الوثيقة تُدشن لمرحلة جديدة للاقتصاد المصرى خلال المرحلة المقبلة، تتجه نحو تعزيز دور القطاع الخاص ليعود إلى قيادة الأنشطة الاقتصادية المختلفة خلال المستقبل القريب، مشيراً إلى أن الدولة حريصة على استيعاب مختلف الأفكار، ومنفتحة على جميع الآراء، ولذا كان الحرص على تواجد هذه الكوكبة من الخبراء والمختصين، ذوى التوجهات المختلفة، على النحو الذى يثرى الحوار المجتمعى حول هذه الوثيقة بقدر كبير.
وشهدت الجلسة عدداً من المداخلات المهمة من جانب الحضور، من الخبراء والمختصين، الذين أكدوا سعادتهم بهذا الحوار الذى يعتبرونه مبادرة تبعث على التفاؤل، وتوجها عاما مطمئنا، كما لفتوا إلى ارتياحهم لما تضمنته الوثيقة من تحديد فلسفة الدولة فى إدارة أصولها، ورؤية تعزيز دور القطاع الخاص، ودور الدولة كمنظم للمسألة، مع وجود آليات محددة للمتابعة المجتمعية للتنفيذ.
وأشاد جانب من الحضور بأسلوب إعداد الوثيقة، والذى يتمتع بطابع علمى ومنهجى، والاطلاع على تجارب العديد من البلدان الأخرى، وأشاروا إلى أهمية تحديد دور الدولة كمنظم فى عدد من القطاعات، مع العمل على تهيئة بيئة العمل لاستثمار القطاع الخاص، لتحقيق النتيجة المطلوبة.
كما أشادوا بطرح الوثيقة للحوار المجتمعى، بصورة تؤكد اهتمام الدولة والحرص على تحقيق المشاركة الفاعلة بين كل الأطراف، والاستماع لمختلف الآراء، كما أكدوا أهمية أن تتمتع الوثيقة بالمرونة فى ظل ما يتعرض له العالم من تحديات ومستجدات متلاحقة كل حين، خاصة فيما يتعلق بتحديد فترة 3 سنوات للتخارج من القطاعات المحددة، لضرورة التأقلم مع المستجدات.
وأكدوا أهمية قيام الدولة قبل التخارج من القطاعات المحددة بإنشاء الاجهزة التنظيمية الخاصة بكل قطاع، بحيث تقوم هذه الكيانات بتنظيم التعامل فيها، واشاروا إلى أن الوثيقة تدعم القطاع الخاص وتعزز دوره، بحيث يساهم فى خلق المزيد من فرص العمل وزيادة معدلات التشغيل.
كما طرح جانب من الخبراء عددا من المقترحات والآراء من واقع خبراتهم العملية فى الإدارة والاقتصاد، والتى تضمنت العديد من الأفكار الايجابية، التى يمكن أن تشكل مدخلات مهمة على مسودة الوثيقة خلال مرحلة الحوار والنقاش، قبل وضعها فى صورتها النهائية.
وفى تعقيبه على المداخلات، أكد الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، أنه فى كافة بلدان العالم، تظل الدولة متواجدة فى الاقتصاد، بنسب ليست بالقليلة، ولكن الأهم، هو الدور الذى تمارسه الدولة كمنظم ورقيب لضمان التوازن والمنافسة العادلة، لكى يظل المناخ مفتوحا للجميع.
كما أوضح أن هذا الحوار يستهدف معرفة مقترحات وآراء الخبراء لتحقيق استدامة هذا التوجه، مؤكداً أن الوثيقة هى "وثيقة حية" قابلة للتعديل، ولا يمكن أن تكون جامدة، فى ظل المتغيرات التى تحدث، ولكن دون أن يعنى ذلك أن تتغير سريعاً، فهناك أسس واضحة تحكمها، تضمن أن يكون هناك شراكة أكبر مع القطاع الخاص، وتعزيزا أكبر لدوره، لافتأً إلى أن أحد أهم الآليات لتحقيق ذلك، هو انشاء الصندوق السيادى، بشكل يحقق المرونة بعيداً عن كل الإجراءات الروتينية، بحيث ينفتح بصورة أكبر مع القطاع الخاص، فى الدخول فى اتفاقيات تمكنه من اسراع الخطى أكثر.
وأشار مدبولى إلى أنه تم وضع حد أقصى لإتمام الحوار المجتمعى حول هذه الوثيقة، ليتم اعلانها بمجرد الانتهاء، مؤكداً التطلع لمعرفة الخطوات التنفيذية التى يراها الخبراء، سواء كانت تتضمن تشريعات مطلوبة يمكن أن تدخل لمجلس النواب، لافتاً إلى أن وجود أعضاء مجلسى النواب والشيوخ يساهم بقدر كبير فى هذا الأمر، أو قرارات من الرئيس أو مجلس الوزراء يمكن اصدارها.
ولفت إلى أن الدولة تدعم تعزيز دور القطاع الخاص، كما شهد اليوم افتتاح أحد المشروعات الكبرى، بتشريف الرئيس عبد الفتاح السيسى، وكان هناك حرص اليوم على أن يقوم القطاع الخاص الذى يشارك الدولة بتقديم العرض حول المشروع، مؤكداً أننا حريصون حتى فى القطاعات التى ستستمر فيها الدولة على الشراكة مع القطاع الخاص، حيث نرى القطاع الخاص أفضل كثيراً فى الإدارة والتشغيل، وتجارب العالم تؤكد ذلك.
وأضاف رئيس الوزراء أن الدولة وضعت آليات كثيرة لموضوع التخارج، موضحاً أن التخارج لا يعنى أن الدولة تبيع أو تقوم بالخصخصة، ولكن بالعكس، الدولة قد تكون محتفظة بملكية كامل الاصل، ولكن يمنح حق ادارته كاملة للقطاع الخاص، وهذا نوع من التخارج.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولى أن دور الخبراء سيكون رئيسياً فى تحسين الصورة الذهنية لدى المواطن حول مشاركة الدولة مع القطاع الخاص، بحيث يدرك أنها لا تعنى إطلاقاً أن الدولة تبيع الأصول، أو تتخلى عن دورها الرئيسى فى اداء هذه الخدمات، وتوفير هذه السلع والمنتجات، ولكن على العكس، فالقطاع الخاص ناجح فى إدارة وتشغيل الأصول، والتى تحرص الدولة على الحفاظ عليها، والتعظيم من قيمتها، لتحقيق الهدف الأساسى وهو رضاء المواطن.
وأشار رئيس الوزراء إلى أنه مع تزايد الاستثمارات العامة التى نفذتها الدولة خلال الفترة الماضية، من أجل تعويض تراجع دور القطاع الخاص، كانت الدولة تضخ الاستثمارات، بينما ينفذ المشروعات القطاع الخاص، لافتا إلى أن 99% من كافة الاستثمارات العامة التى تم تنفيذها، قام بها القطاع الخاص، وبالتالى فهذه الاستثمارات فتحت المجال أكثر للقطاع الخاص للدخول فى المشروعات، لافتأً إلى أن الدولة حريصة كل الحرص على تعظيم دور هذا القطاع خلال الفترة المقبلة.
وفى ختام حديثه، أكد الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، أن لدينا مئات التجارب الناجحة ونحتاج جميعاً أن نتكاتف من أجل تغيير الوعى لدى المواطن البسيط، من أجل تحقيق الاستدامة لهذا الموضوع، مشيراً إلى أن الخبراء سيكون عليهم دور كبير فى تغيير الوعى، لكى يدرك المواطن مدى الاستفادة التى ستعود على البلد، وعلى المواطن بصفة شخصية، من تعظيم الاستفادة من الأصول المملوكة لها، وأن دخول القطاع الخاص وتعزيز دوره لمشاركة الدولة فى عملية النمو الاقتصادى، هو جزء يضمن الاستدامة، ولا يكون الأمر حينها مرتبطاً بحكومة ما، فمن الضرورى بناء هذا الوعى لدى الشارع المصرى، والحكومة وحدها لا يمكنها تحقيق ذلك دون مساندة الخبراء.
كما توجه مدبولى بالشكر للخبراء والمختصين، وطلب منهم النظر إلى مستهدفات هذه الوثيقة، والتمسك بدورهم المهم خلال الفترة المقبلة، لافتًا إلى أننا لا نملك رفاهية الوقت، ومن المهم الانتهاء منها فى وقت لا يتجاوز شهرين، بحيث تكون منتهية مع بداية الشهر الثالث، كى نتحرك بمنتهى السرعة، لأنه فى ظل المستجدات والتحديات الراهنة، فكل يوم يمر لا يمكن تعويضه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة